داعشي.. في مطار إسطنبول
13 ربيع الثاني 1438
د.مالك الأحمد

يقول محدثي: “قابلته في مطار إسطنبول يتلفت يمنة ويسرة مذهولاً، سألني عن تأشيرة الدخول، دللته على المكتب ثم وقف بجانبي في الطابور في حال غير طبيعية زائغ النظر حائر الفكر، سألني على استحياء وخجل أين موقف الباصات إلى أنطاكيا؟

 

 

استغربت من سؤاله وشككت في وجهته، قلت: سوف أخبرك بإذن الله بعد الخروج من الجوازات.

 

 

أخذته إلى مقهى وسألته لماذا تريد أنطاكيا؟! وأنا شبه متأكد أنه سينضم لداعش!

قال: أريد الجهاد

قلت: أي جهاد؟

قال: أريد أن أنضم إلى كتيبة أبي القعقاع!

قال لي: إذا وصلت إلى مطار إسطنبول اركب الباص المتجه إلى أنطاليا ونحن نستقبلك هناك ونتولى أمرك.

لم يكن يحمل من المتاع إلا شنطة صغيرة على ظهره!

سألته: من هذا الرجل وكيف تعرّفت عليه؟

قال قائد مجاهد في سوريا تواصلت معه على الفيسبوك!

رددت عليه وما أدراك أنه صادق؟!

قال: أتاني بإثباتات من الميدان “صور ومقاطع” ورغّبني بالجهاد، وشرح لي حالهم الطيبة والإيمان العالي والأخوة الإسلامية!

 

 

أتدري، لقد أرسل لي مقاطع له يقاتل في الجبهة واسمي على قميص على صدره؛ فأثبت لي صدقه! وأنه حريص عليّ جداً ويريد الخير لي.

قلت له: هل تعلم ماذا فعلت داعش من قتل وتخريب وتفجير وأعمال انتحارية لقتل كتائب المجاهدين؟

 

 

واصلت الحديث معه قائلاً: أنا أجمعك بأحد قيادات الجهاد السورية واسأله بنفسك عن الوضع هناك.

بعد هذه الدردشة لانَ قليلاً، وأقنعته بالذهاب معي إلى الفندق والمبيت.

 

 

في المساء زرنا شخصيةً سورية أوضحت له عدم حاجتهم للشباب سواء من السعودية أو غيرها وأوصاه بالعودة ونفع بلده.

الغريب أن الشاب السعودي طالبٌ في الجامعة وهذه أول سفرة له خارج السعودية، وهو ممتلئ حماسة ورغبة في خدمة الإسلام!

 

 

سألته: هل والداك على علم بنيتك هذه؟

قال: لا

قلت: هل ترضى أن تدعو عليك أمك؟

قال: لا

قلت: هل ترضى أن تحمل حزاماً ناسفاً بأمر من أبي القعقاع لتفجر به إخوانك؟

قال: لا

سألته: أين تسكن؟

قال: بلدة قريبة من جدة

 

 

في الغد أخذته للمطار واشتريت له تذكرة عودة إلى السعودية وأوصيت أحد الشباب بمرافقته في المطار لأنه لا يعرف لغة إنجليزية ولا يعرف أين يذهب في المطار! وأكدت عليه أن يرسل لي رسالة تأكيداً إذا وصل بلدته. فعلاً استجاب وأرسل لي رسالة شُكر.

 

 

انتهت رواية صاحبي لكن قصة داعش لم تنتهِ.

 

 

أين جهودنا الإعلامية في مقاومة هذا الفكر؟

أين المؤسسات التربوية والفكرية؟

أين المؤسسات الدينية؟

 

 

كيف يستطيع شباب على بُعد آلاف الأميال التغريرَ بشبابنا ونفشل نحن في حمايتهم!

الأمر يحتاج مراجعةً متأنية وجهوداً كبيرة ومقاومة تتناسب مع حجم التحدي والتهديد.

 

 

 

المصدر/ تواصل