أنت هنا

عمن تُسقَط الديونُ في شرم الشيخ؟!
18 ربيع الثاني 1428

الأنباء التي وردت من شرم الشيخ مفيدة بأن الدول المؤتمرة هناك قد قررت إسقاط 80% من الديون المستحقة على العراق طبقاً لما نقله عنها السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون، وهو ما يعادل 32 مليار دولار، لا تثير في مجملها ارتياحاً لدى المراقب الحر، كما لا يتوقع أن تلقى صدى طيباً لدى الشعوب العربية والمسلمة؛ فلم تكن مشكلة العراق تكمن في 40 ملياراً سقطت من خزانتها في لحظة تاريخية معينة، وإنما في أوابد جرها الاحتلال بشقيه الأمريكي والإيراني عليها، وإلا فما بال تريليون دولار أنفقتها العراق ـ إضافة إلى المساندة العربية ـ وإيران معاً في حربهما الطاحنة التي دارت رحاها خلال أكثر من ثماني أعوام فيما يعرف بحرب الخليج الأولى في عقد ثمانينات القرن الماضي، وخرج بعدها العراق وهو يبدأ نشاطاً اقتصادياً نامياً ويخطو خطوات وثابة نحو التعافي من آثار الحرب وإنفاقها.
الأزمة لا تتمحور في الحقيقة حول أموال تنفق على العراق، وإنما على إخلاص للنية في إخراج هذا البلد البائس من وعكة الحرب الضروس.. ولكن هل يرجى نوال العطاء وإخلاص النوايا من غزاة يحكمون قبضتهم على العراق ويستجدون الدول المحيطة وغير المحيطة من أجل تغطية أكبر عملية نهب مرت في التاريخ الحديث لبلد يملك أكبر احتياطي نفطي في العالم، وموضوع في مجمله في مصاف الدول الفقيرة بفضل سياسات أمريكا وإيران اللتين مارستا أقصى درجات الانتقام والتشفي وتكسير العظام ضد هذا البلد العربي المسلم؟!
محال، أن يرتجي الخير ممن سرقوا 12 ملياراً من الدولارات ـ وهو الرقم الذي اعترفوا به ، وهو دون الحقيقة بطبيعة الحال ممن مردوا على الكذب واتخذوه لهم ديناً وطريقاً ـ خلال أربع سنوات جثموا فيها على صدر العراق وكتموا أنفاس شعبه.
لقد اجتمع القادة، وبينهم جلس مجرم الحرب الأشهر بيان جبر صولاغ، أحد جلاوزة الميليشيات الدموية في العراقي، كممثل آخر لإيران بمسمى "وزير المال العراقي" ليتلقى الوعود من دول العالم بنسف 32 مليار دولار من جداول الديون المستحقة لشعوب تدفع الضرائب لتلقى في جيوب النظام العراقي وأعوانه باسم إعادة الإعمار.
لا ندري، هل يفيد في تلك اللحظة أن نذكِّر أن سبب الحرب التي شنها العراق على الكويت وفجرت الأزمات متلاحقات، كانت بسبب طمع الرئيس العراقي في دفع الدول المجاورة أموالاً لـ"إعادة الإعمار" فيما بعد الحرب، أكان ذلك بوجه حق كما كان يدعي أم بغير وجه حق كما كان يردد الكويتيون..
لم يكن غزو العراق للكويت مقبولاً لـ"إعادة إعمار العراق"، وقد جر على المنطقة ما جر من مآس ودفع العرب والمسلمون جميعاً ثمن القرار الاعتباطي الذي اتخذه الرئيس العراقي الراحل، غير أنه ليس في المقابل منطق لعملية الابتزاز الذي تمارسه واشنطن وطهران على دول العالم وفي قلبها الدول الإقليمية المؤثرة، ولا مقبول أن تتدفق الأموال في يد رجال الاستخبارات الأمريكية والإيرانية في العراق، ثم يعود الآخرون ليسددوا تلك الفاتورة نيابة عن قتلة أهل السنة في العراق!!