1 شعبان 1438

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أعاني من مشاكل كثيرة وأيامي صارت روتينية، فأنا فتاة متعلمة من مجتمع محافظ، مما جعلني لا أنسجم مع محيط أسرتي التي لا تتكلم إلا عن أحوال الناس ومكاسبهم وممتلكاتهم، لذلك اخترت الانطواء على نفسي، بعد ذلك سافرت إلى بلد غربي ولكني لم أستطع أن أتأقلم مع أهله، وكنت أتمنى أن أعيش في بلد مسلم، وقد تعرفت على شاب أحبني بعد أن ربطتنا الصداقة لسنوات، وهو شاب خلوق ومن مستواي العلمي، ولكني حين أخبرت أهلي فوجئت برفضهم له، بداعي أنهم لا يرغبون أن أنتقل معه من البلاد الغربية التي لست مرتاحة فيها، وقالوا لي: أنني حين سأشتغل سيتقدم لي من لديه منصب أفضل وشهادة أحسن، وقدموا حججا واهية تبرر رفضهم لهذا الشاب، واتهموه بأنه يريد استغلالي مع أنهم لم يتعرفوا عليه ليحكموا على أخلاقه، واتهموا أسرته بالبخل والشح، على أساس أن بينهم صداقة ومعرفة سابقة، مع أن هذا الكلام غير صحيح، واتهمني والدي أنني عديمة التربية لأنني أتحدث مع الشباب، علما أنني لا أحدثهم إلا نادرا، ولا تربطني بهم إلا الزمالة، ويقدم لي أمثلة لبنات يراهن أفضل مني لأنهن مرحات وبشوشات، ولكنه لا يعرف أنهن أسوأ مني ويخرجن مع الشباب، وأنا لا أفعل ذلك..

ووجهت لي أسرتي كل أنواع التهم، ومع ذلك لم أتجرأ أن أدافع عن نفسي، لأنهم يرفضون حوار العقل، وهذا سبب لي صدمة لأني وجدت في ذاك الشاب كل ما يناسبني، ولأنني أعلم أن أسرتي لا تهتم للأخلاق بل للمظاهر، ففقدت الرغبة في الحياة وأصبحت أشعر بالوحدة، ولا يتصل بي إلا بعض الصديقات، ولا أرغب بالتواصل مع أسرتي لأنها لا تفهمني، وصرت أبكي كثيرا وأشعر بالحزن الشديد، وفقدت حيويتي ونشاطي، ولم يعد لي أي هدف بالحياة بعد أن ضاعت أحلامي، بتكوين عائلة في بلدي الأصلي مع شخص يحترمني ويفهمني، بخلاف أسرتي التي صدمتني بمطامعها المادية، وباقترافها لما لا يرضي الله..

أجاب عنها:
د. صفية الودغيري

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

أختي السائلة الكريمة، بداية أشكر لك ثقتك بموقع المسلم، وطرحك لاستشارتك، أما بالنسبة لمشكلتك فألخصها فيما يلي:

ـ الانطواء على النفس بسبب عدم الانسجام مع محيط أسرتك.

ـ شعورك بالغربة داخل بلد غربي لم تستطيعي التأقلم مع أهله، ورغبتك في العيش والاستقرار داخل بلد مسلم.

ـ معارضة الأهل لزواجك من شاب تعرفت عليه، لأسباب واهية متعلقة برغبتهم الشخصية في زواجك ممن لديه منصب أفضل وشهادة أحسن..

ـ تنقيص والدك من شأنك، واتِّهامك بسوء الأدب والتربية لأنك تتحدثين مع الشباب، علما أن ما يربطك بهم لا يتعدى الزمالة.

ـ فقدانك لحيويتك ونشاطك ورغبتك في الحياة، وشعورك بالوحدة والحزن الشديد، وعزوفك عن التواصل مع أسرتك التي صَدَّت أحلامك، وعارضت رغبتك في تكوين عائلة في بلدك الأصلي مع زوج يحترمك ويقدرك..

