29 ربيع الثاني 1427

السؤال

أرجوا من فضيلتكم شرح هذا الحديث _جزاكم الله خيرا_. <BR>(عن عبادة بن الصامت _رضي الله عنه_ قال: قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: "الأبدال ثلاثون بهم ترزقون وتنصرون وتمطرون"؟

أجاب عنها:
الشيخ أ.د. ناصر بن سليمان العمر

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: إن الحديث المذكور وأضرابه أحاديث ضعيفة ولم يثبت في بابها شيء , ضعفها الإمام أحمد وقد حكم على هذه الحديث بالنكارة، وقال ابن الجوزي في الموضوعات: ليس في هذا الأحاديث شيء يصح, وقال ابن القيم أحاديث الأبدال والأقطاب والأغواث والنقباء والنجباء والأوتاد كلها باطلة, وأقرب ما فيها حديث: لا تسبوا أهل الشام فإن فيهم البدلاء كل ما مات رجل منهم أبدل الله مكانه رجلاً أخر, ذكره أحمد ولا يصح أيضاً فإنه منقطع, وانظر كذلك المؤلفات في الموضوعات ونحوها كالتذكرة واللآلئ المصنوعة والأسرار المرفوعة تجد هذه الأحاديث مثبتة فيها. وحديث عبادة بن الصامت رواه الإمام أحمد بغير هذا اللفظ وحكم بنكارة بعض رواته وفيه غير علة على تضعيفه, ورواه بهذا اللفظ المذكور ابن مردويه والطبراني قال الهيثمي: رواه الطبراني من طريق عمرو بن البزار عن عنبسة الخواص وكلاهما لم أعرفه. فمن حيث الإسناد لا يستقيم لهذا الحديث عود ومن حيث المعنى فقد قال شيخ الإسلام " من فسر الأربعين الأبدال بأن الناس إنما ينصرون ويرزقون بهم فذلك باطل, بل النصر والرزق يحصل بأسباب من أهمها دعاء المؤمنين وصلاتهم وإخلاصهم ولا يتقيد ذلك لا بأربعين ولا بأقل ولا بأكثر, كما جاء في الحديث المعروف أن سعد بن أبي وقاص قال: يا رسول الله ! الرجل يكون حامية القوم يسهم له كما يسهم لأضعفهم ؟ فقال: " يا سعد, وهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم وبدعائهم وصلاتهم وإخلاصهم " وقد يكون للرزق والنصر أسباب أخرى, فإن الفجار والكفار أيضاً يرزقون وينصرون, وقد يجدب الأرض على المؤمنين ويخيفهم من عدوهم لينيبوا إليه, ويتوبوا من ذنوبهم فيجمع لهم بين غفران الذنوب وتفريج الكروب وقد يملي للكفار ويرسل السماء عليهم مدراراً ويمدهم بأموال وبنين ويستدرجهم من حيث لا يعلمون ... " إلخ كلامه _يرحمه الله_. غير أن لفظ الأبدال ونحوه مأثور في كلام السلف ولكن ليس هو بما يعنيه بعض أهل الخرافة من أنهم أناس بصبغة مخصوصة وأعداد محدودة بهم يكون الرزق والنصر والنفع والضر, ولكن بعضهم يذكر الأبدال ويريد أهل العلم لأنهم أبدال الأنبياء وقائمون مكانهم حقيقة ليسوا من المعدمين الذي لا تعرف لهم حقيقة, كل منهم يقدم مقام الأنبياء في القدر الذي ناب عنهم فيه هذا في العلم والمقال, وهذا في العبادة والحال وهذا في الأمرين جميعاً, وفي هذا المعنى يروى عن الإمام أحمد قوله : إن لم يكن أصحاب الحديث هم الأبدال فما أعرف لله أبدالاً. إلا أنه كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية بأن هذا الأمر قد التبس عند أكثر المتأخرين حقه بباطله, فصار فيه من الحق ما يوجب قبوله ومن الباطل ما يوجب رده, وعليه فإن ذكر أحدهم الأبدال فسئل عن مراده، فإن فسره بمعنى صحيح قبل دون أن ينسب ثبوت لفظ الأبدال وما جاء فيه إلى النبي _صلى الله عليه وسلم_ وإلا رد, والله أعلم