اكتئاب وانتحار بيوم الصحة العالمي...مَن المسؤول؟!
12 رجب 1438
د. زياد الشامي

أحيت المنظمة الأممية أمس الجمعة ذكرى ما يسمى "يوم الصحة العالمي" , وهي ذكرى مرتبطة بتاريخ الـ 7 من أبريل/نيسان من كل عام ، وهو اليوم الذي تم فيه تأسيس منظمة الصحة العالمية ، التي تعد واحدة من عدة وكالات تابعة للأمم المتحدة متخصصة في مجال الصحة , ومقرها في جنيف بسويسرا .

 

 

 

وتناولت حملة يوم الصحة العالمي لهذا العام 2017م موضوع "الاكتئاب" تحت عنوان "دعونا نتحدّث عن الاكتئاب" .

 

 

وضمن منشورات المنظمة عن هذا الموضوع على موقعها الإلكتروني قالت : إن الاكتئاب مرض يميّزه الشعور الدائم بالحزن وفقدان الاهتمام بالأنشطة التي يمارسها الشخص عادةً ، وهو يقترن بالعجز عن أداء الأنشطة اليومية لمدة أسبوعين على الأقل , مضيفة أن الاكتئاب يؤثر على الناس بجميع أعمارهم ، وفي جميع مناحي الحياة بالبلدان كافة ، و يسبب ألماً نفسياً ، ويؤثر في قدرتهم على القيام حتى بأبسط المهام اليومية ، ويخلّف أحياناً عواقب مدمرة على علاقاتهم مع أسرهم وأصدقائهم وقدرتهم على كسب لقمة العيش .

 

 

 

وأشارت المنظمة إلى أن الاكتئاب يمكن أن يؤدي في أسوأ الأحوال إلى الانتحار، وهو الآن السبب الرئيسي الثاني للوفاة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاما على مستوى العالم , منوهة إلى رقم مخيف ومفزع في هذا المجال : كل ٤٠ ثانية شخص يقدم على الانتحار !!

 

 

 

وأكدت المنظمة أن مرض الاكتئاب في نمو ازدياد , مشيرة إلى أن هناك حاليا أكثر من 300 مليون شخص حول العالم يتعايشون مع الاكتئاب ، أي بزيادة تزيد عن 18% بين عامي 2005 و2015 .

 

 

وفي التعليق على هذا الموضوع لا بد أولا من إلقاء نظرة سريعة على مؤسسي وصانعي المنظمة الدولية عموما – ومن فروعها منظمة الصحة العالمية - وأهدافها الحقيقية , ومن ثَمّ الإجابة على سؤال التقرير عن المسؤول عن هذا الكم الهائل من الاكتئاب والانتحار ؟!

 

 

لعل جميع القراء يعلمون أن الولايات المتحدة الأمريكية ومعها الدول الغربية الحليفة هي التي صنعت وابتدعت منظمة الأمم المتحدة بجميع فروعها بعد الحرب العالمية الثانية , وأن الهدف الرئيس من هذه الصنعية لم يكن أبدا الحفاظ على السلم والأمن العالمي كما تزعم , بل الهيمنة على العالم وفرض الأفكار والمعتقدات الغربية على العالم بأسره .

 

 

 

وبما أن الأفكار والمعتقدات التي يحملها صانعي المنظمة الأممية هي علمانية ليبرالية لا دينية , بل هي أقرب إلى الإلحاد في الحقيقة والواقع , فإن مخرجات ما يصدر عن تلك المنظمة الأممية لا يعدو أن يكون نشرا وترويجا لتلك المعتقدات الباطلة , وما ينجم عنه من تصرفات وممارسات .

 

 

 

وإذا انتلقنا إلى انعكسات هذه الأفكار والمعتقدات الباطلة على أرض السلوكيات وأسلوب الحياة التي تسعى المنظمة الأممية بجميع فروعها ومنظماتها لنشرها وترويجها وترسيخها في حياة الناس في العالم , فإننا سندرك حينها مقدار التناقض والتضاد بين شعارات منظمة الصحة العالمية في يومها العالمي على سبيل المثال , وبين الواقع الذي ينطق بلسان الحال عن عكس تلك الشعارات تماما .

 

 

 

ولأن المثال دائما هو أفضل الوسائل لشرح الفكرة وتبسيطها , فلا بأس بتناول ما يتعلق بموضوع حملة ما يسمى "يوم الصحة العالمي" عن الاكتئاب والانتحار , ففي الوقت الذي ترفع فيه المنظمة شعار محاولة معالجة مرض الاكتئاب والتخفيف من آثاره ونتائجه المدمرة , وتزعم فيه أنها تحارب الانتحار وتسعى بكل إمكاناتها للحد من أعداده المتزايدة .......يلاحظ المتابع أن ما تحمله المنظمة من أفكار لا دينية وإلحادية خالية من أي إيمان بالله وارتباط به سبحانه , وما تنشره وتروجه من منظومة حياة مادية مقيتة بعيدة كل البعد عن الروح والقيم والأخلاق والمعنويات .....يساهم بشكل كبير في نمو الاكتئاب وتطوره , ويتسبب في ازدياد أعداد المنتحرين في العالم , وهو ما يتناقض بشكل واضح مع ما ترفعه المنظمة من شعارات وعناوين مخادعة في يومها العالمي المزعوم .

 

 

 

وإذا عدنا إلى مضمون حملة منظمة الصحة في يومها العالمي عن الاكتئاب , وجدناها تعزي المرض إلى أسباب وعوامل كثيرة , هي في الحقيقة من صنيعة وإنتاج الدول التي صنعت وأشرفت وما زالت تهيمن على منظمة الصحة وأخواتها , فالخمر والمخدرات التي اعتبرتها المنظمة أحد أهم أسباب الوقوع بالاكتئاب , هي في الحقيقة تجارة غربية عابرة للقارات والدول بامتياز !! ناهيك عن سبب الحروب والصراعات في الإصابة بمرض الاكتئاب الذي لا تخفى أصابع الغرب في إشعالها في معظم بقاع الأرض !!

 

 

 

والحقيقة أن مثال انتشار مرض نقص المناعة المكتسب المسمى "الايدز" في العالم الذي يعاني من الإصابة به الملايين هو مثال آخر للتأكيد على التناقض الصارخ بين ما ترفعه منظمة الصحة العالمية من شعارات مواجهته ومحاولة إيجاد علاج له , وبين ما تقوم به المنظمة من ترويج للإباحية واللقاء الجنسي خارج نطاق العلاقة الزوجية الشرعية الذي يعتبر سببا رئيسيا من أسباب الإصابة بالمرض وانتشاره .

 

 

 

أظن أن المسؤول عن زيادة أعداد المصابين بمرض الاكتئاب في العالم , والمسؤول عن كون الانتحار هو السبب الرئيسي الثاني للوفاة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاما بات معروفا بين كل ما سبق .