أنت هنا

آن الأوان لحوار "قتلى" طالبان.. و"لإيران دور أكبر"!
5 ذو الحجه 1428

"أثناء عملية ناجحة لقوة المعاونة الأمنية الدولية والقوات الأفغانية في قلعة موسى سقط مئات المسلحين ومن بينهم العديد من القادة وعشرات المقاتلين الأجانب بين قتيل وجريح أو أسير." [زاهر عظيمي المتحدث باسم وزارة "الدفاع" الأفغانية في مؤتمر صحفي عقد الخميس يتحدث عن مئات من طالبان قضوا في قتال في قلعة موسى الأفغانية في واحدة من أكبر العمليات التي تنفذها قوات الاحتلال الأطلسية والقوى الأفغانية التابعة لها].
مئات "قتلى" من طالبان إذن وعشرات من "أجانب" في معركة واحدة مع المحتلين وأعوانهم، فكم إذن قتل من طالبان وحلفاؤها في المعارك اليومية؟!
إن المنزعجين من إفراط بعض الفصائل العراقية أحياناً في الحديث عن قتلى الاحتلال الأمريكي في مقابل تفريط أمريكي في ذكر الأعداد الحقيقية لهم أن يتساءلوا عن هذا الإفراط الأفغاني التابع للاحتلال وأبواق الإعلام الغاضة أطرافها عنه والمسايرة له عمداً مفارقة تكاد تقطع بطرافتها جو العدوان الأمريكي والأطلسي المتواصل على أمتنا وتكسر حدة الأحداث، إذ إن عملية حسابية بسيطة يجمع فيها تلاميذ المراحل الابتدائية عدد "قتلى" طالبان من يوم شنت مقاومتها للاحتلال الأمريكي ثم الأطلسي إلى يوم معركة قلعة موسى سينتج عنها جيش هائل من قتلى طالبان يفوق بكثير ما خرصه المقدرون لحجمها ولأعدادها القتالية، وسيقود ـ أخطر من ذلك ـ إلى اعتبار أن الحركة ذات تمثيلية واسعة في الشعب الأفغاني أو على أقل تقدير تحظى بشعبية عريضة داخل الباشتون/القومية الأكبر في أفغانستان، وهذا يمنحها حقاً لأن تعتبر قوات الأطلسي ومعاونيها قوات احتلال وغزو لا رافد لها داخل الشعب الأفغاني المسلم، ويجرد هذه القوات وتوابعها من "شرعية التواجد" ولو كانت وفقاً لـ"قيم المجتمع الدولي"..
صحيفة ذي إندبندنت صدرت صفحتها الأولى قبل يومين بعنوان يقول: "براون (رئيس وزراء بريطانيا): آن الأوان للتحدث مع طالبان"، مشيرة إلى أن رئيس الوزراء البريطاني توصل إلى قناعة مفادها أن الوقت قد حان للتحدث مع حركة طالبان، ونسبت لأحد مساعدي براون الذين رافقوه في زيارته الأخيرة لأفغانستان قوله "علينا أن نسأل عمن نقاتلهم, وهل نحن بحاجة فعلية إلى قتالهم؟ وهل يمكننا التحدث إليهم؟" وبعد يوم واحد، توجه رئيس الحكومة البريطانية إلى مجلس العموم وهو يقدم خطة دعم جديدة لأفغانستان بالقول: "إذا قبلوا نبذ العنف والتزموا بالدستور واحترموا حقوق الإنسان فهناك مكان لهم في مجتمع واقتصاد أفغانستان".
حسنٌ، ولكن مع من سيتفاوض البريطانيون؟! مع الأموات؟!! إنها بالفعل مفارقة لا تومئ إلا إلى أن هؤلاء المستمرئين للكذب قد طاشت أحلامهم وضلوا في مسعاهم لقتل إرادة الأفغان؛ فعادوا من ست سنوات من العدوان بخفي حنين، وسيعودون بمزيد منها من العراق بعد أن أخفق حلمهم بتركيعه وتركيع المسلمين، إذ تتضافر الدلائل كلها على أن "الصدمة والرعب" لم تحقق إلا "الخزي والعار" للاحتلال، متى صبرت الشعوب المسلمة وصابرت وأبطلت سحر إعلامهم واستمسكت بثوابتها وقيمها ودينها وأوطانها..
ومهما تجمل براون ـ أو غيره ـ فلا يمكن أن نقرأ كلماته في مجلس العموم إلا على أنها نوع من إعلان الهزيمة، وإن بعبارة "بريطانية" لا تنقصها اللباقة، وهو إعلان حمل معه قنبلة أخرى لا تقل في دلالتها أهمية عن إعلان الهزيمة، إذ حين أعلن الرجل هزيمة الحلف مجتمعاً، دعا "دول الجوار لدعم المصالحة أكثر", وذكر إيران بالاسم، قائلاً: "إن عليها أن تبدأ في لعب دور بناء أكبر".. إن الدور الذي بذلته إيران لصالح أمريكا وبريطانيا في أفغانستان لم يكن "بناءً" بشكل كاف.. ورئيس الحكومة البريطاني ما زال يطمع في المزيد من التعاون البناء!!