أنت هنا

تجدد الغزل الأمريكي/الروسي.. يالطا جديدة على حساب المسلمين؟
27 شوال 1428

منذ أن تحقق الحلم الأمريكي بانهيار الاتحاد السوفياتي قبل ستة عشر عاما،عبر الأمريكيون عن مشاعر التشفي والاستعلاء نحو الروس،الذين أحالهم الرئيس السكير بوريس يلتسن من غول يخيف العم سام،ويزرع القلق في الغرب الرأسمالي كله،إلى دولة متهالكة ينهش اللصوص أركانها باسم الخصخصة،وإلى مجتمع تافه تعيث فيه المافيا فسادا،وتصبح تجارة الرقيق الأبيض أكبر صادراته إلى الخارج!!
ولما جاء فلاديمير بوتن إلى الكرملين خلفا ليلتسن،لم يحمله البيت الأبيض على محمل الجد،بالرغم من معرفتها بأنه قادم من رحم الاستخبارات الروسية،وأنه يطمح إلى استعادة دور دولي لموسكو،كوريثة لامبراطوريتين في ظل القياصرة ثم في الحقبة الشيوعية.فالركام هائل،والتركة حافلة بعناصر الخراب وأنقاض الدمار المادي والمعنوي.
وكان العدوان الروسي المتجدد على الشيشان فرصة ذهبية للأمريكيين،فاصطادوا أكثر من عصفور من دون حجر واحد،فغرق الروس في مستنقع عميق فعليا وأخلاقيا،يخدم مآربهم الاستراتيجية تماما،فضلا عن أنه أتاح لهم أن يضعوا في جيبهم صوت روسيا التي تتمتع بحق النقض في مجلس الأمن الدولي،وبخاصة منذ إرهابهم للعالم كله حكومات وشعوبا باسم مكافحة الإرهاب بعد 11 سبتمبر2001م.
وأصبح الروس مجرد شهود زور في مواجهة الجبروت الأمريكي،حتى إنهم عجزوا عن نصرة "إخوانهم"الصرب،الذين تربطهم معهم أواصر الدين-الأرثوذكسي-والعرق والثقافة-السلافيين-،عندما اضطرت واشنطن إلى لجم أطماعهم في التحول إلى شركاء فعليين في مستقبل أوربا،فقد سكت الغرب كله عن هؤلاء المجرمين لما كان دورهم القذر في حدود ذبح المسلمين،والحيلولة دون إقامة دولة لهم في البلقان!!
أما في المنطقة العربية،فقد بلغ الانحدار بورثة القياصرة،إلى حد تسول تل أبيب،لكي تسمح لهم بالمشاهدة لا أكثر،ولطالما جعلتهم مسخرة تثير ضحكا يبكيهم لفرط مرارته.
وكم قضمت واشنطن محيط روسيا في جورجيا وأوكرانيا وأوزباكستان وكازاخستان وتركمانستان،ناهيك عن دول البلطيق وبولندا وسائر البلدان التي كانت تدور في فلك موسكو في ظل حلف وارسو البائد.
وقد تابع الناس في الأشهر الأخيرة أنباء الخطط الأمريكية لتوسيع درعها المضادة للصواريخ الاستراتيجية لكي تغطي التخوم الأوربية الغربية المباشرة لروسيا،بذريعة التصدي الوقائي لما تزعم أنه خطر أسلحة دمار شامل ربما تمتلكها إيران مستقبلا!!
وكانت الولايات المتحدة أكبر المتحمسين-ظاهريا-لمنح إقليم كوسوفا حق تقرير المصير،الذي يعني عمليا الاستقلال عن صربيا التي تحتله منذ نهاية الحرب العالمية عندما قرر الغرب المنتصر على الدولة العثمانية مكافأة الصرب على حساب أهل كوسوفا المسلمين الألبان.غير أن الموقف الأمريكي شهد انقلابا مباغتا إذ بدأ الهمس عن تأخير الاستفتاء في كوسوفا 12 عاما بالتمام والكمال!!وسياسات الدول ليست أعمالا خيرية،فكيف بالأمريكان الذين تجاوزوا كل انحدار الغرب الميكيافيللي في تجارتهم بالقيم والمبادئ وحقوق الإنسان؟؟!!
فما دام بوش الابن على طريق الرحيل من السلطة،وثمة حاجة إلى موسكو لمساعدته في ترميم آثار خطاياه في السياسة الخارجية،فإن تسديد الفاتورة على حساب مواطني كوسوفا،في مقابل تفاهم على ملف طهران النووي مثلا،يعد ضربا من السياسة النفعية الشهيرة،ولتذهب أحلام الكوسوفيين إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم!!فمن ذا الذي أجبرهم على تصديق وعود العم سام مع أن تسعة أعشار سياسته كذب بواح،والعشر العاشر كذب مبطن؟؟
أفلم يقرؤوا عن مؤتمر يالطا عام 1945 عندما التقى روزفلت وستالين وتشرشل لتقاسم العالم عشية انتهاء الحرب العالمية الثانية،بالرغم من كل ما قاله الغرب الرأسمالي سابقا ولا حقا عن ديكتاتورية ستالين ووحشيته،ومما قاله الغرب الشيوعي عن الروح الاستعمارية والنهب الأنجلوسكسوني للعالم؟؟