أمريكا.. هل ترغب أو تملك خيارات أخرى في سوريا؟
13 محرم 1438
طلعت رميح

يراهن بعض المحللين على الإدارة الأمريكية الجديدة – قبل أن تضع الانتخابات الأمريكية أوزارها - ويرون أنها ستتخذ مواقف أفضل (مختلفة) في سوريا. وإذا كان أمر الصمود والصبر الإستراتيجي للثورة السورية، يرتبط في الأصل، بالاعتماد على الله، وعلى تحقيق مزيد من الارتباط بالشعب السوري، وعلى السير نحو وحدتها المفتقدة، وعلى دعم الدول العربية والإسلامية، فمواقف الإدارة الأمريكية القادمة لن تختلف عن الحالية، إذ الولايات المتحدة (كدولة، وصانع القرار الإستراتيجي الأمريكي بها)، لن ترى خيارا أفضل لأمريكا مما هو جار الآن في سوريا، ومن ثم ستتركز الجهود في البحث عن خيارات، تتعلق بالصراع مع روسيا على الصعيد الدولي أو على صعيد النفوذ والهيمنة والسيطرة في الإقليم، بل سينحصر البحث في كيفية منع روسيا من الاستفادة من التوظيف الأمريكي لقدراتها العدوانية في سوريا، وكيفية منع تحولها إلى قوة مهينة وطاردة للنفوذ الأمريكي بها. لن يجري البحث عن خيارات تتعلق بمصالح أو بأنصاف الشعب السوري أو بكيفية وقف المذابح التي يتعرض لها.

 

والأهم أن الولايات المتحدة لن تجد لديها خيارات أخرى في معركة سوريا ذاتها، إن هي بحثت في ذلك، إذ ليست العبرة في امتلاك أدوات القوة العسكرية – وهي بالفعل تمتلك أدوات التفوق العسكري على روسيا وعلى أية دولة أخرى في العالم - وإنما العبرة في توفر الظرف الإستراتيجي، لتحقيق نتائج من استخدام تلك القوة. وبوضوح فإن إحدى مشكلات استخدام القوة الأمريكية في سوريا يتعلق بالمستفيد منها لا بأن روسيا قادرة على مواجهة أمريكا.

 


وبوضوح أكثر
، فإن دعم المعارضة في سوريا ليس الخيار الأمريكي، سواء لأن أغلبهم من السنة الذين حاربتهم وتحاربهم أمريكا من أفغانستان إلى العراق إلى سوريا، أو لأنهم أصحاب نزعة عدائية ضد إسرائيل، إن لم يكن اليوم فغدا، إذ من يحرر أرضه من المحتلين الإيراني والروسي سيتوجه يوما لتحرير أرضه من الاحتلال الإسرائيلي. ووفقا لهذا التقدير الإستراتيجي، منعت الولايات المتحدة تسليح قوى المعارضة - بما في ذلك من تصفهم بالاعتدال - وتوجهت لدعم الأكراد (في تكرار لمشهد العراق) بالمال والسلاح والخبراء، حتى حولتهم إلى قوة في مواجهة المعارضة (والمواقف لا تعد ولا تحصى)، ودفعتهم في مواجهة تركيا، المساند المباشر للمعارضة بحكم الجغرافيا.. إلخ.. ولا خيارات أخرى لأمريكا في سوريا.

 


ومن الأصل
، فالسؤال الأهم هو لماذا تبحث الولايات المتحدة عن خيارات أخرى في سوريا، فيما الوضع الراهن يحقق مصالحها، سواء بقاء الأسد (ومنع المعارضة من إطاحته) أو الدور الروسي، أو استمرار عمليات التهجير للسنة.. إلخ.

 


الأسد هو أفضل خيار للولايات المتحدة
، وإن كان مفضلا في السابق، فهو الآن أفضل الخيارات، إذ تحطمت قدراته وأصبح قابلا للترويض كليا. وروسيا في كل ما تفعل، لا تسير في خط مضاد للأهداف الإستراتيجية الأمريكية، وهي إذ قدمت للمنطقة بالتنسيق الكامل مع الحليف الإستراتيجي لأمريكا (إسرائيل)، فهي ذاتها تخوض معركة مكملة لتلك التي تخوضها الولايات المتحدة في العراق، إذ ليست مصادفة أن الولايات المتحدة تتحالف في العراق، مع ذات القوى التي تتحالف معها روسيا في سوريا (إيران وميلشياتها). كما ليست مصادفة أن نفس أعداء الولايات المتحدة في العراق هم نفس أعداء روسيا في سوريا. وإن عمليات التهجير الجارية في العراق (للسنة) على يد الميلشيات التي يغطي نشاطها الطيران الأمريكي، هي نفس عمليات التهجير الجارية في سوريا (للسنة) على يد نفس الميلشيات التي تحظى في سوريا بغطاء من الطيران الحربي الروسي.

 

باختصار، فكل ما يقال عن إعادة النظر في الخيارات الأمريكية، لا يتعلق بنصرة المعارضة ولا بمآسي الشعب السوري، بل بمواجهة مخاطر تعمق الدور الروسي في المنطقة على حساب المصالح العليا للولايات المتحدة.

 

المصدر/ الشرق