 

ومن النصائح والإرشادات التي أقدمها لحل مشكلتك ما يلي:

بداية أقول لأختي الكريمة..

للأسف ما زلنا نعاني داخل مجتمعاتنا العربية من استبداد الأُسَر، وتحكُّمِهم في اختيارات وقرارات تتعلَّق بمصير أبنائهم وبناتهم، وعدم تيسيرهم لأمور الزواج لأسباب تتعلق في أغلبها بشروط مادية، في حين لا تأخذ بعين الاعتبار بالشرط الأساس في بناء الزواج وهو التَّدين والأخلاق، وحُسْن السَّريرَة والسُّلوك..

 

وتلك الأسباب الواهِية تَدْفع بعض الأُسَر إلى فَرْض رأيهم بذَريعة أنهم أَدْرى بمصالح أبنائهم وبناتهم، فيُسيئون إليهم ويَضُرُّون بمصالحهم وإن كان بدافع الحب، فيتسَبَّبون في ارتفاع نسبة العُنوسة والعُزوف عن الزواج، ويساهمون بتشددهم في نشر الفساد داخل المجتمع، وتشجيع أبنائهم وبناتهم ـ وإن لم يقصدوا ذلك ـ علىى سلوك الطُّرُق المشبوهَة وغير المشروعة..

 

ثانيا: لقد أخطأت حين ارتبطت عاطفيا بشاب خارج ميثاق الزواج، لأن هذا الميثاق هو الحصن المنيع الذي يَعِفُّ النَّفس، ويُحَصِّن العلاقة التي تربط بين الرجل والمرأة ويصونها من الوقوع في الحرام، ولا توجد صداقة بين الجنسين إلا في المجتمعات الغربية، حيث تنتشر الفوضى في العلاقات والتَّعبير بحرية عن الرَّغبات، والإقبال على الشَّهوات بلا وازِع ولا رادِع ولا ضابط، ولأنَّ الصداقة تُفْضي ـ في الغالب الأعم ـ إلى ارتكاب المحَرَّمات، والوقوع في كثير من المحظورات والمخالفات الشَّرعية، من التَّساهل في الاختلاط، والخلوة، والظُّهور بمظاهر التَّجَمُّل المُبالغ فيه، إلى أنْ يصِل الحال إلى السُّقوط في شَرَك الإغواء والإغراء، وإنْ كانت العلاقة في بدايتها لا تتعَدَّى الصداقة والزَّمالة البريئة، إلا أنَّها لا تلبث أنْ تتطَوَّر بفِعْل الاحتكاك اليومي، وتجاذُب أطراف الحديث، وتكرار اللِّقاءات سواءً عيانًا أو هاتفيًّا، إضافةً إلى ما يحدث أثناء ذلك من البَوْح بأسرار النفس، والمُكاشَفَة والمُصارحَة التي يَعْقبُها الشُّعور بالأُلْفَة، والرَّاحة، والسعادة، نتيجة تفريغ الهموم والتخلُّص من مكبوتات النفس، والأُنْس بالمحادثات والمناقشات..

 

ثالثا: ما دمتِ ترغبين بالعيش في بلد مسلم، فعليك أنْ تَتقيَّدي بأحكامه وشروطه، وتقاليده وأعرافه، التي ضابطُها هو الإسلام، والاحتكام فيها إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأيُّ معيار خارج عن معيار وميزان الدين الإسلامي قهو معيار وميزان فاسِد، وإنْ كان معيار المجتمع الغربي يشجِّع مثل هذه العلاقات العاطفية والصداقات بين الرجل والمرأة، فهو معيار موافق لقانونهم وشريعتهم الوضعية ولكنَّه مخالف لشريعتنا العادلة، المُنظِّمة لسلوكنا ومعاملاتنا وَفْق ما يُلبِّي رغباتنا وتفريغ عواطفنا في إطارها الصحيح وداخل وعائها المناسب لها..

