أنت هنا

النحيب الماروني: أنا أخطئ وأنت المسؤول؟!
27 ذو القعدة 1428

أخيرا،اضطر البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير،إلى شيء من الاعتراف الموارب وغير المباشر بحقيقة المسؤولية المارونية،عن خلو كرسي رئاسة الجمهورية في لبنان،من رئيس جديد،بعد مغادرة إيميل لحود قصر بعبدا،يوم24 / 11 / 2007م.فقد انتقد صفير العراقيل التي يضعها الطرفان المتصارعان سياسيا،وهما الموالاة والمعارضة.
لم يملك الرأس الديني للطائفة المارونية،من الجرأة المتأخرة أصلا،ما يكفي للحديث بصدق وتسمية الأشياء بأسمائها،بل حاول إمساك العصا من الوسط،وتوزيع الأوزار بالتساوي،مع علمه بأن هنالك ظالما ومظلوما،بكل المقاييس المعتبرة،وحتى بمنطق المصلحة المارونية الضيقة نفسها!!
فهو يعلم بالضرورة،أن صاحب أكبر كتلة نصرانية في البرلمان-ميشيل عون-،هو من عرقل مرور لائحة أسماء المرشحين للرئاسة،التي وضعتها البطريركية بتفاهم مع فرنسا"الأم الحنون للموارنة تاريخيا".وصفير يعلم ما هو أسوأ،ف"عون" تصرف كمطية للشيعية السياسية،لحسابات إيرانية بحتة،عرفت كيف تستغل هوس الجنرال السابق برئاسة الجمهورية بأي ثمن.لكن صمت صفير في بداية الفراغ الرئاسي،أتاح لأنصار عون أن يستروا جريمتهم عن المجتمع النصراني،وتحميل السنيورة والحريري،وزر العقبات التي وضعوها للحيلولة دون انتخاب رئيس جديد.وزعم هؤلاء زورا وبهتانا،أن أهل السنة خطفوا الموقع الماروني الأول،ومع أن الدستور هو الذي ينص على انتقال صلاحيات رئيس الجمهورية في مثل الأحوال،إلى مجلس الوزراء مجتمعا.ومجلس الوزراء الحالي يتكون من 17 وزيرا،10 منهم نصارى،والسبعة الباقون مسلمون مع احتساب الدروز فيهم!!أي أن القرار في يد النصارى!!
ومع ذلك،لم يجرؤ فؤاد السنيورة على ممارسة صلاحيات الرئاسة مع وزرائه مجتمعين،بل ذهب خائفا إلى البطريرك يطمئنه ويعتذر إليه عما لم يفعله!!لكن المتطرف المتناقض عون اعتبر ذلك وقاحة!!-على مبدأ:رمتني بدائها وانسلت-.
إن التهميش المزعوم الذي يشكو منه نصارى لبنان،يستحق تعريته بالأدلة الدامغة،ليس لأنه وهم كاذب،بل لأنه نقيض الحقيقة كليا.ولو سلمنا به جدلا،فإن النصارى يعرفون أن من فعل ذلك فيهم،اثنان من قياداتهم السياسية،هما:الرئيس السابق لحود،والرئيس المستحيل عون،فقد كانا متصارعين سياسيا صراعا جذريا،غير أن عون بعد عودته إلى لبنان إذا به يكمل مسيرة لحود،في الانبطاح أمام الرافضة!!والموارنة يدركون،أن أهل السنة وحدهم كانوا ضحية تهميش منظم متعمد،على مدى 30 عاماـوهي سياسة راسخة للنظام السوري،شارك فيها كل من النصارى والرافضة والدروز!!بالرغم من أن السنة هم الفئة الوحيدة التي لم تكن لها عصابة مسلحة طائفية خلال الحرب الأهلية اللبنانية.
أفلم يعجز البطريرك عن جمع الساسة الموارنة المتناحرين،الذين كرروا ازدراءه مثلما فعلوا في عام 1988-1989م؟فما هو ذنب المسلمين؟
أما رفع العقيرة بما يزعمون أنه"أسلمة"لبنان،ففرية ما بعدها فرية.فالموارنة-سياسيا-يمسكون بأعلى منصب سياسي(رئاسة الجمهورية)،وأعلى منصب عسكري(قيادة الجيش)وأعلى منصب اقتصادي(حاكم مصرف لبنان المركزي)!!
وواقعيا،هنالك جامعات ومعاهد وفضائيات تنصيرية،تتطاول على الإسلام ومقدساته،صباح مساء،في حين لا توجد فضائية إسلامية واحدة!!بل إن القنوات التي يملكها منتسبون إلى الإسلام،ولا تبث غير اللهو الفارغ والمجون التافه،هي الوحيدة التي توظف أناسا من غير ملتها!!
وأهل السنة هم الفئة اليتيمة في لبنان،التي لا يقودها"رجال دين"!!
بل إن أكثر الزعامات السياسية السنية،هي ذات توجهات علمانية،أي أن ذنبها الفعلي هو ابتعادها عن دينها بدرجة أو بأخرى!!
من كل ما سبق،يمكن التأكيد أن البطريرك،لو أراد أن يصدق مع نفسه ومع"رعيته"،لوجب عليه أن يجهر بالحقيقة من دون مواربة،لأن إرضاء الظالم والمظلوم معا أمر مستحيل فضلا عن كونه غير أخلاقي!!أم أن الموارنة يتوهمون قدرتهم على حجب الشمس بغربال؟ويظنون أن الناس لا تسمع الأخبار المعلنة،عن إصرار عون مثلا على تقليص مدة الرئاسة من ست سنوات إلى سنتين،حتى بعد تنازل الأكثرية،وارتضائها تعديل الدستور للمجيء بميشيل سليمان رئيسا،وهو كان في الأصل مرشحا للمعارضة؟؟..أإلى هذه الدرجة يظنوننا مغفلين؟؟..