أنت هنا

أقباط مصر.. بين الوفاء وطاعة السفهاء !!
25 ذو القعدة 1428

قبل صعود نظير جيد إلى موقع الزعامة في الكنيسة القبطية،باسم"شنوده الثالث"،كان الأصل في قبط مصر،الجنوح إلى العيش بسلام في جوار الأكثرية المسلمة،التي طالما عاملتهم بعدالة الإسلام،فلم يكن للغلاة الحاقدين كلمة مسموعة إلا في أضيق نطاق ممكن.
غير أن غلاة القبط في أيامنا،يتهمون أجدادهم بالجبن،ويكذبون على التاريخ الموثق،ففي ظل الحملة الفرنسية على مصر والشام مثلا،كانت موازين القوى العسكرية،ضد الأكثرية المسلمة،ومع ذلك أبى أكثر الأقباط الانجرار مع عميل فرنسا"المعلم يعقوب"،ولذلك لما هزم المصريون جنود نابليون،اضطر يعقوب إلى المغادرة مع سادته في قعر إحدى سفنهم المهترئة!!
لكن الحال اختلفت تماما،واستدار الأقباط 180 درجة،منذ ظهور شنوده،المتعصب بشدة،ولا سيما في ظرف تاريخي ملتبس،كان فيه رئيس الدولة-أنور السادات- ينظر بإكبار لأمريكا حدت به أن يساوي بين تشبث أكثرية المصريين بإسلامهم،وبين النصرانية السياسية الصاعدة.
علما بأن الموروث في النصرانية منذ قرون،أنها ترفض العمل السياسي،ففي عرفهم الكنسي:
ما لله لله وما لقيصر لقيصر!!لكن شنوده تأسى بسابقيه من كهنة النصرانية الأوربية في القرون الوسطى،عندما حكموا مباشرة أو بالوساطة،واضطهدوا الناس،وقمعوا الفكر،وحاربوا العلم....ونسي شنوده أنه ليس في منطقة تتكون من أكثرية نصرانية!!
ومنذ تلك الاستكانة،ازداد القوم شراسة وضغطا،مستغلين دعم الغرب لهم لخدمة أطماعه الخاصة-بالرغم من أن كنائسه تكفرهم تاريخيا!-،وها هي منظماته الموتورة في الغرب تملأ الدنيا ضجيجا،وتقيم مأتما وعويلا،زاعمة أن المسلمين في مصر يضطهدون أقباطها.
وكل من يعرف مصر ونظم الحكم المتتالية فيها،يعلم علم اليقين أن هذا كذب بواح.
دعوا عنكم موضوع التكاثر الهائل في بناء الكنائس فوق الحاجة،وبترف يقصد به الاستفزاز،وانظروا إلى أن أكثر بذاءات نصارى العالم العربي،تأتي من أقباط –ليسوا مما يسمى أقباط المهجر-.فقد تخصص رجال دين بارزون منهم،في التطاول على المقدسات والرموز الإسلامية،فهل هؤلاء مضطهدون؟!بل لو كانوا يقيمون وزنا لما تسميه العامة"العيش والملح"وحق الجوار لما هبطوا إلى هذا الدرك!!وهنالك عشرات الكتب والمواقع على الإنترنت وعدد من قنوات التنصير،تبث هذا الباطل ليل نهار،ومع ذلك يجد هؤلاء السفهاء من الوقاحة ما يكفيهم لادعاء أنهم مظلومون،فكيف لو لم يكونوا مضطهدين-بفتح الهاء-؟
ألم تسمعوا بواحد من أثرى أثريائهم-المدعو نجيب ساويرس-يريد إقامة قناتين فضائيتين-مرة واحدة!-لنشر"قيم التسامح والتنوير"،لأن هذا الحقود الكنود،الذي لو كان في بلد يظلم الأقليات الدينية المخالفة لدين الأكثرية لما عرف إلى الغنى سبيلا،هذا الأفاق ساخط لانتشار الحجاب بين المصريات-المسلمات طبعا!!-وقيم التسامح والتنوير في عرف أولئك لم تعد في حاجة إلى تعريف،فهي تعني-باختصار-أن يتخلى المسلمون عن دينهم!!
إن سفهاء القبط اليوم هم الأعلى صوتا،والأكثر مددا،وهذا يلقي مسؤولية كبرى على عقلائهم،الذين يدركون أن الخلل في موازين القوى لا يستمر،وأن صعود الغرب ليس مؤبدا،ولذلك فليس من مصلحة القبط أن يستخفهم نفر منحطون،على حساب مستقبلهم كله.
وعلى العقلاء أن يسألوا الكاذبين باسمهم:لو أن ما تزعمونه عن ظلم الإسلام للقبط صحيح تاريخيا،فكيف بقي في مصر ملايين النصارى؟
أولا يعرف أولئك الدجالون،أن المسلمين المفطورين على العدل والإنصاف،خصوا قبط مصر بدرجة زيادة،امتثالا لقول نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم:
(إنكم ستفتحون مصر وهي أرض يسمى فيها القيراط فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة ورحما أو قال ذمة وصهرا فإذا رأيت رجلين يختصمان فيها في موضع لبنة فاخرج منها قال فرأيت عبد الرحمن بن شرحبيل بن حسنة وأخاه ربيعة يختصمان في موضع لبنة فخرجت منها)- صحيح مسلم ج 4 ص 1970.

ألم يطلق القبط على فترة حكم الرومان النصارى"عصر الشهداء"لكثرة من قتله الروم منهم،لخلافهم في العقيدة النصرانية،في حين عرفوا العدل،وذاقوا طعم الكرامة في ظل الإسلام فحسب؟
ألا يعلم هؤلاء أن المسلمين ليسوا كإخوان القبط من النصارى،ممن لم يدخلوا بلدا إلا استأصلوا مخالفيهم في الدين أو اللون؟
إن معاملة كريمة من قبل المسلمين للأقباط على مر التاريخ وشعبيا خلال العصور المتأخرة، وتفضيلية أحيانا على المسلمين في العهود الأخيرة، لتدعو كل قبطي أن يتحلى بقدر من الوفاء وألا يتبع سبيل مشعلي النار ومفجري الفتن.