وماذا بعد الغضب الإسلامي بشأن القدس؟
21 ربيع الأول 1439
خالد مصطفى

كما هو متوقع انتفض العالم الإسلامي بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل سفارة بلاده إلى القدس في اعتراف صريح من واشنطن بأن القدس عاصمة للكيان الصهيوني..

 

ولعلنا لا ننسى أن الغضب الإسلامي والمظاهرات العارمة بشأن القدس حدثت عدة مرات سابقة إثر محاولات الاحتلال تهويدها والاقتحامات المستمرة للمسجد الأقصى من قبل المستوطنين الصهاينة ...

 

لكن هذه المرة هناك خطر عارم يستهدف المدينة المقدسة من قبل أكبر دولة في العالم والتي تقدم نفسها كراعية لعملية التفاوض بين الفلسطينيين والصهاينة منذ سنوات طويلة وكان البعض في العالم العربي للأسف الشديد يراهن عليها في هذا الشأن...

 

وهذه الخطوة لها الكثير من المعاني على المستوى الدولي لما لأمريكا من ثقل ومصالح متشابكة مع العديدة من الدول المؤثرة التي قد تسير على خطاها في هذا الجانب..

 

كما أنه قد يؤثر على القرارات التي تصدر من المنظمات الدولية في هذا الشأن وتأتي في صالح الكيان الصهيوني أكثر من أي وقت مضى..القرار من شدة خطورته على القضية الفلسطينية ظلت الإدارات الأمريكية المتعاقبة لمدة 15 عاما  ترفض تنفيذه رغم أن هذه الإدارات كانت تعمل لصالح الاحتلال وتنحاز له بشدة ضد مصالح الفلسطينيين الذين تعرضوا لانتهاكات ضخمة دون أن تتحرك واشنطن لوقفها إلا أن هذا القرار الأخير من ترامب أسقط ورقة التوت كما يقال عن الموقف الأمريكي الراعي للكيان الصهيوني..

 

صحيح أن بريطانيا كانت أول من تحالف مع اليهود ضد الفلسطينيين بعد وعد بلفور الشهير إلا أن أمريكا استلمت هذا الدور منذ وقت طويل وطورته بشدة لتثبيت دعائم الاغتصاب والاحتلال وتلاعبت بالعالم كله عندما قدمت نفسها كراعية للتفاوض بين الطرفين رغم أن هذا الدور يتنافى تماما مع الدعم غير المشروط لأحد الأطراف...

 

الحقيقة أن القرار الأمريكي الأخير لم يكن مفاجئا وأنه يتناسب مع  موقف واشنطن الداعم والمستمر للكيان الغاصب وأن القرار كان سيأتي آجلا أم عاجلا وأن المفاجئ هو في عدم الاستعداد له من قبل العرب طوال السنوات الماضية...

 

كما أن القرار الأمريكي لن يكون الأخير في سلسلة القرارات الأمريكية المهينة لقضايا العرب والعالم الإسلامي لذا على العرب أن يقفوا يدا واحدة من الآن أمام الصلف الأمريكي من أجل استرداد حقوقهم ويعرفوا جيدا مقدار ما عندهم من أوراق هامة لخدمة قضيتهم...

 

ولعل اللحظة الراهنة هي الأنسب من أجل اتخاذ مواقف حاسمة في هذا الشأن, وعلى العرب أن يستغلوا وقوف معظم دول العالم معهم حيث أثار الموقف الأمريكي غضبا واسعا ليس فقط في العالم الإسلامي بل في الأوساط السياسية الدولية والعالمية التي استنكرت بشدة القرار ووجهت انتقادات لاذعة للإدارة الأمريكية..الغضب العالمي من إدارة ترامب واضح ليس فقط بسبب القرار الأخير ولكن بسبب الكثير من المواقف التي يتخذها ترامب وتثير الكثير من الجدل وهو ما يقوي الموقف العربي من أجل تكثيف الضغط والتنسيق مع الدول الأوروبية والآسيوية الرافضة للقرار الجائر...

 

المهم هو الاستمرار في الرفض والمقاومة والضغط وعدم التهاون في الحق العربي والإسلامي ونسيان الأمر بعد وقت قصير كما يحدث دائما, ولعل هذا ما يراهن عليه من اتخذ هذا القرار فهو يرى أن العرب يثورون سريعا ويهدأون سريعا ويمكن السيطرة على غضبهم ببعض القرارات الفرعية, وعلى العرب أن يثبتوا هذه المرة العكس ويواصلوا جهودهم لمواجهة تهويد القدس والاستهانة بحقوق العرب والمسلمين فيها دون كلل أو ملل.