6 رجب 1438

السؤال

مشكلة ابن كتب له أبوه قطعة أرض أثناء حياته، ولم يفعل ذلك إلا له دونا عن إخوته الذكور والإناث، مما جعل إخوته يغضبون منه ويحقدون عليه، ومجتمعنا عموما يعاني من مشكلة توريث الأبناء حال حياة الآباء، وعادة ما يكون هناك الظلم لبعض الأبناء الذكور والإناث فهل هناك نصيحة للآباء في ذلك؟ وهل هناك شيء يمكن للابن هذا عمله؟ وهل يجب عليه التنازل عن عطية أبيه له؟ بعد وفاة أبيه؟ وكيف يصفي نفوسهم تجاهه وهو يحبهم ويتمنى لهم الخير؟

أجاب عنها:
الشيخ أ.د. ناصر بن سليمان العمر

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..

فالله سبحانه قد جعل العدل قيمة إيمانية كبرى، قال سبحانه: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}، وأمر بالعدل خصوصا بين الأبناء..
والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بالعدل بين الأبناء كما في قصة البشير رضي الله تعالى عنه لما نحل ابنه النعمان رضي الله عنه نحلة..

 

فعن النعمان بن بشير أنه قال: إن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكل ولدك نحلته مثل هذا"؟ فقال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فأرجعه" أخرجه مسلم.

 

وفي روية: قال: أريد أن تشهد على هذا فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "أَكُلَّ أبنائك أعطيتهم مثل ذلك"؟ قال: لا، قال: "أشهد على هذا غيري".

 

وفي بعض الروايات: "فإني لا أشهد على جور".
وفي بعض الروايات أيضاً: "أتحب أن يكونوا لك في البر سواء"؟ قال: نعم، قال: "لا إذن".

 

فعدم العدل في العطية يزرع الفتنة بين الأبناء، ويبذر بذور الكراهية بينهم، ويكون سبباً في ضعف البر بأبيهم وربما عدمه.

 

من جهة أخرى فلا يجوز للابن أن يأخذها لأنه عندما يأخذ هذه العطية يساعد على ظلم أبيه وعلى ظلم إخوانه، فأبوه ظالم لنفسه وظالم لأبنائه.

 

ولذلك أقول لهذا الأخ أن يبادر إلى قسمة هذه الأرض بينه وبين إخوانه بحسب فريضة الله في المواريث.

 

فإذا كان الأب مثلاً أوصى بالثلث يؤخذ الثلث منها أو بمقدار ما أوصى الأب والباقي يوزع على إخوانه وأخواته، وأن يتقرب إليهم ويبرئ نفسه من الجور الذي حصل.

 

وإن كان أخطأ في أخذها في حياة أبيه وتصرف فيها فعليه أن يعوضهم الآن بدلاً عنها فتصرفه ظلم لا يُقر.

 

وأوصي الآباء أن يتقوا الله في أبنائهم وأن يعدلوا بينهم، فإنه ليس هناك نصيحة أعظم من أن أقول: اتقوا الله، وهي التي أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم".

 

وإذا اتقى اللهَ سبحانه وتعالى الإنسانُ عدل بين أولاده، فالميل مع بعض الأولاد دون بعض، أو بعض البنات دون بعض، أو بعض الزوجات دون بعض كل هذا خلاف التقوى، وهو من الظلم الذي لا يُقر.

 

والله جل وعلا يقول في الحديث القدسي: "يا عبادي إني حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا" أخرجه مسلم.

فلنتق الله جميعاً في تعاملنا مع أولادنا.