21 ذو القعدة 1438

السؤال

إبني يريد أن يخطب فتاة من سنه تماما ، حين حكى عنها لم أمانع على إعتبار أنها يتيمه وأنا ليس عندي فتيات , فرأيت أن تكون مثل إبنتي , فذهبت معه للقائها وجدتها , فوجدتها إنسانة ثقيلة قليلة الذوق ولم أتقبلها , وعلمت أن أمها كانت تعمل في نفس مكان عملي السابق , واتصلت بصديقاتي وأكدن لي أن والدتها رحمها الله عليها إنتحرت في مقر الشركة وأنهم تكتموا على الخبر , أنا في حيرة , لا أريد أن أكشف سر إنسانه سترها الله , أنا لم أخبر إبني , بهذا الأمر ,أخشى أن يعتقد أني أحاول التفريق بينهم , ومن جانب آخر أخشى إن تزوجها أن يعايرها بأمها , فماذا أفعل ؟

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فللوالدين نظرة خبيرة فيما يخص اختيار الازواج والزوجات لابنائهم وبناتهم ، وهي نظرة تجمع بين الخبرة والحرص على مستقبل اولادهم ، مع مسحة مهمة من القبول النفسي منهما .

ولللأم نظرة عميقة عند إختيار زوجة الإبن , فهي ترى أمورا دقيقة قد لا يراها الإبن ولا يعطي لها أهمية , وربما تكون هذه الأمور هامة للغاية .

ومن جهة أخرى فإن مهمة الأم مهمة صعبة من جهات كثيرة ..

فهي لا ينبغي أن تتخذ قرار القبول أو الرفض إلا بعد تدقيق وتمحيص ، مع مراعاة الشفافية الشرعية وعدم الجور أو الظلم في إبداء الرأي .

وعلى الإبن أن يحترم وجهة نظر الأم ، اذ الأم عندما تخرج من اللقاء الأول لرؤية العروس فإما تكون سعيدة , فعندئذ بشرى طيبة , وإما تخرج مكتئبة حزينة  !

ولاشك ان هناك نوعا من البر يقدمه الابن لامه بطاعتها في الاختيار ، وبالبحث عن الزوجة التي ترتاح لها وتطيعها وتتفاهم معها وتتواضع لها وتصبر عليها .

كما أن هناك نوعا من الاذى والضرر يتسبب فيه الابن باختيار زوجة سئة الخلق ، ترفضها امه وتتألم من وجودها وتتنافر معها ..

السائلة الكريمة ..

لاشك ان حكمك على الفتاة بكونها ثقيلة قليلة الذوق هو ناتج من بعض سلوكياتها وبعض كلماتها التي دارت في هذا اللقاء .

فكما بينت في رسالتك ، فالفتاة خرجت يتيمة لم تجد من يرعاها فيربيها او يعلمها او يقوم سلوكها او يدربها على اسلوب الحديث اللطيف الرقيق .

كما أن أمرأمها فيما تنامى الى علمك من موضوع الإنتحار , فقد قال الله تعالى " ولا تزر وازرة وزر أخرى " ، فليس على البنت أن تتحمل نتيجة خطأ أمها او معصيتها ولاشك ..

 

لكن دعيني أؤكد لك على بعض المعاني :

أولا : أهم شيء لابد أن تبنى عليه إختيارك لها هو الدين والخلق لقوله صلى الله عليه وسلم " فاظفر بذات الدين " ، وأمر الديانة والاستقامة وحسن الإيمان هو الاساس في القبول للمرأة ، وهو الباب الذي بدونه يكون الرفض التام ، والذي عن طريقه يكون التفكير في القبول .

ثانيا : لابد أن يعرف ولدك برايك في الفتاة ، وبمدى قبولك او رفضك لها ، وبحيثيات رفضك إن كان شيئا قلبيا أو شرعيا ، أما إن كان شيئا فيه ظلم أو جور أو شحناء أو بغضاء فلتراجعي نفسك وتأمريها بالخير وتمنعيها عن الظلم

ثالثا :من المهم ايضا برايي أن يعرف ابنك بشأن حكاية أمها ، لأن هذا زواج والصراحة فيه مطلوبة ، مع مراعاه أن تأخذي منه وعدا بأن يكون هذا الكلام سرا لا يحدث به أحدا ولا يستغله ضدها في لحظة من اللحظات ، كما ينبغي عليك التاكد والتثبت منه جيدا .

رابعا : ليس هناك ضابط يضبط مسالة السن للفتاة فيما يخص الزواج ، فالشرع يبيح ويتيح هذا الأمر بشرط الديانة والتكافؤ .

إنما الضابط ضابط تربوي اجتماعي نفسي ، فالزواج يقوم على أن يكون الزوجان متقاربان ومتوافقان ، فعندما تكون الفتاة في سن قريبة من سنه علوا أو انخفاضا , فلا أظن أن ذلك يعتبر عيبا , بل ربما تكون ميزة للزوج يجد من خلالها زوجة تفهمه وتقدره مما يؤكد توافقهما وتفاهمهما في الكثير من الامور .

وقد قدم لنا الإسلام نموذجا عمليا من خلال رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث تزوج من السيدة خديجة رضي الله عنها رغم أنها كانت تكبره سنا , ورغم فارق السن الذى كان بينهما إلا أنه كانت بينهما الحياة سعيدة وكانت السيدة خديجة رضي الله عنها من أكثر نسائه حبا في قلبه .

لكن في بعض الأعراف يميلون أن تصغر الزوجة زوجها , وهو راي لايستند على شىء ذي بال إلا قولهم ان الزوجة يسرع اليها الكبر اكثر من الزوج وهو برايي كلام لا وزن له .

خامسا : إن وجدت الفتاة بالفعل سيئة الخلق ، قليلة الديانة ، غير مريحة نفسيا ، فلا عليك ان توضحي نفورك منها لابنك ,,

أما ان وجدتها تتصف بالدين والخلق الحسن ، ووجدت ارتياحا لابنك تجاهها ، ووجدت أن حكمك متعجلا يعتمد على حالة نفسية طارئة ، او ان رفضك نفسي معنوي فقط ، ووجدت تمسكه بها ، فلا تغضبي ولا تمنعيه وإعطي له فرصه , فانك إن وقفت أمامه وتمسكت بالرفض فقد يعاند ويستمسك بها أكثر وأكثر , فافهميه رأيك وانصحيه بكل وضوح ثم اتركى له القرار , بعد تقديم النصح بكل وضوح , وليستخر الله ويستشر الخبراء