أن تكون تغريبيا أكثر من الغرب
10 ربيع الأول 1439
د. زياد الشامي

محاولات الغرب تصدير ثقافتهم التغريبية وأسلوب حياتهم البعيدة كل البعد عن تعاليم أي دين سماوي فضلا عن بعدها ومناقضتها لتعاليم دين الله الحق الإسلام بل ومبادئ الأخلاق وأسس الفطرة السليمة إلى المجتمعات الإسلامية لم تتوقف يوما منذ تغول الغرب على ديار المسلمين واحتلاله لمعظم دوله وإسقاطه الخلافة العثمانية .

 

 

لم يدخر الغرب في حملته التغريبية وسيلة أو طريقة إلا استخدمها للوصول إلى هدفه المنشود بدءا بفرض لغته الدخيلة ومحاربة لغة القرآن الكريم وصولا إلى العبث بمناهج التعليم من خلال صياغتها على أسس الثقافة الغربية اللادينية وليس انتهاء بمحاولات التشكيك بأسس وثوابت وأحكام الإسلام والطعن ببدهية صلاحيته للتطبيق في كل زمان ومكان ......

 

 

إلا أن الوسيلة الأخطر التي حاول الغرب من خلالها تغريب المسلمين في عقر دارهم بعد ثبوت فشل الاحتلال العسكري تمثلت في محاولاتهم إخراج المرأة المسلمة من تمسكها بتعاليم دينها الذي يأمر بالحجاب والحشمة وينهى عن التبرج والسفور والاختلاط , وفي سعيهم الدؤوب لنشر قاذورات مدنيتهم في بيوت وشوارع وعواصم الدول الإسلامية عبر أتباعهم وعملائهم ممن تربوا في أحضانهم و تشربوا ثقافتهم ورضعوا لبان علمانيتهم وليبراليتهم حتى باتوا أكثر ليبرالية وعلمانية من أسيادهم .

 

 

ومع ظهور آثار الاختلاط الاجتماعية السلبية في الغرب و على الرغم من النتائج الكارثية التي تفشت في دول القارة العجوز جراء تبرج المرأة وسفورها باسم تحريرها وحريتها المزعومة....إلا أن أتباع الغرب في بلادنا الإسلامية ما زالوا مصرين على استيراد ما يفسد المرأة المسلمة ويجر المجتمع المسلم إلى ما لا تحمد عقباه .

 

 

بل يمكن القول بأن بعض أتباع الغرب من بني جلدتنا من الليبراليين والعلمانيين قد باتوا رغم كل ما سبق أشد إصرارا على تغريب المجتمع المسلم من الغرب نفسه , ففي الوقت الذي تخرج فيه بعض الأصوات الغربية التي تنادي بالحد من ظاهرة الاختلاط لتفادي آثارها الكارثية على الأقل من تحرش واغتصاب و...الخ وتدعوا إلى عزل النساء عن الرجال في بعض المجالات والنشاطات ....تجد من ليبراليي دولنا الإسلامية من لا يزال يصر على أن الاختلاط سبيل التطور والتقدم !!!

 

 

ففي ألمانيا قررت شركة للسكك الحديدية تخصيص عربات للسيدات فقط في بعض قطاراتها، مشيرة إلى أن هذا الإجراء سيساهم في خلق مناخ أكثر أمنا لجميع المسافرين من الإناث بشكل عام ، وسيسمح للأطفال بما في ذلك الأولاد حتى سن العاشرة أن يستقلوا تلك العربات .

 

 

وعلى الرغم من أن شركة "ميتل دويتشه ريجيوبان" للسكك الحديدية قد حاولت نفي وجود ارتباط بين هذا القرار وبين الاعتداءات الجنسية الأخيرة في مدينة كولونيا التي وقعت في احتفالات رأس السنة – وفق ما نقلته صحيفة اندبندنت البريطانية –  إلا أن واقع الحال يقول غير ذلك تماما , فقد  رُفعت 1100 شكوى جنائية نتيجة تلك الأحداث بما في ذلك أكثر من 480 اتهاما باعتداءات جنسية .

 

 

بل إن الصحيفة أشارت بشكل واضح إلى أن عربات للنساء فقط تستخدم في كثير من البلاد مثل اليابان والهند والمكسيك والبرازيل واندونيسيا في محاولة لمنع الاعتداءات الجنسية .

 

 

أما في بريطانيا فقد اقترح زعيم حزب العمال "جيريمي كوربين" إمكانية تخصيص أماكن للنساء فقط في وسائل النقل العام للحد من التحرش الجنسي ، ومع اعتراض  جماعات ما يسمى "حقوق المرأة" والتي وصفت هذه الاقتراحات بالرجعية مؤكدة ضرورة أن يكون التركيز فى التعامل مع قضايا التحرش الجنسي على الجناة بدلا من الضحايا المحتملين....فإن هذا لا ينفي وجود أصوات غربية بدأت تنادي بضرورة منع الاختلاط وتخصيص أماكن للنساء في بعض المجالات تفاديا لمزيد من الاعتداءات والجرائم الجنسية .

 

 

وإذا انتقلنا إلى السويد فإن الأصوات المنادية بتخصيص أماكن للنساء في بعض النشاطات لم تخفت , فقد أعلنت ممثلة سويدية عن إقامة مهرجان موسيقي في مدينة "غوتبرغ" آخر الصيف المقبل يقتصر حضوره على النساء تجنّبا لوقوع حوادث تحرّش واغتصاب كالتي سجّلت في عدد من المهرجانات السابقة .

 

 

وقالت الممثلة الهزلية إيما كنيكار على موقع "إنستاغرام" : إنها قررت تنظيم هذا المهرجان المخصص للنساء بعد إعلان إلغاء دورة العام 2018 من مهرجان السويد للموسيقى إثر سلسلة من الشكاوى حول أعمال تحرّش جنسي واغتصاب شابت الدورات السابقة .

 

 

وأوضحت أن الفكرة من مهرجان "ستيتمانت" هو "توفير مساحة آمنة للنساء" اللواتي يرغبن في حضور مهرجان يخلو من الحوادث المماثلة , مضيفة في حديث للإذاعة السويدية الرسمية : "إنه أمر مهم جدا وقد أظهرت ذلك أيضا حملة +مي تو+ (أنا أيضا)" التي أطلقت في الخامس عشر من تشرين الأول/أكتوبر لتشجيع ضحايا الاعتداءات الجنسية على البوح وكشف المعتدين .

 

 

لم يرق للتغريبيين في بلادنا الإسلامية الاستشهاد بما سبق للتأكيد على أن ما يدعون إليه من اختلاط وتغريب للمرأة المسلمة لم يعد يصلح حتى في عقر دار الدول الغربية التي ابتدعتها واخترعتها فراحوا ينفون ما أثبته الغرب من تزايد حالات الاعتداءات الجنسية والتحرش و جرائم الاغتصاب.......لينطبق عليهم عنوان المقال بكل حذافيره .