 

رابعا: إن كان قد شاع وذاع في أوساط الطلبة والمتعَلِّمين داخل المجتمعات التي تُبيح الاختلاط وجود مثل هذه العلاقات فهذا ليس دَليلاً على صِحَّتها وشَرْعِيَّتها، وصَدق الحقُّ سبحانه إذ نبَّهنا وأرشدنا إلى عدم الانْسِياق وراء الكثرة المنحرفة عن سَواء السَّبيل فقال تعالى: (قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ۚ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) سورة المائدة: الآية 100.

 

فأيَّة علاقة بين الجنسين خارج إطار الزواج هي علاقة مخالفة للشَّرع والعقل، لأنَّ من طبيعة كل من الرجل والمرأة أن يميل إلى ما هو مَجْبول على الميل إليه، وكل منهما مَفْطور على الانْجِذاب إلى الآخر، ومن هنا يزيِّن الشيطان للإنسان هذه العلاقات ليَصُدَّه عن سلوك الطَّريق المستقيم، وصَدق الحقُّ سيبحانه إذ قال تعالى: (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ) سورة النمل: ألاية 24.

 

وصَدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال: (ما تركت بعدى فتنة هي أضر على الرجال من النساء) رواه البخاري ومسلم.

وبالتالي فلا توجد علاقة بريئة أو صداقة بين الرجل والمرأة سواء في الجامعة أو العمل أو أي مكان آخر..

 

وهذا من شأنه أن يحُثَّك على أن تقفي وقفة محاسبة مع نفسك، بدل الانطواء والرُّكون إلى العزلة والوحدة، والشعور بالحسرة والحزن والاكتئاب، لأن علاقتك بذاك الشاب لم تسلك السَّبيل الموافق للشَّرع ولم تنضبط بضوابطه، ولا عِبْرة للعُرْف الاجتماعي المخالف لميزان الحلال والحرام..

 

خامسا: أعتقد أنك ـ أختي الكريمة ـ قد فشلت في أن تفرضي احترامك وتقدير شخصيتك ومكانتك العلمية داخل أسرتك، ذلك أنَّ مفاتيح النجاح تبتدئ بإقامة علاقة ناجحة مع أفراد الأسرة، وربط أواصر المودَّة والمحبَّة مع الأب والأم، والحوار الناجح لا تُؤَسِّسه الأسرة بمعزل عن الأبناء، بل يشتركون جميعا في خلق التَّفاهم والانسجام والتآلف فيما بينهم..

 

وبالتالي إن كانت أسرتك لا تفهمك، ولا تشعر باحتياجاتك النَّفسية والعاطفيَّة، فهذا لأنَّك عجزت أن تُوظِّفي الأسلوب الأَنْجَع والطَّريقة المُثْلى في مخاطبتهم والتعامل معهم، ولم تستخدمي سلطة الخطاب المُقْنِع للعقل والمؤثِّر على الشعور، والذي من خلاله تملكين أن تحتويهم وتقنعيهم بما تؤمنين به وتُبَلِّغيهم فكرتك بالمنطق والدَّليل، وتناقشيهم بأسلوب جذَّاب يكسر الحاجز الذي يفصل بينك وبينهم..

 

وهذا التَّوجيه والإرشاد لا أقصِد من ورائه اتِّهام شخصيتك بالضعف أو الانحراف، إنما الغاية المَرْجوَّة هي المكاشفة والمصارحة لتقويم السلوك، ونقد الذات لردِّها إلى سواء السبيل، ولأجل اكتشاف أسباب معاناتك الحقيقية..

