أنت هنا

جريدة الرياض والمواقع الإسلامية.. والاعترافات!!
1 جمادى الأول 1428

ألفنا الهجوم من جهات غربية على مجمل المواقع الإسلامية، ودأبنا على أن نقرأ مغالطات من بعض الصحف والمواقع الغربية، لكننا لم نتوقع أن نسمع لها صدى هنا في بلادنا/السعودية عبر مقال مُهِر باسم "مندوب الرياض"، حمل هجوماً لاذعاً على موقع (المسلم)، ضمن مجموعة من المواقع الإسلامية كـ(الإسلام اليوم) و(نور الإسلام)، اتهمها هذا المندوب بقلة الاكتراث باعترافات المتهمين في قضايا التفجيرات، وبما سماه "أحداث ونوازل (تستحق) مئات البيانات ضد أفراد الفئة الضالة الذين دأبوا خلال السنوات الماضية على القتل والتفجير وتجنيد وتفخيخ عقول شبابنا".

والواقع أنه قد ساءتنا هذه الطريقة من الكاتب في معالجة القضية، بما يتنافى مع العدل والإنصاف اللذين يتحتم على كل أحد أن يأخذ بهما في حكمه على الرجال ومواقفهم، وبخاصة حين يكونون من الأعلام المشهورين، الذين لا تخفى مواقفهم وبياناتهم حيال القضايا الكبرى، ومنها قضية التفجيرات في بلاد المسلمين، تلك القضية التي شهدت إدانات متكررة عبر موقع ( المسلم ) وغيره، بما لم يستدعِ المزيد من الإدانات، كلما وقف متهم يدلي باعتراف أمام جهات التحقيق.

الكاتب هنا ربما يريد لموقع (المسلم) أن يدبج صفحات كثيرة في موقع هو بالأساس أنشئ للخطاب العالمي، ولا يقصر اهتمامه فقط على الأمور المحلية، التي تتحلى بها بعض صحفنا، ومنها الصحيفة التي يعمل مندوباً لها، وبطبيعة الحال؛ فإن نمط هذه يخالف تلك، ولكلٍ وجهة هو موليها.

إننا نعالج هنا في موقعنا "قضايا الإرهاب" بالشكل الذي نراه أكثر عمقاً من مجرد تكرار بيانات الإدانة التي دأب عليها البعض، من دون أن تغير من الواقع شيئاً.. ودعونا إذن نتساءل: هل يجهل الكاتب الدور الذي تجشمناه من أجل أن نبث فكراً وسطياً يحول بين المسلم المتدين وبين التطرف والغلو؟!
بوسعه أن يراجع ذلك لو أراد، فلن نقدم له ملف دفاع. وهل يظن أن مجرد "لعن الظلام" سينشر الأنوار؟! وهل يظن أن علاج مثل هذه المشكلات يكون بإصدار (مئات البيانات)؟!
إن هذا النمط من المعالجة لا نخاله إلا قاصراً في الفهم والرؤية والتوجه، ويبتعد كثيراً عن الحكمة وأدواتها، فأولاً: هل يحكم الرجل على المعالجة بهذه النظرة البعيدة كل البعد عن معايير الثقافة التي تزن البيانات والمقالات بالكيلو جرامات!!

وثانياً: هل يحمل البيان التالي الذي يريده الرجل جديداً عن بيانات صدرت لعدد من العلماء الأجلاء، ومهرت بتوقيع المشرف العام على الموقع، ضمن عشرات غيره من الفضلاء؟!

ثالثاً: أما كان الأولى بالرجل أن يتعب نفسه قليلاً قبل الاقتصار على الصفحة الرئيسة في الموقع، وعلى غيره، ليدلل على معلومته المنقوصة؟!

رابعاً: يريد الكاتب أن نضخم من قيمة هذه الجماعات في السعودية، ونعطيها حجماً أكبر من حجمها؛ فيقول: "لا نجد هذه المواقع تخصص ملفات أو روابط ثابتة بشكل مستمر على واجهة المواقع لدحض وتفنيد أفكار (أسامة بن لادن)، أو هذه الفئات الإجرامية"، ولكننا لا نشاطره هذا الشعور الانهزامي أمام مجموعات محدودة الأثر والتأثير، سيعمل، إن كانت هذه معالجته المرجوة لفكرها، على زيادة تأثيرها والدعاية المجانية لها، بدلاً من أن يعمل على تقويضها بالرد تارة، وبالتجاهل مرات.

خامساً: وهذا مهم بطبيعة الحال، في العمل الصحفي الذي ينتمي إليه الرجل، وفي علم السياسة والدبلوماسية بوجه عام، أنك حين تصدر بياناً (وعلينا أن نتعلق هنا بمعنى كلمة البيان لغة ومقصدها التوضيحي)؛ فإنك تريد أن تبين موقفاً للناس هم يجهلونه عنك أو يلتبس عليهم أمرك بشأنه، وهو خلاف حالتنا بالطبع، حيث يعلم القاصي والداني موقفنا الذي عرضناه بشكل تأصيلي وتفصيلي مراراً، بما لا يستأهل التكرار على الدوام، وإلا احتجنا، مثلاً، أن نصدر بياناً كل يوم بفرضية الصلاة ووجوب الصدق مثلاً!!

إننا نشتَم من وراء هذا المقال نوعاً من التحريض على مواقع أنشئت لأهداف شرعية وعلمية وتربوية واضحة – وهي منشورة لمن أراد الإطلاع عليها في ديباجة الموقع –، ولها اهتمامات واسعة تسع بلاد المسلمين أجمعها بقضاياها الشرعية والسياسية والاجتماعية والدعوية، فهي لا تخص بلدا دون آخر، ولا هي قامت لتعالج مسائل محدودة دون أخرى. وكل ما ما تطرحه وتنشره في سبيل ذلك، يكون وفق رؤية شرعية مؤصلة، تأخذ بالدليل الشرعي الصحيح، وتصله بالواقع اليومي المعاش .

فهل يود الكاتب أن نغلق أركان الفتوى والسياسة الخارجية في مواقعنا، ونخصص صفحات ثابتة سوف لن يقرأها لا التفجيري ولا غيره ممن سيسأم تسليط الأضواء على قضية لا يراها المسلم في حياته اليومية، التي يشعرنا الكاتب أنها "هم وروتين يومي"، إذ يخرج المواطن من بيته حذراً خائفاً يتلافى شظايا الإرهاب!!

لا شك أن الواقع في بلاد الحرمين الآمنة بحفظ الله سبحانه لها خلاف ذلك، شاء الكاتب المذكور ـ الذي لم يجرؤ على التصريح باسمه ـ أن يعترف بهذا أم أبى.