23 رمضان 1426

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. <BR>أنا امرأة متزوجة وملتزمة -والحمد لله-، ولا أزكي نفسي، أعيش حالياً خارج بلدي مع زوجي الذي يدرس الماجستير، منذ مدة كنت لا أرتدي النقاب مع التزامي ولكني أخيراً قررت ارتداءه بعد سماعي وقراءتي لفتاوى العلماء بضرورة تغطية المرأة لوجهها، وزوجي وافق -والحمد لله- المشكلة في عائلتي وعلى رأسهم أبي وأمي لم يوافقا على هذا القرار -وهو لبس النقاب-؛ لأنه برأيهم سوف يفقدني وظيفتي وهي (طبيبة)، عند رجوعي لبلدي -إن شاء الله- وحيث إن الحكومة هناك قد لا تسمح بعملي وأنا منقبة، ولا أنكر محاربة الحكومة هناك للتيار السلفي المستقيم، وكذلك مراقبتهم للعائلات الملتزمة بالمنهج السلفي ومضايقتهم، أنا في حيرة من أمري، هذه الأيام فلقد قالت لي أختي أنهم حزينين من ضياع سنوات الدراسة في الطب، وكذلك قالوا سوف تضطرين إلى كشف وجهك في المطار لمعرفة هويتك، فرددت بأنه لو حدث هذا سوف يكون ضرورة والضرورات تبيح المحظورات، وهي قاعدة فقهية معروفة، وقالوا كذلك إن ظروف الحياة صعبة وتلتزم مشاركتك لزوجك في العمل، وأنا أعرف أن الله هو الرزاق ولا أحد غيره, أنا ليس لدي رغبة في ترك عملي لو أنه لم يتعارض مع الموانع الشرعية، بل بالعكس أريد أن أخدم النساء الملتزمات اللائي يبحثن عن طبيبة لمعالجتهن، وأريد أيضاً أن يكون أبي وأمي راضين عني تماماً، خصوصاً أن علاقتي بهم مميزة، ولكن في نفس الوقت لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، أنا حائرة في أمري، أفيدوني أفادكم الله في إقناعهم بهذه الخطوة بالأدلة الشرعية؛ عسى الله أن يهديهم، خاصة أنهم فرحوا بالتزامي التام لكن مع عدم لبس النقاب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.<BR>

أجاب عنها:
جمّاز الجمّاز

الجواب

أنا أرى لك استمرارك في لبس الحجاب, وهو ستر وجهك عن أعين الرجال مع الحشمة في اللباس والمظهر والعباءة. وما حدث لك من معارضة والديك في لبسه, يجب ألا تسمعي له, لقول النبي _صلى الله عليه وسلم_: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق", ومع هذا ابذلي جهدك في إقناعهم بضرورة لبس الحجاب, وليكن ذلك باللين واللطف, وهذا يحميك من التعرض لك بالأذى أو الكلام البذيء من الرجال, (ومع ذلك فهو شيء خاص بي, لا ضرر فيه على أحد) قولي ذلك لهما، وأشعريهم أنك راضية بكل تبعاته, وماضية في ذلك, بل لديك الرغبة التامة في مزاولة مهنتك الطبية بالضوابط الشرعية, حتى لو كلف الأمر ترك العمل الحكومي, والعمل في عيادات أهلية أو خاصة. فخذي ما قرأتي أو سمعتي من فتاوى العلماء وكلامهم حول وجوب لبس الحجاب, وبينيه لهما أو أسمعيهما إياه, وليكن لزوجك نصيب من هذا العمل, حتى يعلم والداك أن الأمر مجمع عليه من قبلكما, وأنه لا مجال للرجوع فيه, أو التفاوض في التنازل عنه وما ذكرتيه من أنك قد تتعرضين لكشف الوجه في بعض الأحوال اضطراراً فهذا لا شيء فيه, ولكن مع وجود محرم لك مثل زوجك أو ابنك أو أخيك أو والدك أو امرأة أخرى مثلك, حتى لا يتعدى الأمر إلى غير الوجه, فقد تتعرضين لشيء أخر مهين. وعليك سؤال الله _عز وجل_ أن يُرضي والداك عنك وأن يرزقك برهما, وأيقني باستجابة الله لك, وانتظري. ولتكن علاقتك بوالديك بعد النقلة في حياتك أكثر من ذي قبل, ومعارضتهما لك لا تحملك على سلوك تصرف مشين معهما, أحسني صحبتهما بالمعروف قولاً وعملاً, أليني لهما القول, واحرصي على إهدائهما الهدايا, كل ذلك كفيل أن تكوني مقبولة عندهما, بل ومحبوبة لديهما, بل آمرة ناهية عليهما. أسأل الله _تبارك وتعالى_ أن يثبتك على دينه, وأن يمنحك الفقه فيه, وأن يهيئ لك من أمرك رشداً. والله ولي التوفيق, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.