أنت هنا

انقسام "الإسلاميين" في باكستان
1 ذو الحجه 1428

تدخل باكستان أجواء الاستحقاق الانتخابي وسط انقسام حاد في صفوف الإسلاميين الباكستانيين الذين يواجهون موقفاً صعباً بسبب تراجع حزب رئيس الوزراء السابق نواز شريف عن قرار مقاطعة الانتخابات البرلمانية المزمع عقدها في الثامن من الشهر القادم.
الطريق معبدة إذن لرئيسة الوزراء السابقة لأن تترأس الحكومة الجديدة، فلا المعارضة موحدة، ولا عوائق بادية من قبل النظام الحاكم، وهي تمكنت من جر الأحزاب إلى سيناريو يوسدها ولا يقصيها، والتذبذب والتردد هو عنوان المواقف الحزبية هناك، فيما "زعيمة المعارضة" تحضر نفسها للجلوس على الكرسي المعد بعناية لـ"المناضلة" الواثقة بذاتها وبقضيتها العادلة!!
ليس القيد وحده هو الذي يكبل جهود المعارضة ـ من دون حزب بوتو ـ عن أن توقف طموح القادمة مع الرياح الغربية لحكم باكستان وإنما هشاشة وضعها وعجزها عن أن تمثل بشكل صحيح رغبات الشعب الباكستاني وإخفاقها في أن تجسد ـ في قسمها الإسلامي ـ حلماً إسلامياً يستقطب قلوب وعقول أبناء هذا الشعب المسلم.
جبهة المعارضة طردت حزب الرابطة بزعامة شريف بعدما تراجع عن مقاطعة الانتخابات لكنها مع ذلك لم تحسم تماماً في كل حزب من أحزابها مسألة مشاركته المنفردة من عدمها في الانتخابات القادمة، فحزب شريف قد كان لعهد قريب منقسم على نفسه، وتحالف مجلس العمل الإسلامي المتحد بزعامة الشيخ قاضي حسين أحمد هو ذاته منقسم على نفسه بشأن المشاركة في الانتخابات، أما الإسلاميون بشكل عام فهم بين خياري الشيخ قاضي حسين أحمد زعيم الجماعة الإسلامية المكون الرئيسي لمجلس العمل الإسلامي الموحد، وجمعية علماء الإسلام بزعامة مولاي فضل الرحمن التي قررت من جانبها المشاركة في الانتخابات، والحصيلة من هذا الانقسام "الإسلامي" معروفة سلفاً وهي مزيد من الكرات توضع في سلة زعيمة حزب الشعب الموالي لكل من الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، بنظير بوتو.
سبعة أحزاب إسلامية، ستة منها لحد الآن ستقاطع وواحد سيشارك، وهم جميعاً بين خيارين أحلاهما مر، وهما المشاركة في مسرحية ستجلب بوتو للحكم أو المقاطعة والتهميش في مرحلة ستكون فيها أجندة الحكومة الجديدة "درء التطرف الذي لا يفتأ ينمو ما يعرض الجميع للخطر" مثلما جاء على لسان بوتو في مقال نشرته بصحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية صباح اليوم.
الانقسام في الموقف الإسلامي ليس جديداً، لكنه اليوم سائر بوضوح نحو الإخفاق والجميع يدرك ذلك، لكن القاطرة سائرة بلا كوابح في الاتجاه الخطأ، والنتيجة معروفة سلفاً، والسبب واضح، عجز عن استغلال الفرص السانحة والخروج بأقل الخسائر وأكبر المكتسبات.
إن الحالة ليست فريدة وليست خاصة بباكستان، والإفادة من التجارب السابقة سواء على المستوى السياسي أو الدعوي لم تزل محدودة، فيما الآخرون يسيرون بخطط مدروسة وخطى ثابتة، وأهداف واضحة، ومن المحزن أحياناً أن نقارن بين تحرك هذا وذاك وتراتبية العمل نحو تحقيق الأهداف السياسية في هذا الصف أو ذاك.. إن باكستان ـ ربما ـ على موعد مع فوز حزب طائفي يمثل إيران أكثر مما يمثل باكستان، والأحزاب التي من المفترض أن تمثل أكثرية السكان بطريقها للإخفاق وإلى الحيدة عن إدراك اللحظة واستحقاقتها..