أنت هنا

هل يفرح الإسلاميون بفوز " العدالة " ؟!
9 رجب 1428

عبر عقود طويلة حاولت فيها العلمانية في تركيا أن تبذل كامل جهدها في ترسيخ جذورها وتغيير كل ما يمكن أن يطلق عليه " إسلامي " , وقادت علمانية أتاتورك وأحفاده من بعده حملات تغريبية منقطعة النظير على شتى المستويات – الاجتماعية والثقافية والسياسية – لتغيير منظومة القيم في المجتمع التركي بعيدا عن الإسلام .

ثم هانحن اليوم نتحدث وبكل وضوح عن انتصار حزب يعلن أن خلفيته إسلامية وأنه مستمسك بالحجاب الذي نزعه أتاتورك من على رأس المرأة التركية وحاول مع نزعه نزع جذور الإسلام من قلوب الأتراك ...
هانحن اليوم نتحدث عن فشل أتاتورك في نزع تلك الجذور التي نمت وأنبتت من جديد في قلوب كل الأتراك المسلمين في ذات اللحظة التي يغترب فيها اسم أتاتورك وتنتزع قيمه من خواصرها ..

إن المعركة ما تزال دائرة – بين الإسلام والعلمانية – سواء في تركيا أو في جميع البلاد الإسلامية التي يلمع فيها نجم الإسلام من جديد يوما بعد يوم وتقود خطوات الناخبين في كل مكان مشاعر دينية غامرة وانتماءات صادقة تجاهه .. ويبدو أنها قد أصبحت ظاهره تدعو للنظر والبحث والدراسة , لعل أعداء أمتنا قد فطنوا إليها وأزعجتهم , فباتوا يخططون نحوا من مخططات : إبادة حماس – المنتصرة برلمانيا وشعبيا – , والقضاء على ممثلي الحركة الإسلامية في مصر والأردن والمغرب وغيرها من الدول التي يبزغ فيها النجم الإسلامي برغم الخطى العلمانية المهولة على كافة المستويات .
لسنا نعتبر نموذج حزب " العدالة والتنمية " مثاليا في تمثيل العمل الإسلامي , ولاشك أن لدينا ولدى الكثيرين تحفظات على آدائه من تلك الجهة , ولكننا في ذات الوقت نذكر له أنه استطاع اختراق ذلك الصف العلماني المترابط والمدعوم من المؤسسة العسكرية القوية عبر ثلاثة أجيال متتالية , تلك المؤسسة التي لم تتوان في افتعال ثلاثة انقلابات عسكرية لتحمي ظهر علمانيتها وتحول دون وصول اسم الإسلام إلى المؤسسة الحاكمة من جديد .

الواقع الآن يقول أن الناخب التركي قد رأى نموذجا حيا من الشفافية والنظافة كان قد افتقدها في ظل حكم الأحزاب التركية العلمانية المتتابعة والتي قد أزكمت رائحة فسادها الأنوف , كما لم تعرف البلاد سياسات حكومية ناجحة للتخلّص من النسب الهائلة للتضخم والديون الخارجية، وفي ضمان استقرار الأسواق المالية والاستثمارية، وفي تطوير الأوضاع الاقتصادية اعتمادا على الطاقات الذاتية، وفي مكافحة الفساد، سوى في فترتين، الأولى لم تستغرق سوى عام واحد عندما كان نجم الدين أربكان رئيسا للوزراء، والثانية في عهد العدالة والتنمية .

المواطن في تركيا – كما هو في بقية الدول الإسلامية – يتوق إلى نماذج حكومية تشعره بالاحترام , والأمانة , والحزم في تبني اختياراته , والدفاع عنها وحماية قيمه , وثوابته , وتبني دعمها وتثبيتها , وهو ما سعى حزب أردوغان إليه عبر رفضه لغزو العراق تاره ورفضه لانطلاق القوات الأمريكية من أراضيه أو عبورها مجاله الجوي , أو عبر دفاعه عن قيمة الحجاب ونشر الثقافة العربية الإسلامية , وعودة المدارس الإسلامية الخاصة من جديد ..وغيرها

لاشك أن هناك سقطات وكبوات وقع فيها أردوغان وحزبه سواء على مستوى الممارسة السياسية أو على مستوى العلاقات الدولية , ومهما يرى البعض أن هناك قصورا في آدائه , فنحن لا نملك إلا أن نفرح بفوزه لأنه لايزال حتى الآن أقوى حائط صد في وجه غول العلمانية التركية المكلوم .