أنت هنا

ذكرى سريبرينيتسا.. أصحاب المجازر "الحضارية"!!
28 جمادى الثانية 1428

فراراً من لحظات الرعب والفزع قطعوا الوديان والجبال والهضاب.. جدوا خلفهم في طلبهم، قوات تحمل المنون وتنشر الدم وترفع رايات الصليب..
آلاف من المسلمين المستضعفين في قلب أوروبا، في هضبة تكاد تتوسط هذه القارة العجوز التي قيل إنها قد عانت الأمرين حتى تمكنت من بسط الحرية والديمقراطية في ربوعها، واختطت لنفسها طريقاً علمانياً يحصر الدين في "المعابد"، ولا يسمح له بتجاوز حدودها للعب على أوتار السياسة.. هكذا قالوا، لكن دماء نثرت في ربوع البلقان كذّبت هذه الترهات؛ فإذا الدين الباطل قائدهم إلى ذبح المسلمين الضعفاء، وإذا الإجرام لا تستره الياقات البيضاء والأعين الزرقاء.. آلاف من المسلمين المستضعفين فروا إلى ملاذ تابع للأمم المتحدة في بلدة سريبرينيتسا البوسنية رجاء أن تسبغ تلك المنظمة عليهم حمايتها ورعايتها، فإذا بها تسلمهم إلى جزاري الصرب المجرمين للإجهاز عليهم، ودفنهم من ثَم في مقابر جماعية، ثم تنادت المنظمة ودول النفاق الأوروبية إلى إدانة المجزرة فيما بعد.. بعدما تأكد الجميع من وقوعها ومن دفن أسرارها معها، ثم عمدوا جميعاً إلى إحياء ذكرى المجزرة وإلى نبش القبور من جديد لنقلها إلى "أماكن لائقة"، إذ ذاك كان ما يرجوه المغدورون من هذه المنظمة المنافقة وتلك الدول المجرمة!!
لقد قتل من إخواننا نحو عشرة آلاف مسلم ما بين عشية وضحاها في هذه المجزرة الرهيبة بخلاف عشرات الآلاف قتلوا في مجازر أخرى أقل وطأة، في وقت كانت تتمتع فيها أوروبا بقوة عسكرية ونفوذ شديدين لكنها لم تفعل شيئاً لوقفها، لا ولا الولايات المتحدة الأمريكية التي منت من بعد علينا بأنها قد قصفت مواقع صربية بعد ذلك بفترة طويلة بهدف معلن هو منع مزيد من الاعتداءات الصربية على المسلمين، ومن بعد راج هذا المفهوم المكذوب حتى بين المسلمين البسطاء وضعاف الثقافة، وهدف استراتيجي مستور هو تقليم أظافر روسيا في أوروبا.. لقد استشهد هؤلاء جميعاً بأسلحة الغدر والخيانة، حتى إذا ما حل الظلام، عمدت المحكمة الدولية الهزلية في لاهاي إلى القوات الصربية المسلحة سواء ما يسمى منها بميليشيا جيش صرب البوسنة أو جيش صربيا ذاته؛ فأدانت من متهميها تسعة العشر، ستة فقط، وكأن عدد الجزارين في هذه المذبحة لم يجاوز عدد أصابع اليدين!!
استشهد هؤلاء، ولهذه اللحظة لم يقل أحد عن الجزارين أنهم كانوا "إرهابيين"، ولم تتحرك أية قوة لملاحقتهم، ولربما تصريح لمحمود عباس في رام الله عن إيواء حماس للقاعدة في غزة سيحرك ضدها الدنيا بسهولة، وأول القصيدة تصريحات مبهمة لرئيس الوزراء الإيطالي برودي!!
إن على جميع المسلمين، أن يوقنوا بأنهم مستحَلو الدم والعرض من بلدان "الحضارة" الزائفة، تلك الحضارة التي تجسد معاني النفاق والكذب والظلم في أحط صورها، والتي يمنحها تقادم الأزمان فرصاً كثيرة لتغيير سلوكها فتأبى إلا أن ترسخ في نفوس أبنائها كل معاني الكراهية لكل ما هو ناطق بـ"لا إله إلا الله"، ألم تروا كيف تباطأ بان كي مون السكرتير العام للأمم المتحدة حتى أوشكت عملية اقتحام المسجد الأحمر وقتل المسلمين فيه في العاصمة الباكستانية على انتهائها، وقبل ساعات قليلة من نهايتها ـ وهي قد بدأت من قبل ذلك بأسبوع كامل ـ ليدعو إلى "حل سلمي" للأزمة!!
ثم يتساءل بعد كل هذا بعض مفكري الغرب قائلين : "لماذا يكرهوننا؟"!!