أنت هنا

الموساد وقنوات الفيديو كليب
17 جمادى الثانية 1428

القادة الصهاينة وصحف "إسرائيل" لا يمكن أن ننزل تأكيدات أي منهما مقام التصديق، وليس بوسعنا أن نكذبها بالضرورة تلقائياً، فما بين هؤلاء وتلكم نجد الصدق والكذب، والوضوح والتدليس، تماماً مثلما نجدهما في توراتهم وإسرائيلياتهم التي أمرنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بأن لا نصدقهم فيها أو نكذبهم، في تلك النصوص التي لا نجد في شأنها من ديننا ما يصدقها أو يكذبها، أما ما وافقت ما عندنا كنا أقرب لتصديقها أو خالفت ما عندنا أو هكذا بدت كنا إلى تكذيبها أقرب.
وفي السياسة والصحافة لا نبعد كثيراً عن هذا المنوال، ما كانت هذه المعلومات خلواً مما يوثقها أو ينفيها؛ فإننا نكون مندفعين باتجاه الشواهد الظنية لا اليقينية في الاطمئنان إلى صدق المعلومة أو كذبها، ومؤخراً أوردت الأنباء أن صهر الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر ومستشار خليفته محمد أنور السادات، ورجل الأعمال الملياردير، ومالك مجموعة ميلودي الفضائية محمد أشرف مروان قد سقط أو أسقط من شرفة شقته الواقعة في الطابق الخامس في أحد أحياء لندن الغنية.
وأصاخ الناس أسماعهم لهمهمة استحالت دمدمة واردة من تل أبيب تفيد بأن الرجل كان يعمل لحساب جهاز الاستخبارات الصهيوني (الموساد) جاسوساً، وأنه كان ينقل معلومات إلى هذا الجهاز عبر عقود قضاها في المنطقة المصرية المخملية (بعضها ذكرته صحيفة يديعوت أحرونوت الأكثر انتشارا في الكيان الصهيوني حين قالت : "إن شرطة لندن تفحص احتمال قذفه من الشرفة بعدما أفاد أقرباؤه للشرطة بان مروان كان يخشى على حياته منذ ان كشفت إسرائيل عام 2003 انه عميل كبير للموساد"، وبعضها كتبته معاريف حيث قالت "العار للدولة أيا تكن الأسباب وراء موت أشرف مروان فان بقعة سوداء تلوث تاريخ الجاسوسية في إسرائيل")، واشتعلت المعارك الكلامية في البرامج الساخنة في القنوات الفضائية المصرية حول صحة هذه المعلومة أو كذبها، غير أن أحداً لم يتحدث بقوة عن هذا التغلغل الموسادي في الصناعة الماجنة المسماة بصناعة الفيديو كليب، وكأن ثبوت أو عدم ثبوت عمالة الرجل للموساد أو عدمها، سيغير من واقع الأمر شيئاً، وهو أن أجهزة العدو سواء أكانت من تل أبيب أم من واشنطن تتخذ من قنوات الخنا المتعددة الجنسيات والأسماء مركزاً نشطاً لها لنشر "ثقافة العري" بين أوساط الشباب، وأن القضية تتجاوز بكثير مسألة التربح غير المشروع عبر رسائل الجوالات التي يرسلها السفهاء من المراهقين والمراهقات، وإنما المفهوم التآمري المباشر الذي لا يخجل معه أي منصف أن يقولها في وجه كل مستنكف عن القناعة بـ"التفسير التآمري للأحداث" إنها كذلك مؤامرة صهيونية، يتغلغل في سبيلها كثير من رجال الأعمال المرتبطين بالمال الملوث صهيونياً، والذي لا يقف عند حد عميل "افتراضي" قد يكون قد انكشف أو فضحه الموساد عمداً ـ أو افترى عليه لما رآه لم يستبرئ لدينه ويخوض في مستنقعات الرذيلة ـ، بل يتعداه إلى آخرين لم ينكشفوا حتى اللحظة يعيثون في الأمة فساداً وينشرون القبح بين شبابها لكن الله يعرفهم، ثم شهود الله في أرضه يعرفونهم بسيماهم، فلا بارك الله في مالهم، ولا فتنوا شباباً ـ نرتجي منه الخير ـ بشرورهم وآثامهم الهائلة، إذ لا أهول من ذنوب تتراكم كلما زل مراهق في خطيئة أو وقع في إثم يشاطرونه إياه، فما أبأسهم، وما أحلم الأمة عنهم إذ لا تأخذ على يديهم وتعمد إليهم فتلقيهم في مزابل التاريخ..