 

سادسا: أحيانا نعاني في الحياة نتيجة نظرتنا السَّلبية لبعض الأشخاص، الذين نصنع منهم أبطالا في قصة هم من يديرون فصولها، في حين نغفل عن كوننا جزءًا لا يتجَزَّأ عن تلك الفصول، وأنَّنا نشارك أولئك الأبطال في صناعة وإنتاج قصة معاناتنا، فلعلك قد بالغتِ في نظرتك السَّلبية لأسرتك، ولعلَّ اعتراضهم على ذاك الشاب ليس بدافِع أطماعهم المادية، بل بدافِع الحب وهو أقوى وأعظم من أي سبب آخر، وهذا ما يجعلهم أشدَّ حرصا على مصلحتك، وأكثر خوفا على راحتك وسعادتك..

 

سابعا: لو فكَّرتِ قليلا وسألت نفسك: ماذا ستجني أسرتك من وراء زواجك بشخص أفضل من ذاك الشاب الذي اعترضت عليه؟ وماذا ستخسر أو تربح لو وافقت على زواجك من ذاك الشاب؟

 

سيكون الجواب هو: أنَّك وحدك من ستتزوجين لا أسرتك، وبالتالي فأنت من ستربحين أو تخسرين وليس أسرتك، كما أن اعتراضهم مرتبط باختلاف في وجهات النظر، فأنت تنظرين لذاك الشاب على أنه مناسب لك، ويحبك، ويفهمك، لأنك ارتبطت به عاطفيا لسنوات، أما أسرتك فهي لم ترتبط به عاطفيا ولا تعرف شسئا عن أخلاقه وسلوكه لتحكم عليه، إنما تعرف أخلاق أسرته لهذا ترى أنه غير مناسب لك، انطلاقا من تقييمها لوضعه المادي والوظيفي ومكانته العلمية، ولأنها ربطت سلوكه بسلوك أسرته وما تعرفه عنهم من بخل..

 

لهذا السبب ينظرون للمسألة من جهة: ماذا سيقدِّم لك من وسائل الراحة، وماذا سيوفِّر لك من أسباب السعادة والهناء والعيش الكريم، لأنَّهم يحبونك ولأنَّك غالية على قلوبهم، ويطمحون إلى أن تتزوجي بشاب يليق بك وبمستواك الاجتماعي والأسري..

 

ثامنا: قد أثار انتباهي وأنا أقرأ رسالتك مسألة مهمة جدا وهي: عدم وجود استقرار عاطفي ودفء أسري، إضافة إلى افتقادك الشُّعور بالدِّفء والأمان في وطن وعشٍّ آمن يحتويك بالكامل، كما أنَّ استقرارك في بلد غربي قد ضاعف من شعورك بالوحدة والاغتراب، والاحتياج للحنان والعطف والحب، لهذا السبب كان ظهور ذاك الشاب في حياتك هو البديل عن الأسرة التي لم تُوَفِّر لك أسباب التَّواُصل والتَّخاطُب والحِوار في جوِّ أُسَري يعُمُّه التفاهم والانسجام، كما أن حنينك الدائم إلى العيش في بلدك الأصلي، جعل هذا الشاب يمثِّل ذاك الحلم الذي رافقك خلال فصول حياتك، وكان هو انعكاس للشاب العربي المسلم الذي كنت تطمحين أن يؤسِّس معك أسرة تُعَوِّضك عن ذاك الشعور بالاغتراب، فصار هو طوق نجاتك من جو الأسرة الخانِق والواقع المُتأزِّم، والسبيل الوحيد لخلاصك من ذاك المحيط الذي ترفضين العيش في وسطه، وتحقيق حلم حياتك في العيش في بلدك الأصلي..

 

وبالتالي فما تشعرين به حاليا من الإحباط ورفض الحياة، والحزن الشديد، هو نوع من الاكتئاب النفسي، والصدمة القوية النَّاتجة عن ارتباطك العاطفي القوي بذاك الشاب الذي علَّقت على زواجك به كل أحلامك وآمالك وما تطمحين إليه في حياتك..

