أنت هنا

بيان في تكذيب فتوى استئصال الرافضة وسبي ذريتهم المنسوبة لشيخنا ناصر العمر
16 محرم 1432

بسم الله الرحمن الرحيم

(إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون)

بيان في تكذيب فتوى استئصال الرافضة وسبي ذريتهم المنسوبة لشيخنا ناصر العمر

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحبه الغر الميامين، وبعد:

فقد أرسل إلينا بعض المحبين بنص فتوى منحولة مدعاة على شيخنا أ.د/ ناصر بن سليمان العمر، حفظه الله، وذكر أنها متداولة في المنتديات الشيعية، ويزعم كاتب الفتوى المكذوبة أن الشيخ يقول باستئصال الرافضة، وذبحهم ذبح النعاج، مع تلذذه بصورة تلك الدماء والأشلاء الرافضية المتوهمة، ثم تمادى كاتب تلك الأسطر في كذبه فزعم أن الشيخ يقضي في فتواه بسبي نسائهم ويذكر كيف تقسم بين المجاهدين، إلى آخر ما ذكره من تقرير ساذج يعلم أدنى من له بصيرة من أهل السنة أنه كذب منحول على الشيخ ناصر العمر، بل كذب على سائر علماء أهل السنة، ونحن إذ نكذب هذه الفتوى ونبين زيف نسبتها لشيخنا، ندعو عوام الرافضة وبسطاءهم المضلَّلين من قبل من لا يتقي الله من المعممين، إلى الاستفسار عن مذهب أهل السنة وأقوال علمائه من أهله العالمين، وأن لا يتلقفوا الأخبار والتهم من أعدائهم، الذين لا يتورعون من الفرية عليهم، أو الكذب بسوء قصد أو فهم.

ونحب كذلك أن نبين أمرين اثنين:

الأول: أن حرمة دماء المسلمين وأموالهم معلومة عند أهل السنة مجمع عليها بينهم، وقد نصوا على أن كل مسلم لم يأت ما يُستباح به دمه كالردة والقتل عمداً والزنا بعد إحصان ونحوها فهو حرام الدم معصومُه بالإجماع[1]. قال الله تعالى: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [النساء: 93]، وقال صلى الله عليه وسلم: (لايزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً)[2]، وفي صحيح البخاري عن ابن عمر أنه قال: "إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله"[3]، وأما حرمة الأموال فحسبنا فيها ما ثبت عندنا من حديث أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا"[4]، وقد أجمع أهل السنة على حرمة أخذ أموال المسملين بغير إذن[5].

أما الأمر الثاني: فهو بيان أن إهدار دماء أهل السنة وأموالهم مذهب معروف للرافضة نسبوه زوراً لأئمة أهل البيت، فروي المجلسي عن جعفر بن محمد أنه قال: "ما بقي بيننا وبين العرب إلا الذبح وأومأ بيده إلى حلقه"[6]، وعن داود بن فرقد قال: قلت لأبي عبدالله عليه السلام: ما تقول في قتل الناصب؟ قال: "حلال الدم، ولكني اتقي عليك فإن قدرت أن تقلب عليه حائطاً أو تغرقه في ماء لكي لا يُشْهَد به عليك فافعل"، قلت: فما ترى في ماله؟ قال: "خذه ما قدرت عليه"[7]، والناصب في الكلام المذكور يعنون به السني، كما قال شيخهم حسين آل عصفور: " أخبارهم عليهم السلام تنادي بأن الناصب هو ما يقال له عندهم سني شاء أم أبا"[8]، وهذا المذهب أعني استحلال دماء وأموال أهل السنة عند الرافضة هو الذي يقويه محققوهم، قال الخميني: "الأقوى إلحاق الناصب بأهل الحرب في إباحة ما اغتنمنا منه وتعلق الخمس به"[9].

وإذا ظهر لك ذلك، فاعلم أن القوم لم يجدوا من كلام أهل السنة ما يدينهم، فلجؤوا إلى افتراء الكذب والتلفيق بنحو الفتوى المكذوبة على شيخنا ناصر بن سليمان العمر حفظه الله، لعلمهم برواجها في ساحتهم بين عوامهم الذين لا يتثبتون.

وأنت أيها الشيعي المحب لآل البيت، قد خلق الله لك عقلاً، وجعلك مكلفاً، فحقق في ما يقوله المضلِّلون عن أهل السنة، واستبن حقيقة المذهب من أهله، والله نسأل أن يهدينا ويهديكم، وأن يختم بالصالحات آجالنا وآجالكم، وأن يتوفانا مسلمين موحدين، وأن يلحقنا بالصالحين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا الأمين، وآله الطيبين، وصحابته أجمعين.

 

المكتب العلمي للشيخ ناصر العمر



[1] انظر مراتب الإجماع لابن حزم ص138، ولم يتعقبه شيخ الإسلام ابن تيمية في نقد المراتب بشيء.

[2] رواه البخاري في صحيحه (6469).
[3] (6470).

[4] متفق عليه رواه البخاري (67)، ومسلم (1679).

[5] ينظر طرح التثريب للحافظ العراقي 6/169.

[6] بحار الأنوار 52/349.
[7] الأنوار النعمانية 2/308.

[8] المحاكم النفسانية في أجوبة المسائل الخراسانية ص147.

[9] تحرير الوسيلة 1/352.