حين بدأت الأزمة السورية كان رحيل الأسد هو أول أهداف الولايات المتحدة. وكان هذا الهدف يعتبر مشتركا بينها وبين حلفائها. ولكن مع مرور الوقت بدأت الولايات المتحدة بالإصرار على معرفة من سيكون بديل الأسد.
إن بحث الولايات المتحدة عن بديل للأسد يناسبها كان أمرا كافيا ليظهر عدم اهتمامها بإرادة الشعب السوري.
دكتاتور بديل
وهكذا أصبح البحث عن “شخص” بديل للأسد يعطي احتمالا بظهور دكتاتور جديد. أما نحن فمنذ البداية ونحن نقول إن بديل الأسد هو الديمقراطية. في حين أن الديمقراطية لم تكن يوما احتمالا واردا في المستقبل السوري بالنسبة للولايات المتحدة.
والأسوأ من ذلك أنه حين ننظر إلى النقطة التي وصل إليها الوضع الآن يمكننا أن نرى أن الولايات المتحدة بدأت تطبّق خططها في سوريا بشكل منفرد دون عرضها على حلفائها في المنطقة. ولم تضع في خططها مستقبلا يختاره الشعب السوري بنفسه. فهي لا تريد أبدا أن تترك هذا القرار إلى الشعب السوري، وما تراه هي مناسبا لسوريا سيكون إما الأسد من جديد أو دكتاتور بديل عن الأسد ولكن من نفس جنسه.
كما يبدو فإن حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات الحماية الشعبية أيضا تحتل جزءا مهما ضمن تلك الخطط. فمنذ البداية عرف الجميع حقيقة كون حزب الاتحاد الديمقراطي يتلقى الدعم والسلاح من قبل الأسد. ولهذا السبب أدى حزب الاتحاد الديمقراطي مهمته التي منحه الأسد إياها وقام بدوره على أكمل وجه منذ البداية. الغريب في الموضوع هو العلاقة بين داعش والنظام السوري.
بعد كل الأحداث التي جرت يمكننا أن نرى أن الولايات المتحدة لم تكن لديها مشكلة مع الأسد وأنها بقيت متمسّكة به رغم كل المجازر التي قام بها. ولهذا السبب تحديدا كانت على اتفاق مع حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يعتبر من أهم المدافعين عن الأسد. فليس هناك أدنى شك من كون الدعم الذي كانت تقدّمه لحزب الاتحاد الديمقراطي كان دعما للأسد. ففي هذا الحال هناك سؤال مؤلم: ما دام الأسد مهمّا إلى هذا الحد لماذا كانت الولايات المتحدة في البداية تحاول التحرك لمواجهة نظام الأسد بكل ذلك الإصرار؟ هل كانت هذه هي نية الولايات المتحدة منذ البداية أم أن خطتها تغيرت مع مرور الزمن حتى وصلت إلى وضعها الحالي؟
حكاية تغيّر الولايات المتحدة
الحكاية التي حكتها لنا الولايات المتحدة هي أن ظهور داعش هو الأمر الذي دفعها لتغيير صفها وذلك لكون داعش تشكّل خطرا عليها بالدرجة الأولى. ولهذا السبب جعلت الولايات المتحدة أولويتها في الصراع مع داعش وليس الأسد.
إن هذه الحكاية من الحكايات التي نسمعها كثيرا من مسؤولي الولايات المتحدة تحاول أن تظهر لنا أن حزب الاتحاد الديمقراطي هو أفضل من يحارب داعش وأنها تدعم حزب العمال الكردستاني لأجل ذلك فقط.
ففي الحقيقة إن دعمها لحزب الاتحاد الديمقراطي يعني دعم داعش بشكل غير مباشر في ظل علاقتها المعروفة مع الأسد. لأن سبب وجود داعش هو نظام الأسد نفسه.
إن شبكة العلاقات هذه تظهر لنا تناقضا عميقا في استراتيجية الولايات المتحدة في الحرب ضد الإرهاب. وفي الحقيقة إن هذا التناقض لن يفعل شيئا سوى تقوية الإرهاب في المنطقة والعالم أكثر وأكثر.
إن كون حزب الاتحاد الديمقراطي هو أفضل من يحارب داعش ليس سوى كذبة كبيرة تحتاج للدعم من قبل من كذبها. وبالتالي فإن هناك سبع دول تسعى لدعم حزب الاتحاد الديمقراطي اليوم. فالدعم الذي يتلقاه من روسيا مختلف ومن الولايات المتحدة مختلف ومن إيران مختلف ومن الأسد مختلف ومن حزب الله والشبيحة مختلف. يعاونونه بالمضادات الجوية والقوات الأرضية والدبابات والأسلحة ثم يدخل هؤلاء إلى المناطق المحررة وكأنهم أبطال.
في هذه الأثناء لا يُبخل عليهم بأي مساعدة وتُلبى كل احتياجاتهم. وبعد كل هذه المساعات يمنحون شعار المقاتل الأفضل ضد داعش لحزب الاتحاد الديمقراطي الذي ينتصر بكل صعوبة. فمن الذي تحاولون خداعه؟ تضعون كل هذه القوة على حمار ميت ثم تجعلون منه بطلا. تحاولون تحسين صورته مستخدمين وسائل الإعلام المختلفة ولكن لا تستطيعون أن تكتموا نهيقه.
حتى اليوم لم يتمكن هذا الحزب من تحقيق انتصار واحد أمام داعش قبل أن يحصل على هذا الدعم.
دعم عالميّ للإرهاب
وفوق كل هذه القوات، حصل أيضا على المساعدة من الإعلام العالمي والجيش الحر والبيشمركة حتى استطاع أن يتغلب على داعش.
وفي النهاية كان انسحاب داعش من تل أبيض أمام حزب الاتحاد الديمقراطي دون إطلاق رصاصة واحدة رغم مقاوته الجيش الحر لبضع سنوات بالمضادات الجوية، دليل على العلاقة بينهما وعلى أن من يقودهما واحد..
واليوم يُنتظر من داعش أن تلعب نفس هذه اللعبة في الرقة التي تحتفظ بها منذ سنوات.
لقد تم رسم دور حزب الاتحاد الديمقراطي كبطل سيناريو “أفضل من يحارب داعش”. وسيتم تحرير الرقة التي لم يستطع أحد أخذها من يد وحوش داعش من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي. وبالطبع فإن ما سيكمل هذا السيناريو هو قيامها بعمل بعض الأدوار الصغيرة في البداية. فقد تشاهدون في الفترة القادمة مشاهد لداعش وهي تقطع الرؤوس وتطلق النار عليهم وربما أكثر من ذلك.
إن الحقيقة هي أن حزب الاتحاد الديمقراطي تنظيم فيلقي يقاتل ضد شعبه طول هذه الفترة. وهو يمثل من منحوه هذا الدور فقط ولا يمثل الأكراد.
إن من صنعوا هذا السيناريو يسيطرون على الوحش والبطل في نفس الوقت.
المصدر:صحيفة يني شفق