 

تاسعا: احْرِصِي على أن تكسبي مودَّة أسرتك ومحبَّتهم ورِضاهم عنك، وصارحيهم بمعاناتك النفسية وتواصلي معهم بدل العزوف عنهم، وإذا تأكَّدت أن ذاك الشاب هو كفء ومَرْضِيّ الدِّين والْخُلُق، ويستطيع أن يُوَفِّر لك الحياة الطيبة الكريمة، كَرِّري المحاولة في إقناعهم برغبتك في الزواج منه، وحاوريهم بالعقل والحكمة والموعظة الحسنة، واسْتَعيني بمن يمكن الاستعانة بهم من الأقارب والأهل، والأصدقاء، ومن تثقين بنزاهتهم وعلمهم، لمساعدتك في إقناعهم بتزويجك منه، وأن الواجب القبول به تسليما لحكم الله واتِّباعا لرسوله صلى الله عليه وسلم الذي جاء في حديثه: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض) رواه الترمذي، وفي حديثه صلى الله عليه وسلم: (ثلاثةٌ يا عليُّ لا تُؤَخِّرْهُنَّ الصلاةُ إذا آنَتْ والجنازةُ إذا حضرتْ والأيِّمُ إذا وجدت كُفْؤًا) سنن الترمذي ومسند أحمد..

 

وفي الختام..

احْرِصي ـ أختي الكريمة ـ على طاعة الله ومرضاته، وأَصْلِحي ما بينك وبين الله يصلح ما بينك وبين أهلك، واسْتَخيري الله في أمر زواجك بهذا الشاب، وصَلِّ ركعتين خالصتين لله بنية صلاة الاستخارة، وردِّدي بعدها دعاء الاستخارة وسيقضي الله حاجتك، وأَكْثِري من الإلحاح على الله بالدعاء في مواطن الاستجابة، وسيشرح الله صدرك، وسيصرف عنك ما يحزنك وسيفرج كربتك، ويهديك إلى سواء السبيل، وينير بصيرتك إلى ما ينفعك، ويُرَضّيِك بقضائه وقدره..

 

وأعيدي النظر في علاقتك بوالدك وباقي أفراد أسرتك، واكْسِري الحاجز الذي يفصل بينك وبينهم، واجْتَهِدي في تغيير نظرتهم السلبية إليهم، وافْرِضِي احترامك عليهم بثقافتك وعلمك، وحكمتك وذكائك، وتديُّنك والتزامك، وكوني انعكاسا حقيقيا لذاك المجتمع المحافظ الذي تنتمين إليه، وكوني فخْرا لكل فتاة مسلمة في أقوالك وأفعالك، وعلاقاتك، وفي ثقتك بنفسك واعتزازك بأخلاقك وكرامتك ومكانتك العلمية، فأنت لديك من المؤهِّلات ما تلزم القريب قبل الغريب للإصغاء والإنصات لآرائك وأفكارك، والإذعان لقراراتك واختياراتك ما دامت لا تخالفين الشرع، واثْبِتِي لهم بالدليل أنك تستحقين ثقتهم وتقديرهم ومحبتهم، وافتخارهم بك بقوة شخصيتك وسلوكك ونشاطك اليومي..

 

وثقي بأن الله لن يتخلَّى عنك، وإن لم يكتب لك الزواج من ذاك الشاب فاعلمي أن لا خير فيه، وسيعوضك الله ما فيه الخير لك، واعلمي أن من ترك شيئا لله عوَّضَه خيرا منه، ولا تقاطعي أهلك بسبب اعتراضهم على هذا الزواج، حتى لا تحرمي من برِّ والديك ورضاهم عنك، ولا تجبريهم على ما يكرهونه..

 

أسأل الله العلي القدير أن ييسر لك أمر الزواج وأن يعفَّك ويحصِّنك، وأن يحميك من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يرزقك زوجا صالحا يكون عونًا لك على طاعة الله ومرضاته..