أنت هنا

حول الإساءة ودفعها بين رسوم السويد ومؤتمر الخرطوم
4 ذو القعدة 1428

إذا ما قيس حجم الإساءة المتكررة للإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم وكتابه المبارك؛ فهي بلا جدال أكبر من حجم ستوكهولم العاصمة السويدية التي تناوش المسلمين من جديد في شأن أغلى إنسان عاش على وجه البسيطة، وتتعدد إساءاتها، حتى تستدعي ردات الفعل وتتسولها إذا ما استبطأت الرد الإسلامي عليها؛ فالعدوان مسؤولية تضامنية بين دول صليبية ارتأت أن تكون في صدارة الإساءة أو تكون حذو الكتف بالكتف ككفار قريش إذ تواعدوا على قتل النبي بضربة واحدة يلتئم فيها أربعون سيفاً لأربعين شاباً ينتمون لقبائل شتى، حيث الخسة صنيعة الدنمارك والسويد وفرنسا والفاتيكان وغيرهم في حشد متكاتف متساند يبعث شرور الصليبية من ظلمات التاريخ وصفحاته الأوروبية الشائهة.
السهام متضافرة، والرغبة جموح في تسخين الأجواء وزرع الأشواك في طريق الوادعين، أو هي نافذة إلى قلب الوجدان الإسلامي قصد إدمائه وإلى الهام المسلمة قصد خفضها والأنوف الأبية قصد كسرها ومراغمتها.
نظر رسام سويدي إلى ذاته في مرآة الإنسانية فارتدت إليه صورة كلب، فرسمها بريشة الحقد ولوحة الخسة وألوان الدناءة، ولما عادت إليه جهالته حقيرة من فرط التجاهل والازدراء من المسلمين، عاد أول من أمس ليعلن أنه سيعيد رسم صورة أشرف الخلق النبي المجتبى صلى الله عليه وسلم كهيئة الرسام هو كما تمثلت له في المرآة، ليعيد الكرة، لعل المسلمين "يتهورون" أو ينكبتوا فينقلبوا خائبين!!

كما الإساءة أكبر بكثير من ريشة الرسام البذيء بل حدود السويد وحتى القارة الأوروبية، وتمس اليهود الذين "كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله" في فلسطين المحتلة والولايات المتحدة الأمريكية؛ فإن مساعي التصدي لهذه الهجمة المسعورة تظل أكبر بكثير من مؤتمر هنا أو هناك، بل لابد أن يكون هماً يشغل كل مسلم يربطه برسول الله صلى الله عليه وسلم وثاق { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } [سورة التوبة: 128]، لكن حسب الجهود من مؤتمرات وخطب ومحاضرات وندوات وكتب أن تذكر الغافل بحق النبي صلى الله عليه وسلم، وتشحذ الهمم وتشعل الحماسة في النفوس غضباً لله ورسوله وعرفاناً بفضل النبي صلى الله عليه وسلم، وأن تبث وعياً بخطورة المرحلة وجهود البغاة الغطاريس الذين يشعلون المعارك هنا وهناك من أجل أن تتشتت الجهود الدافعة لصليبيتهم الباغية، وتذهب مساعي الدعاة والمصلحين أدراج الرياح والمعارك المفتعلة في كل مكان، وتضرب عصفورين بحجر واحد من الإساءة، فواحد إن انصرف جهد المصلحين كله إلى دفع عدوانهم اللفظي دون السياسي والعسكري والاقتصادي والثقافي، والثاني إن فتر عزم المسلمين عن الاحتجاج وإبداء الانزعاج والغضب والمقاومة..
هدفان مرتجيان، وحائرون من المسلمين بين إبداء الغضب وكتمانه، وبين الاحتجاج والاقتصار، ولأجلهم يلتئم الجمع المبارك في الخرطوم اليوم لبحث قضية الإساءة، وبحث قضية الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم، والتعريف به، الذي بدوره خطا خطوات وثابة ورائعة من غير ما جهة مسلمة عن تنسيق أو غير، للتعريف بالنبي صلى الله عليه وسلم للعالمين وإدارة السهم إلى نحور مطلقيه.. أوليس محمداً صلى الله عليه وسلم هو نبي المسلمين جميعاً وواجب الدفاع شاملهم جميعاً؟! وحسب مؤتمر "رحمة للعالمين" اليوم أن يكمل لبنة يبنيها المخلصون لنبي هو أولى بهم من أنفسهم، وحسبه أن ينير شمعة للسائرين في دروب المنتصرين لنبيهم، وأن يدلهم على جادة الطريق وعلى منعطفاته، وأن يضمد جروح المكلومين من إساءات المبطلين بتبيان حدود الفعل وفعالية المقاومة وطرائق النصرة، لتسير القافلة بلا إبطاء أو استعجال، فشأن النخبة أن تتنادى حينما يبلغ سيل العدوان مداه، وحسبهم أن ينيروا شمعة، وتبقى المسؤولية للأمة جميعاً إذ الخرطوم ليست نهاية المطاف ولا مبتداه؛ فأمر الإساءة أكبر من ستوكهولم، ودفعها أكبر من الخرطوم..