4 ربيع الأول 1439

السؤال

خطبني شاب - زميل لي في العمل - أنا أكبر منه بسنة ونصف، عمري الآن 34، قال لي إنه ما عنده أي مشكلة في هذا الموضوع، ربما تكون المشكلة عند أهله، لكنه سيحاول إقناعهم، وتمت الخطبة فعلا لكن بعدها تغير موقف أهله، رغم أننا لم يصدر أي شيء من جهتنا، فكل التعامل كان باحترام، فأنا متعلمة ومثقفة وعملي جيد، وأهلي هكذا محترمون ومثقفون، فلا أعرف أنا وهو ماذا نفعل وكيف نقنعهم؟

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فبداية يجب أن أنوِّه إلى أن الخطبة إنما هي وعد بالزواج، وأنها لا تحل حراما، كما يناسب أيضا أن أنبه على أن موقف الشريعة الغراء هو منع الاختلاط المؤدي إلى المخالفات الشرعية سواء أكان في العمل أو غيره..

الابنة الكريمة:

نعم عندما تصل الفتاة سن الثلاثين يقل خطابها، وكثيراً ما ينتابها القلق والخوف على نفسها، وتخشى أن يكون مصيرها العنوسة، ونجدها تقدم بعض التنازلات عند زواجها خشية هذا المصير.

وقد جرى العرف في مجتمعاتنا أن يكون الزوج أكبر سناً من الزوجة، غير أن هناك حالات كثيرة تتزوج فيها المرأة من رجل يصغرها سناً وقد تجد تحديات أمامها من قبل الأهل، رغم أن أمامنا نموذجاً عالياً في رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم مع السيدة خديجة رضي الله عنها وكانت تكبره بأعوام كثيرة.

لكن بسبب هذه الأعراف التي دست هذا الفكر داخل أفراد المجتمع جعلت هذه النوعية من الزواج أحياناً تتعرض للمعوقات.

ونحن الآن لا نتحدث عن أسباب نجاحه أو فشله، لكن موضوعنا الآن هو عدم رضا أهل خطيبك عن هذه الخطبة رغم موافقتهم في بداية الأمر!

فإذا كنتِ تكبرين خطيبك بسنة ونصف فهذا بالطبع ليس فارقاً كبيراً يجعل الأمر يفشل فلا بد برأيي من وجود أسباب أخرى.

فقبول الأهل ومباركتهم للعرس بزواجك من ابنهم أمر هام يضمن لك حياة سعيدة بعيدة عن المنغصات، خاصة الأم إذا رفضت فقد يصدر منها بعد الزواج تصرفات غير مريحة على الأقل من الكلمات الجارحة التي تسبب لك الأحزان طوال حياتك!

كما أنه إذا قدر الله تعالى لك تأخيراً في الإنجاب مثلا ولو بضع شهور ستجدين ما لا يسرك من النقد وربما ما هو أكثر.

ودعيني أبعد بالتفكير قليلاً فأتساءل، كيف استطاع خطيبك في بداية الأمر إقناعهم والآن هو عاجز عن ذلك؟!

هل يحتمل أن كلامهم قد أثر فيه فهو لا يعرف كيف ينسحب فيقدم حجة أهله ويضع عليهم اللوم، خاصة أنه زميل لك في العمل وأصبح انسحابه أشد حرجاً؟ نريد منه توضيحاً لهكذا موقف.

ابنتي الكريمة:

الزواج إنما يتم بقدر الله سبحانه، والتوفيق فيه أيضاً هو بمحض فضلٍ منه سبحانه، فعليكِ أن تدركي ذلك ولا تهيني نفسك إهانة تؤلمك أو تضرك فيما بعد في حياتك، بل تعاملي مع الموقف تعامل المؤمن بقدر الله سبحانه فتلجئي إليه أولاً دعاءً ورجاءً وتوكلاً.

عزِّزي نفسَكِ ولا تقبلي التنازلات المؤلمة والضارة لكِ خوفاً من أن يفوتك قطار الزواج كما يقولون، فرِزْقك يعلمه الله، وقدر زواجك مكتوب عنده سبحانه، بيد الله تعالى وحده، وليس برضاهم أو رفضهم.

فأنت إذا عزَّزْتِ نفْسِكِ فسارت الأمور بإيجابية فقد كسبتِ على الجانبين، وإذا لم تَسِرْ الأمور كما تريدين وحصل ما تخشين فلم تفقدي ثقتك بنفسك ولم تهينيها، ولن تخرجي من الموقف خروجاً يجرحك نفسياً أو يضرك اجتماعياً.

أعطي خطيبك فرصة ليقنع أهله ويوسط من يقدر على إقناعهم والتوسط الصالح بينكم، وافتحي الباب لحوار يجري ولقاء بينك وبين أمه وأخواته البنات، وترفقي بهن وأحسني إليهن.

وفوضي أمرك إلى الرحيم اللطيف وأكثري من الاستغفار والدعاء والصالحات من الأعمال.

و إذا سارت الأمور على غير ما ترجين وتأملين، فلا تنسي هذا الدعاء الصالح، وردديه من قلبك، ثقة في الله سبحانه، فقولي: "اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها" وإن شاء الله سيخلف عليك ربك.