أنت هنا

حملة إعلامية عالمية لدعم بوتو
21 شوال 1428

يبدو أن رئيسة وزراء باكستان السابقة بنظير بوتو تتحرك وحدها في الحملة الدعائية التي ينفذها خبراء متمرسون لها منذ بدأت مساعيها الطامحة إلى العودة للحكم في باكستان بدعم واضح من الخارج.
بوتو كغيرها من الزعماء والزعيمات في الدول الإسلامية يطرأ عليها فجأة تقديراً لحظياً لكتاب الله عز وجل إذا ما رغبت في أن تدعي لنفسها حباً لدين هو الجامع لكل أطياف وقوميات دول إسلامية عديدة لاسيما باكستان الذي نشأت لم تعرف إلا الإسلام مقوماً وحدوياً فريداً؛ فابتدرت حملتها الدعائية الخاصة بتقبيل المصحف وقراءة الفاتحة على أرواح القتلى في الهجوم الذي استهدفها، وقراءتها مرة أخرى عند زيارتها لقبر محمد علي جناح مؤسس دولة باكستان المعروف بمعاقرته للخمر طوال سنوات حكمه.
على أية حال، فما فعلته بوتو شنشنة معلومة من كل من أراد أن يتخذ من الإسلام سلماً لتحقيق مآربه الشخصية أو الحزبية أو الأيديولوجية من مناوئي تطبيقه وسيادته، وهذا مألوف من زعماء كلما قمعوا شعبهم التحفوا بمسحة من التدين الاصطناعية، وما من جديد في الأمر، بيد أن الجديد هو أن الحملة المصاحبة لعودة بوتو تتجاوز بكثير حملات شعبية و"تهويمات" دينية داخلية، بل تتعدى إلى مساندة واضحة هذه المرة من الإعلام العالمي وبقوة لعودة بوتو للحكم.
إطلالة سريعة على الإعلام الدولي وحتى العربي أو دراسة شاملة له كلاهما سيفضي إلى الاعتقاد بأن قوة الدفع التي تملكها بوتو مصدرها رياح غربية إعلامية شديدة التأثير في الخارج قبل الداخل الباكستاني.. إنه التآزر العلماني الغربي لدعم مرشحته لشغل منصب سيادي خطير في بلد إسلامي بالغ الأهمية وذي تأثير ممتد في رقعة جغرافية كبيرة في شبه القارة الهندية وخارجها، كل هذا في توقيت يتجمع عنده الطموح الأمريكي بتحقيق نجاح في تطويق تمرد دولي عليها بات يتعزز يوماً بعد يوم مستنداً إلى إخفاق متوالي لجهود الولايات المتحدة في مكافحة ما يسمى بالإرهاب ولجم من تدعوها بالدول المارقة، وحتى تلك التي أسفرت سياسات الولايات المتحدة في ابتعادها قليلاً عن المدار الأقرب في فلك الاستراتيجية الأمريكية من دول ما يسمى بالاعتدال.
يكفي المرور على شبكات التلفزة الأمريكية وتوابعها من الفضائيات العربية المساندة كالحرة وغيرها ثم ملاحقة وكالات الأنباء العالمية والصحف العالمية والعربية المأجورة لرصد هذا الدعم غير المحدود لتبوء السياسية العلمانية الأبرز في باكستان لمنصب رئاسة الحكومة.
في المقابل، هل نلمس دعماً مناظراً للفكرة الإسلامية وروادها في العالم الإسلامي من قبل الإعلام الإسلامي على ضعف إمكاناته، وقدراته بما يوفر لأصحابها مثل هذا الزخم من القوة والحضور؟ وهل يدرك البعض منّا أن الآخرين يجتمعون لدعم فكرة محددة وإن اختلفت أفكارهم، وتتحد أهدافهم وإن تباينت وسائلهم فتتضافر جهودهم بدلاً من أن تتنافر فيصلون إلى نهاية المطاف من أقرب طريق؟!