معاناة حلفاء أميركا حول العالم
3 محرم 1438
علي باكير

بعد اضطرار القوات العسكرية السعودية الدخول في معركة اليمن، وانخراط القوات المسلحة التركية مؤخراً في عملية عسكرية في شمال سوريا، ها هي باكستان اليوم على شفير حرب مع الهند إثر تصاعد التوتر بشكل غير مسبوق مؤخرا بين البلدين.

 

في نهاية شهر سبتمبر الماضي، قتل 18 جنديا هنديا في هجوم شنه مسلحون على قاعدة عسكرية للجيش الهندي في منطقة كشمير ذات الغالبية المسلمة التي تدعي الهند أنها تابعة لها. وقد اتهمت السلطات الهندية باكستان بأنها وراء الهجوم وحملتها المسؤولية الناجمة عنه ثم ما لبثت أن قامت بما سمته «ضربات جوية جراحية» في المنطقة التي تقع تحت سيطرة باكستان من كشمير. كما تبادل الطرفان القصف المدفعي بعد مصرع جنديين باكستانيين جراء إطلاق نار من الجانب الهندي.

 

صحيح أن كثيرين يستبعدون وقوع حرب كبيرة بين البلدين النوويين نظراً للتداعيات المدمرة التي من المؤكد أنها ستحملها معها ناهيك عما يشكله ذلك من خطر على الأمن الدولي، لكن الحقيقة تقول إن الباكستان والهند دخلتا سابقا في عدة حروب مع بعضهما البعض منذ العام 1947 وحتى العام 1999 ناهيك عن المعارك المحدودة الطابع والناجمة عن نزاعات منخفضة المستوى، وبالتالي فإن استبعاد مثل هذا الخيار قد يؤدي إلى تسريع اندلاع مثل هذه الحرب لاسيَّما في ظل الانفلات الدولي واحتدام التنافس الإقليمي في مناطق مختلفة من العالم لاستغلال ما يعتبر فرصة تاريخية لملء الفراغ الذي يتركه تراجع الولايات المتحدة على المستوى العالمي.

 

من بين الملامح التي بدأت تتبلور بشكل واضح على الساحة الدولية خلال الولاية الثانية للرئيس الأميركي باراك أوباما بالتحديد، تضخم موقع ودور روسيا الدولي، وتصاعد طموح الصين الإقليمي مدفوعا بتنامي قدراتها العسكرية وتوسع نفوذ وسيطرة إيران الإقليمية بشكل غير مسبوق، وما التحرك الهندي العسكري ضد باكستان مؤخرا إلا مؤشر أيضاً على لحاق الهند بهذه القوى.

 

في المقابل، من الواضح أن حلفاء الولايات المتحدة التقليديين في مناطق مختلفة من العالم يعانون جيوبوليتيكيا بشكل غير مسبوق، ويتعرضون لضغط عسكري متزايد من قبل خصومهم ومنافسيهم الإقليميين. ولا يكفي أنهم وجدوا أنفسهم فجأة خلال السنوات القليلة الماضية، وبدون سابق إنذار، أمام وقائع جيوبوليتيكية قاسية تتطلب منهم الاعتماد على قدراتهم الذاتية بعد عقود طويلة من الاعتماد على الولايات المتحدة، إلا أن مشكلتهم الكبرى هي ميل إدارة أوباما إلى دعم خصومهم التقليديين الأمر الذي يقوض أي محاولات حقيقية لتحقيق توازن في ميزان القوى وردع خصومهم المدفوعين بنوايا توسعية في ظل التراجع الأميركي، وبالتالي يستنزف قدراتهم إلى أبعد حد وبما يفوق قدرتهم على التحمل.

 

تركيا واليابان وكوريا الجنوبية وحتى العديد من دول الاتحاد الأوروبي كلها تعاني من هذه المشكلة. ولا تخرج باكستان عن هذه الحالة. فخلال السنوات الماضية سعت إدارة أوباما لتوثيق علاقاتها مع الهند، خصم باكستان التقليدي والأكثر تهديداً لها، في محاولة للاستفادة منها مستقبلاً في موازنة الصين.

 

ومن الواضح أن هذه المعادلة جاءت على حساب باكستان، ومن غير المتوقع أن تتغير المعطيات الإقليمية والدولية بشكل سريع حتى لو كان لدى الإدارة الأميركية الجديدة القادمة النية في تحقيق ذلك، ما يعني إمكانية تمدد الفوضى الدولية القائمة حاليا لسنوات قادمة.

 

المصدر/ العرب القطرية