السؤال
أنا متزوجة منذ سنتين من رجل مطلق ولديه ولد الآن عمره 5 سنوات.. السؤال كيف أستطيع أن أربيه وأنا لا أطيقه وأبغضه، مع العلم أن لدي طفلة عمرها 6 سنوات والدها متوفى، ولديَّ ولد عمره سنة من زوجي الحالي..
الجواب
ما زالت نظرة الناس تجاه زوجة الأب نظرة فيها شيء من الخوف، الخوف على أبناء هذا الأب، فدائما تتصف زوجة الأب بأوصاف مشوهة صعبة ثابتة في الأذهان بوجه عام، وقد رسخت هذه الصورة بسبب فعل الكثير من زوجات الآباء مع الأطفال الأبرياء.
فأحيانا تكون زوجة الأب مجردة من الإنسانية والعاطفة والحنان، وأحيانا تقوم بشحن الأب تجاه أبنائه فتكثر الأقاويل هذا فعل كذا، وهذه فعلت كذا وكثير من هذا القبيل، هذا إضافة إلى التفرقة في المعاملة بين أبناء زوجها وبين أبنائها.
لكن على الجانب الآخر هناك زوجات أب يحاولن تغيير هذه النظرة ويمسحن هذه الصورة السيئة التي رسمت عن زوجات الآباء بفعلهن الجميل مع أبناء أزواجهن.
فيخضعن لبعض التنازلات عند وجود أي مشكلة، ولا يقفن للصغير على كل كبيرة وصغيرة من الفعل، ولا يجعلن المشكلة تتفاقم، بل سرعان ما يجدن الحلول حتى لا يؤثرن على الجو العام للبيت.
لقد استخدمن عقولهن وذكاءهن بجانب قلوبهن، التمسن الأعذار لهؤلاء الأطفال خاصة عذر الحرمان من الأم الحقيقية وحاولن تعويضهم.
هؤلاء الزوجات كن يعلمن أن الله يأجر على كل صغيرة وكبيرة حتى الشوكة يشاكها المسلم يؤجر عليها.
السائلة الكريمة:
نحن نعلم أنه أحيانا - بل كثيرا - ما يحدث من الطفل ما يوتر الأم الحقيقية ذاتها ويثيرها، ولكن إذا عاملنا عقولنا بعقول هؤلاء الصغار ستغرق السفينة، سفينة الحياة!
فلا بد أن تعلمي أنك إذا خلوت ساعة مع هذا الطفل أو لحظة من الوقت، فإن عليك رقيباً، فإن الله تعالى مطلع عليك، يراك، سميع بصير، فلا تجعلي الله تعالى أهون الناظرين إليك.
ولعلك تعرفين قيمة الإحسان من الحديث الشريف "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك".
فلا بد أن تجلسي مع نفسك جلسة مصارحة، اسألي أحاسيسك ومشاعرك عن أسباب بغض هذا الصغير، وهل تحبين أن يعامل زوجك طفلتك اليتيمة بقسوة وبغض بنفس الطريقة؟
أحسني إلى طفله يحسن إلى طفلتك، فكل ما تزرعين ستحصدين، غير ما تحصدين من محبة زوجك وتقديره لك مع مرور الوقت.
وهناك حلول فيها صالح للطفل ولك في آن واحد:
مثلا، تعرّفي على هواياته - ولا تفرضي عليه أي نوع من الهوايات - فيخرج فيها طاقته.
حاولي إشغال هذا الطفل فيما هو مفيد له، كمشاركة في مجالس حفظ القرآن، أو شراء بعض القصص التربوية الهادفة، أو إشغاله برياضة يحبها، فبالتالي سينشغل وقته ويملأ فراغه، ويكون أكثر الأوقات منشغلا عنك بما هو مفيد.
حاولي أنت أولاً أن تحبيه من قلبك، وخاطبي نفسك، فهو طفل صغير، لا يملك من أمره شيئا، فقدَ أمه، ففقد معها الحنان والثقة والأمان، والسعادة القلبية، فهو ضعيف صغير قليل الخبرة، لم تصبح نفسه شريرة، ولا ماكرة، ولا خائنة، بل بفطرتها وطبيعتها..
فإن أنت أحببتيه سيشعر بذلك تلقائيا وسوف يحبك ويطيعك، وإن أنت أسأتِ معاملته سيسيء معاملتك ويضجرك..
اجعليه يحبك بمصاحبته وملاطفته وصنع ما يحب من الطعام والحلوى، وابدئي بتقديم أي طعام لهذا الطفل قبل الطفلين الآخرين.
اعلمي أن الطفل لماح ويفهم كل ما حوله، فبعد ذلك سيحترم نصيحتك ويسمع لتوجيهاتك.
علميه الخُلق والأفعال الحسنة والذوق وأدبيه، لكن احذري طرق العقاب البدني واللفظي فهما مرفوضان.
لا تُحقري من شيء يفعله ولا تشتكي منه أمام أصدقائه، بل اشكري له كل فعل طيب ولو قليل، وامدحيه أمامهم فبكلمات صغيرة تستطيعين كسبه.
انشري جو السعادة والحب داخل البيت، محاولة الخروج مع الزوج والأطفال الثلاثة للتنزه بالحدائق ولو على فترات، لزرع الحب بينكما من جديد.
ولا تنسي الدعاء فهو أول الطريق، وأسرعه وصولا، واستعيني بالصبر والصلاة على كل العقبات، واشغلي نفسك بالأعمال الصالحة ففيها صفاء للنفس وتنقية لنية العطاء، وفتح إلى طريق السعادة.