الاتحاد الأوروبي بمظهر رجل مريض يطرق باب الستين
18 جمادى الأول 1438
محمد بارلاس

سيتم الاحتفال الشهر المقبل، بالذكرى الستين للسوق الأوروبية المشتركة الذي شكّل سنة 1957 من قبل ست دول، والذي يعتبر العنصر المكوّن  للاتحاد الأوروبي الحالي. إلا أنّ أوروبا 2017 مختلفة جداً عن أوروبا 1957...حتى أنه من الممكن أن نرى في الأيام القليلة المقبلة، مسألة حل الاتحاد الأوروبي لنفسه.

 

 

هناك انتخابات هذا العام في كل من فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا وهولندا، الدول الأعضاء لدى الاتحاد الأوروبي، وعند النظر الآن إلى المرشحين الذين يقومون بحملاتهم الانتخابية، نرى بأن الظاهرة "الأوروبية" القديمة لم تعد موجودة كما كانت من قبل.

 

 

رجال الدولة

مؤسسو السوق الأوروبية المشتركة هم رجال الدولة. حيث أعطى رجال الدولة أمثال أديناور، وروبير شومان، وموني، ودي غاسبيري، وهنري سباك وبيتش، ثقلاً لمصطلح "الأوروبية" وقدموا هذا المصطلح على بلادهم. لم تنضم بريطانيا إلى "السوق المشتركة"، إلا أنّ تشرشل كان يقول عند مناداته بمصطلح "دول الاتحاد الأوروبي"، بوجوب إنهاء التيارات القومية في البلاد.

 

 

نجوم الشعبوية

لنلقِ نظرة إلى يومنا هذا..."حزب الحريات" في أستراليا، أو "الجبهة القومية" في فرنسا، جميعها تستند إلى العنصرية ومعاداة الأجانب. حيث يرى لوبان الفرنسي، بأن الاتحاد الأوروبي عبارة عن قيود تحبس بلاده ضمنها، وبطبيعة الحال يتصدر مصطلح " Frexit" الذي يعني خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي. وبحسب بيبي غريللو زعيم حركة "خمس نجوم"، فإن ازدياد موجة الاعتقالات في إيطاليا تشير إلى ارتفاع موجة الشعبوية، وأنه يجب القول بـ "لا" لكل شيء.  

 

 

منظر مضطرب

في حال قيامكم بجولة بين دول الاتحاد الأوروبي، تجدون غرق اليونان في دوامة الديون، وانغماس رومانيا في فوضى مزاعم الفساد وترون إسبانيا على عتبة الإفلاس الاقتصادي. بالمناسبة أظن أنكم تتذكرون نية بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي، أي " Brexit".

 

 

الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي

إحدى الميزات الأخرى لأوروبا سنة 1957، هو الاتفاق والتحالف القريب مع أمريكا. والتقارب هذا يستند إلى نشأة حلف الناتو.

 

أمريكا التي أنقذت أوروبا من هتلر عقب الحرب العالمية الثانية، وساهمت بعدها بتمويل نهضتها من جديد عبر "خطة مارشل"، كانت تحاول بعد كل هذا حماية أوروبا ضد الخطر السوفييتي.

 

 

 أوروبا غير المخلصة

بإمكاننا رؤية الوضع السائد حالياً، من خلال تصريحات تيد مالوش، المتوقع تعيينه كسفير للاتحاد الأوروبي من قبل الرئيس الأمريكي ترامب، الذي اتهم أوروبا بغير الوفية. يقول مالوش الذي يبيّن بأن نهضة أوروبا من جديد عقب الحرب العالمية الثانية، كانت بفضل الولايات المتحدة الأمريكية: "إن الذي أوصل أوروبا إلى ما هي عليها اليوم، هو دماؤنا، وعرق جبيننا، ودموعنا وأموالنا نحن. حبذا لو كنا نرى الآن امتناناً وشكراً لأمريكا بدلاً من رؤية معاداتها".

 

 

نحتفل بالرغم من ذلك

يقول في إجابته على سؤال: "هل تخرج اليونان من الاتحاد الأوروبي برأيكم؟"، يجيب مالوش في برنامج تلفزيوني قائلاً: "لا أريد التكلم نيابة عن اليونان، لكن من وجهة نظري كاقتصادي، أعتقد أن هناك سبباً قوياً لخروج اليونان من منطقة اليورو".

 

نعم...هذا هو الحال في الاتحاد الأوروبي الذي لم نكن عضواً تاماً فيه بأي شكل من الأشكال...على الرغم من ذلك فإننا نبارك الاتحاد الأوروبي في ذكراه الستين.

 

 

المصدر: صحيفة صباح - ترجمة وتحرير: أخبار تركيا