أنت هنا

سبتة ومليلية.. أكاذيب الأمس واليوم والغد!!
23 شوال 1428

في ظل عمليات غسل الدماغ المديدة والمتواصلة التي تقوم بها وسائل إعلام ضخمة الإمكانات وجامعات تمول بمئات ملايين الدولارات، لتزييف وعي المسلمين بخاصة والبشرية بعامة، حول حقائق الماضي–بل والحاضر-، وفي ضوء الضعف المزمن لأمتنا مصحوبا باستلاب كثير من النخب التي نخرها التغريب حتى باتت تزايد على "السادة" أنفسهم، كادت بعض البدهيات تطمس أو تغدو موضع شك في الأقل، وأبرزها أنه لا يوجد في عالمنا الحاضر بقعة أرض يحتلها غاز خارجي سوى أراض إسلامية!!

ابدأ بفلسطين السليبة وبعض ما حولها، ثم قف أمام كشمير وعرج ثالثا على جنوبي الفلبين، ثم ميانمار"بورما سابقا"فتايلند، فتركستان فالعراق وأفغانستان، وتريث أخيرا عند مدينتي سبتة ومليلية اللتين تحتلهما إسبانيا منذ خمسة قرون ليس غير!! وأضف إليهما جزر ليلى التي تعاني من الجلاد ذاته. نتكلم هنا عن الاحتلال المباشربما يعنيه في القانون الدولي"الغربي أصلا وفروعا"، ونضرب صفحا عن مؤامرات تغيير هوية الشعوب وقسرها على التنصر كما جرى في بلدان عدة في إفريقيا وآسيا، فلذلك مقام آخر لا يقل إيلاما ومرارة.

والمؤسف أن الحال العامة لهذه الظاهرة المتجاهلة، ينطبق عليها التعبير التراثي المعبر:يرضى القتيل وليس يرضى القاتل.. فبالرغم من صمت الضحية إلا من استنكار لفظي في مناسبات خطابيةتؤخر ولا تقدم، يمعن الغاصبون في استفزازها، فها هو ملك إسبانيا خوان كارلوس يزور المدينتين المغربيتين الأسيرتين، في خطوة مفضوحة ل"تثبيت"الاستعمار القديم المستمر في زمن ولى فيه الاحتلال العسكري المباشر باستثناء أراضي المسلمين التي ذكرناها من قبل. والسبب لهذه الزيارة المرفوضة منطقيا، ولاسيما مع ملاحظة أن مدريد هي ثاني شركاء الرباط اقتصاديا، يجعل الحليم حيران، فرئيس الحكومة الإسبانية الاشتراكي ثاباتيرو يسعى إلى منافسة اليمين على أصوات الناخبين في انتخابات مارس/آذار المقبل. أي أن كرامة شعب وحقوقه الأصيلة تصبح سلعة رخيصة في سوق النخاسة الداخلية في بلد آخر. وليس سرا أن سوء إدارة كثير من قيادات الأمر الواقع في ديار المسلمين مسؤولة إلى حد كبير عن هذا الانحدار، فقد ربط هؤلاء مرات مصير الأمة ومستقبل قضاياها العادلة، بنتائج الانتخابات في أمريكا أو فرنسا بل حتى في الكيان الصهيوني!!

وفي المقابل ترى العدو الغاصب موحد الصف برغم توزيع الأدوار في الشكل دون المحتوى، فالفرق بين السفاح شارون وقرينه بيريز مثلا، لا يتجاوز أسلوب الإخراج المسرحي، فالأول لا يخفي أحقاده ويعلن عن سياسة الاستئصال بلا مواربة، في حين يضع الثاني قفازات حريرية لإخفاء مخالبه. وفي الإمكان متابعة الأمثلة حتى إلى مرحلة التناغم المطلق بين المتناحرين في الغرب من علمانيين وكنسيين، بدءا من حقبة التوسع العسكري الغربي قبل قرنين من الزمان، وصولا إلى ما يجري في الشيشان وما سبقه في البلقان!!

أوليست سبتة ومليلية مغصوبتين منذ الحروب الصليبية وتوجيهات فرديناند وإيزابيلا-ملك وملكة إسبانيا الصليبيين الحاقدين-، فما الذي تبدل على مدى 500عام؟ وما الفرق بين الديكتاتور فرانكو وما تلاه من نظام ديموقراطي، وما المسافة بين غلاة اليمين وحمائم اليسار؟ ؟..

كفانا خداعا لأنفسنا وذهولا عن قول الحق عز وجل:"ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير"(سورة البقرة/الآية120) وكذلك قوله سبحانه: "والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا" (سورة النساء/الآية45).