أنت هنا

نجاد وأمريكا: حلال للحكيم حرام على العرب!!
20 ذو القعدة 1428

برغم أننا لا نعتقد أن جوهر القضية الإسلامية في فلسطين لا يمكن أن يحل عبر أنابوليس ولا آليات التفاوض التي ترعاها الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، ورغم أننا نعتقد أنه موائد المفاوضات التي جمعت أطرافاً عربية سواء مع بعضها أو مع "إسرائيل" لو وضعت فوق بعضها لبلغت عنان السماء من دون أن تفرز حلولاً حقيقية للوضع المأساوي الذي يحياه أهلنا في فلسطين، إلا أننا نخالف البعض في رؤيتنا للطرف الذي يقود ـ تغييباً للوعي العربي ـ ما يسمى بجبهة الصمود والتحدي، تلك الجبهة التي تضم مقاومة فاعلة كحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحركة الجهاد الإسلامي من جانب، وجهات تناضل بالحناجر من دون الممارسة كإيران، أو حين تناضل فمن أجل الذات والذات فقط كمثل ميليشيا "حزب الله" التابعة للحرس الثوري الإيراني.
عظيم أن يكون لإيران موقف مبدئي من "إسرائيل" ولو لم يجاوز حدود الكلام والخطاب الثوري، بيد أن هذه العظمة سرعان ما يكتشف زيفها وكذبها كل من يقترب حثيثاً من النار الفارسية التي هي على الدوام برداً على "إسرائيل" ولهيباً على المسلمين سواء أولئك الذين اكتووا بنارها في إيران ذاتها في الغرب والشمال حيث الأقلية الكبيرة من أهل السنة، أو نظراؤهم في العراق من الغالبية السنية التي غمدت إيران سيف بطشها في ظهورهم من خلال ميليشيات الصدر أو "بدر".
إيران حقيقة لم تمانع في عقد أنابوليس ولو كانت كذلك لكانت أمنيتها "ألا يسجل اسم السعودية ضمن المشاركين في مؤتمر أنابوليس" على حد ما نقل عن نجاد قبيل عقد لقاء أنابوليس بساعات ـ لا تكفي بالطبع للاعتذار ـ قد حملتها على أن تبذل جهداً مكافئاً للضغط على الجارة الحليفة سوريا لحرفها عن الحضور إلى الولايات المتحدة والجلوس على مائدة مع الكيان الصهيوني، فيما الجميع يدرك سلفاً أنها ليست مفاوضات أو مؤتمراً ينتج عنه تنازلات من الجانب الصهيوني، ولكانت تمنت ألا يسجل اسم سوريا من بين الحاضرين!
لكن بعيداً عن الدبلوماسية التي قد تكون حكمت الموقف الإيراني على فرضية حسن الظن؛ فإن إيران لا يمكنها في هذا الوقت إيجاد تبرير لصمتها المطبق عن زيارة عبد العزيز الحكيم رئيس ما يسمى بالمجلس الأعلى الإسلامي العراقي إلى الولايات المتحدة للتنسيق مع واشنطن بخصوص العراق.. ففيما كانت الوفود العربية قافلة من الولايات المتحدة كان عبد العزيز الحكيم يأتي في أعقاب ترتيبات وصفت بالناجحة في العراق بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران واللتين تديران مباحثات مباشرة في العراق بشكل علني منذ أكثر من عام.
وحيث قضت الوفود العربية يوماً واحداً في ميريلاند فإن الحكيم سيمضي عدة أيام في واشنطن على رأس وفد شيعي رفيع المستوى للتباحث مع الرئيس الأمريكي والمسئولين الأمريكيين حول العراق، وكيفية تحقيق التناغم بين الإرادتين الإيرانية والأمريكية في العراق، حيث الحكيم وحزبه يتمتعان بمزية فريدة تؤهله للعب دور تقاربي كبير بين إدارتي طهران وواشنطن، وهي علاقته الوثيقة بكل من النظامين الحاكمين في إيران والولايات المتحدة.. وفي وقت بدت مواقف مشجعة من الولايات المتحدة تجاه الملف النووي الإيراني وتراجعاً عن الوعود التي لوحت بها للبسطاء من ساسة سنة العراق لجهة التقارب معهم؛ فإن المرحلة الجديدة ترهص بما هو أكبر من أن يناله الرئيس الإيراني بنقد.
وإلا فلماذا يتمنى الرئيس الإيراني ألا يسجل اسم السعودية في أنابوليس ويحفر مندوبه الحكيم اسمه على جدران الحجرة البيضاوية في عقر دار "الشيطان الأكبر"؟!