بعض الرؤساء والحكام في العالم الإسلامي ينسون أو يتغاضون عن كونهم مسلمين، فمن النظريات الغريبة التي يروَّج لها، ربط الشدة في الحكم بالظلم، وكلكم تعرفون المقولة الجائرة: المساواة في الظلم عدالة، وكلنا نعرف أيضاً أن الفاروق عمر رضي الله عنه كان حازماً بالحق وعادلاً، ولا ندري من أين أتوا بغير ذلك وفي أي دين، ولكنه واقع الأمة للأسف، وهناك من يفتي لهم بذلك.
وفي المقدمة أعلاه أحببتُ توضيح أن الحاكم إذا تصرف كإنسان ومسلم فهذا لا يخرجه من عباءة رشد الحاكم وهيبته، فإن بكى وتعاطف واحتضن المحتاج وقبل يد كبير السن، كما يفعل أردوغان، فهذا جزء من إنسانيته، وكمسلم هذا من صلب ما يدعو إليه دينه، ولا ينتقص من قدرته على الحزم.
الرئيس التركي تسبب للغرب ومنافقي العرب بما أطلقتُ عليه «متلازمة أردوغان» وهو مرض عضال لا علاج له لأن سببه إسلامه وتأثيره على قيادته لاحدى أكبر الدول ذات الأغلبية المسلمة، لا منصبه.
فعندما توجه إلى أميركا للمشاركة في تشييع جنازة محمد علي كلاي، هاجموه بأنه يبحث عن الشهرة والظهور، ماذا يريد بشهرة عبر جنازة وهو أكثر حاكم مسلم لديه شهرة وكاريزما؟! كما أنه ليس لديه مصلحة سياسية مع الميت وأسرته، ولا مادية، ولا شيء يدفعه سوى أن «محمد علي» مسلم وأردوغان تأثر برحلة كفاحه لنصرة المظلومين من بني جلدته ودينه.
وهنا مربط الحقد والبغض الذي دفع الأمن السري الأميركي للشجار والتدافع مع الحرس الشخصي الخاص للرئيس أردوغان، ومنه افتعل إعلام «المرجفين» المعروف بكراهيته لأردوغان وتربصه بحركاته وتتبعه حتى لنظراته، أنه غادر غاضباً قبل إتمام مراسم التشييع، والسبب منعه تلاوة القرآن وأنه أراد وضع قطعة من قماش الكعبة على نعش «محمد علي» فمنع، بينما مكتبه أكد أنه غادر لأنه «أتم واجبه الديني» وصلى على أخيه في الإسلام، لا أكثر ولا أقل.
ومن هذه القصة، وغيرها كثير، علينا أن نعي أن «منافقي المدينة» لهم ذرية منتشرة في كل مدن الإسلام، وهذا حتى تقوم الساعة، وإعلام الخزي احدى أذرعتهم التي يجب تشذيبها بكشف كذبها.
الأزمة التي يواجهها الغرب وإعلامه الموالي، أن أردوغان مسلم يمارس الإسلام ويعتز بدينه، وليس لأنه رئيس تركيا المنافس الاقتصادي الكبير والوسيط السياسي ذو الشعبية الواسعة في الإقليم.
وسيبقى أردوغان الرقم الصعب منذ أن غادر «دافوس» غاضباً بحق لا بتلفيق الإعلام، وستبقى متلازمته خنجرا في خاصرة الغرب إلى ما شاء الله.
المصدر/ جريدة الأنباء