السجال التركي–الأمريكي حول تطهير الجيش التركي
25 شوال 1437
علي باكير

نُقِلَ عن مدير المخابرات الوطنية الأمريكية جيمس كلابر، قوله قبل عدّة أيّام بأنّ عملية التطهير التي تقوم بها السلطات التركيّة حالياً في القوات المسلّحة التركيّة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة ستعرقل التعاون في الحرب ضد "داعش"، مشيراً إلى أنّ هذا التطهير سيترك تأثيره على هذا الأمر، لافتاً في نفس الوقت إلى أنّ كثيراً من الذين كان يتم التعامل معهم على الجانب التركي قد تمّ استبعادهم أو اعتقالهم، وأنّ كل هذا سيؤدي في المحصّلة إلى جعل التعاون أكثر صعوبة مع الجانب التركي.

 

 

 

كذلك عبّر قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال الأمريكي جوزيف فولتير عن قلقه على مستقبل العلاقات بين بلاده وتركيا، مشيرا إلى أن هذه الخطوة ستضعف عمليات القوات الأمريكية في المنطقة.

 

 

 

على الجانب الآخر من المعادلة، صدرت عدّة تعليقات على هذا التصريح الأمريكي من بينها تعليق لوزير الخارجية تشاووش أوغلو قال فيه أنّه من المؤسف أن يصدر تصريح كهذا، مشيرا إلى أنّ الصحيح هو عكس ما قاله كلابر تماما على اعتبار أنّ تطهير الجيش يجعل منه جهة موثوقة، نظيفة، وفعّالة في القتال، ومضيفاً أنّ "حصر القدرة العسكرية التركية بهؤلاء فقط، ينم عن جهل، إن لم يكن ينطوي على سوء نية".

 

 

 

كما عبّر رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان عن انزعاجه واستنكاره لهذه التصريحات والتصريحات الأخرى المشابهة للمسؤولين الأمريكيين والتي تصب في نفس السياق مؤكّدا أنّه سيتم اعتقال من شارك في العملية الانقلابيّة بغض النظر عن العدد.

 

 

 

وفي خضم عمليّة التطهير التي تجري ضمن القوات المسلّحة التركية، يبدو نظرياً أنّ هناك تناقضا بين التقييم الأمريكي لمستوى وفعالية التعاون المستقبلي مع تركيا وتحديدا مع القوات المسلّحة التركية في ما يتعلّق بمحاربة "داعش"، وبين ما يقوله وزير الخارجيّة التركي ورئيس الجمهورية. عمليّاً لا يوجد تناقض بين التقييميْن على الإطلاق بمعزل عن السجال السياسي أو التفسير الخاطئ.

 

 

 

لا شك انّ تنظيف الجيش من العناصر التي تمتلك أجندات مستقلّة عن أجندة الحكومة وولاءات خارجيّة ليست مرتبطة بالولاء المباشر للمؤسسة العسكرية سيجعل المؤسسة أكثر تماسكا وأكثر فعاليّة وأكثر قدرة على تنفيذ ما يطلب منها، سواء في سياق مكافحة الإرهاب أم في سياق حماية الأمن القومي التركي وتركيا كدولة.

 

 

 

لكن في المقابل لا بد من الاعتراف بأنّ تعويض حوالي 40% من الجنرالات والأدميرالات الذين تمّ صرفهم نتيجة الانقلاب الفاشل خلال فترة وجيزة ليس بالأمر السهل على الرغم من ترفيع 99 كولونيلا إلى مناصب عليا يوم الخميس الماضي لتعويض النقص الحاصل، وذلك لأنّ عملية الفصل والترفيع لم تأت في سياق طبيعي، إضافة إلى أنّها ليست عملية التطهير الأولى أو الوحيدة  التي تتم في صفوف الجيش خلال العقد الماضي، فبحلول العام 2012، كان هناك حوالي 50% من الأدميرالات خارج الخدمة كما تشير بعض التقارير.

 

 

 

ملء هذا الفراغ ربما يتم بشكل سريع ولكنّه سيكون في هذه الحالة على حساب الخبرة والكفاءة، ناهيك عن حقيقة أنّ إنشاء علاقات عمل بين الأمريكيين ونظرائهم الأتراك سيكون أصعب بالفعل في المواقع القياديّة، إن لم يكن من ناحية إعادة مناقشة المواضيع العسكرية مع الطاقم الجديد، فمن ناحية بناء شبكة العلاقات والثقة مع الجنرالات والأدميرالات الجدد خاصة في ظل الحديث المتكرر عن إمكانيّة أن يكون الجانب الأمريكي قد شار ك بطريقة أو بأخرى بشكل مباشر أو غير مباشر في دعم العملية الانقلابية الفاشلة، أو في ما يتعلق بالتساؤلات التي تطرح حول العلاقة بين الإدارة الأمريكية وفتح الله غولن وهو الأمر الذي من المرشّح أن يؤثر بشكل سلبي على العلاقات الأمريكية-التركية خلال المرحلة القادمة.

 

 

 

المصدر: عربي21