10 محرم 1439

السؤال

إكتشفت مؤخرا أن أبي يشاهد الأفلام الاباحية علما أنه ملتزم و محافظ على جميع الصلوات ، حتى أنه يحرص دائما على الصلاة في الجامع ، لم يعد بإمكاني التحدث معه فهو كان قدوة بالنسبة لي ، أصبحت أتحاشاه دائما ، و لا أعرف هل يجب علي إخبار أمي أم لا ؟

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

للأب مقام كبير ، ومكانة رفيعة ، وله حق البر ، وحق الابوة ، إذ أمر الله سبحانه ببره " ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا " ، كما أنه يقدم الجهد والبذل والعطاء بالمال والمجهود لتأمين الطعام والشراب والدواء والحاجات ، كما يقوم بحماية أهله من كل ضار مؤذ ، وله دور عظيم في تربية الأبناء ورعايتهم حتى يكبروا ..

 

والأب في ذلك كله يحمله على عاتقه ، وقد يخفي آلامه ، ولايحدث بها أحدا ، تخفيفا على أسرته ، وحفاظا على نفوسهم طيبة هانئة ..

 

فالأب رمز العطاء الحقيقي بلا مقابل ، وهو رمز النقاء في المحبة لأبنائه ، إذ يتمنى لكل واحد منهم أفضل الأماني ويعينهم على تحقيقها ..

 

نعم ، الأب قدوة لأبنائه ، وسلوكه المتناقض يقلل من إحترامه وتوقيره ، فلاينبغي لأب يخالف ما ينهى عنه ، فعندئذ يسقط قدره وتضيع آثار نصائحه .

 

وأما بخصوص موقفك التي حكيتيه ، فلاشك أن من حقك أن تحزني منه ، لهذا السلوك الخاطىء ، ومن عذرك أن تصدمي فيما رأيت من سلوك سلبي منه ، فهو عندك القدوة والنموذج ، وأصعب الأشياء أن يصدم المرء في قدوته ، لكن عليك ههنا أن تنظري الى الموقف نظرة حكيمة ..

 

فالإنسان بشري يخطىء ويصيب ، ويطيع ويعصي ، ويفسد ويصلح ، وهو يتوب ثم يعود ، فكل بني آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون  ..

 

ولابد أن نستحضر هذا المعنى مع كل الناس العصاة ، لنستطيع بذل الجهد معهم لإصلاحهم وتذكيرهم .

 

كذلك لابد عليك في البداية أن تحسني الظن فيه ، فقد يكون ذلك قد حصل بالخطأ منه ،أو مرورا عابرا غير مقصود ،أو بنوافذ تلقائية تفتح عبر الإنترنت أو غيره ، والجميع معرض لذلك ..

 

أو أن يكون ذلك قد حصل منه فضولا وسقوطا مؤقتا ، عاد منه وإستقام ، أو أنه يكون قد سقط في الذنب ثم تاب وأناب وعاد إلى ربه وآب ..

 

فالوقوع في الخطا شىء متوقع من بني آدم ، خصوصا أنك تقولين أنه مستقيم صالح محافظ على صلاة الجماعة في المسجد وعلى الطاعات .

 

فلايمكننا إسقاط الناس لمجرد أخطائهم ، وننسى سابقة أعمالهم الصالحة الطيبة ، بل لابد أن نزن الناس بالصواب مع الخطأ حتى نحقق العدل في التقييم .

 

ولاشك أنه لاعذر للإنسان في أن يعصي ربه ، لكن في بعض لأحيان تحدث كبوات للانسان تجعله يهتز نفسيا ، فيضعف قلبه شيئا فشيئا ، فيسقط في الذنب ، وهكذا وصف النبي صلى الله عليه وسلم القلوب حيث قال " القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء "

 

وقد يكون لوالدتك دور سلبي فيما وصل إليه الأب من إعراضها عنه ، أو سوء معاملتها له أو إهمال في حالها ونفسها مما ينفره منها ، وغير ذلك .

 

لكن الإبنة الذكية الواعية تستطيع أن تتعامل بحكمة ورشد ، مع مثل تلك المواقف ، وتستطيع أن تتعامل بهدوء ..

 

فلاشك أن إخبار أمك في ذلك ليس شيئا إيجابيا أبدا ، بل يعقد الامر ، ويتسبب في خلافات بينهما قد تطول ، ويعود أثر الخلاف بكثرة الذنب وزيادة في المعصية ، وقد لاتنسى أمك فعلته فتعيره بها عند كل خلاف ..

 

لكن الأفضل ههنا أن تنصحي أمك بالاهتمام بنفسها ، وإعطاء الأب حقوقه وطاعته والقرب منه ورعايته حتى تهدأ نفسه ، ويستقر قلبه .

 

كذلك من الخطأ أن تعرضي عن أبيك أو تنفري منه ، بل تقربي إليه بالمعاملة الطيبة والحديث والحوار حتى يطمئن إليك ، ثم أعرضي عليه هذه القضية وكأنها قضية لقريبة أحد صديقاتك مثلا ، فيفتح الحوار ، وفيه تقومين بطرح وجهة نظرك والنصح غير المباشر له ، وسيكون ذلك أفضل من أن يظهر أبوك أمامك ضعيفا أو أن تضطريه للكذب أو للغضب .

 

ويمكنك المحاولة بطريق غير مباشر تغيير موضع الكمبيوتر إلى مكان ظاهر يصعب معه الإختلاء والوحدة ..

 

وعليك أثناء الحوار أن تتحلي بالهدوء والحكمة والعقل والذكاء حتى يثمر حوارك معه ..

 

وعليك بدعاء الله سبحانه أن يشرح صدره ويباعد بينه وبين الذنب ..