ليبيا وساعة الصفر التي حانت
9 جمادى الأول 1437
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

يبدو أن الغرب قرر تدمير ليبيا كما دمر العراق وكما ترك سوريا لكي يدمرها بشار وروسيا وإيران..لقد ازدادت بشدة في الأيام القليلة الماضية التصريحات الغربية عن التدخل العسكري في ليبيا وأعلنت عدد من الصحف الغربية أن ساعة الصفر اقتربت بشدة وأن الخطر المحدق يأتي من ليبيا لأنها أصبحت "أحد أهم معاقل تنظيم داعش"!..

 

فزاعة جديدة ومريبة يستخدمها الغرب بشكل غريب الآن وهي فزاعة داعش حيث أن داعش لم تكن موجودة في ليبيا إلى وقت قرب وحتى الآن وجودها لا يمكن مقارنته بوجودها في سوريا والعراق ولكن فجأة بدأ الغرب يتحول ناحية ليبيا ويوجه عناية خاصة بها رغم أنه حتى اللحظة يغوص في مستنقعات العراق ولم يحسم المعركة المزعومة مع داعش كما أنه يرفض التدخل الحاسم في سوريا التي تعاني الأمرين من المليشيات الطائفية المنظمة والمدعومة من دول بعينها والتي تشكل خطرا أكبر  من خطر داعش في ليبيا فلماذا لا يواجهها رغم جرائمها المتصاعدة؟!...

 

المشهد الليبي شديد التعقيد منذ أن تم الإطاحة بالعقيد معمر القذافي وقتله في ظروف غامضة حيث تفرقت القبائل بين مؤيد للثوار ومؤيد للثورة المضادة التي وجدت من يدعمها بقوة بالمال والسلاح خوفا من تغير سياسي حقيقي في ليبيا قد يضر بمصلحة الخارج النفطية التي اعتمد عليها لسنوات طويلة عن طريق ابتزاز نظام القذافي الذي بعثر ثروات ليبيا على مغامرات عقيمة وهزلية..

 

التضخيم المتعمد لقوة داعش في ليبيا والخلط بينه وبين الثوار الذين أطاحوا بنظام القذافي ويقفون بالمرصاد لرجوعه عن طريق حفتر, والدعم الواضح الذي يتلقاه والحكومة الموالية له تضعنا أمام حقيقة واضحة وهو أن التدخل الغربي في ليبيا جاء بعد أن فشل حفتر وأعوانه في حسم المعركة ضد الثوار وبالتالي رتب الغرب على عجل أمر "الحكومة التوافقية" التي لم تنل موافقة الطرفين المتنازعين في ليبيا حتى اللحظة لكي يبرر لنفسه التدخل بناء على ما يسميه "طلب الحكومة الشرعية بالتدخل" وهو نفس المنطق الذي استخدمه بوتين في سوريا لتدميرها وينتقده الغرب على الأقل بشكل علني بعيدا عن الغرف المغلقة...الغرب كعادته في مثل هذه الغزوات الكارثية يبدأ التمهيد بتصريحات ومقالات في الصحف الكبرى وتحليلات لكتاب بارزين لغسل عقول الرأي العام الذي سيدفع الأرواح والأموال ويريد أن يفهم مقابل ماذا سيقدمها...

 

الغرب يتجاهل كما تجاهل قبل غزو العراق الأصوات العربية التي انطلقت للتحذير من التدخل في ليبيا وما سيترتب على ذلك من تداعيات خطيرة ليس أولها أزمة لاجئين طاحنة تزيد من عمق الأزمة الحالية التي فشل في وضع حلول لها, وليس آخرها مجازر يتعرض لها المدنيون ومآسي إنسانية تضاف لسلسلة لم تنته بعد من المآسي في العراق وسوريا واليمن...كلام كثير عن سايكس بيكو جديدة يخطط لها الغرب الآن لتفتيت الدول العربية الحالية إلى دويلات أصغر وأصغر تلبي له أطماعه وتعيش في فقر وضياع ولكن الذي يتجاهله الغرب أن العالم أصبح أصغر بكثير من ذي قبل وأن الأزمات التي ستندلع في هذه المنطقة لن تظل كما كانت من قبل فيها وحسب بل ستصل إليه في عقر داره.