18 جمادى الثانية 1437

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا فتاة في 25 من العمر، طالبة جامعية، سأنهي دراستي هذه السنة إن شاء الله، تقدم لخطبتي كثير من الشباب، لكني أستمر بالرفض، لعدة أسباب منها إذا توافرت الأخلاق الجيدة فانه لا يملك عملاً، ومنهم من يحبني لدرجة كبيرة لكني لا أحبه، فإني لا أريد الارتباط إلا بشخص أحبه، رغم أني لا أحب أي أحد، محتارة جدا.. أفيدوني.

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

أول المشاكل الزوجية قد تكون بسبب التسرع في الاختيار؛ لذلك فالتؤدة والهدوء والحكمة والتروي من أهم الأمور في ذلك.
الاختيار قد يكون صعباً بالفعل، لكن قد سهل لنا ديننا العظيم هذه الصعاب عندما وضع لنا بعض الأمور في الاعتبار وبين لنا خطوات نسير من خلالها للوصول لاختيار صحيح، منها:
1_ يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"، فالدين والخلق أساس الاختيار في شريك الحياة، وهذا أمر مسلم به، وهو الأصل في الاختيار.
2_ القبول؛ فالدين لم يشرع هذا اللقاء الأول في الخطبة من فراغ، فما تشعرينه من البداية هو مؤشر واضح ومحدد لمدى نجاح أو فشل هذا الارتباط.
فالقبول مسألة مهمة لا يخص الشكل فقط، فالكثير من الأزواج والزوجات يتمتعون بالشكل الحسن، ولكن الشكل وحده لا يكفي، فصدق اللهجة، وسماحة النفس، وطيب الكلام، وحسن السلوك، لا تنازل لهم مع الشكل ولا قيمة للشكل بدونهم.
وقد تخطئ الفتاة عند اللقاء الأول عندما تتسرع بالرفض، فلابد أن تعطي لنفسها فرصة، خاصة إذا تم القبول من الوهلة الأولى والنظرة الأولى، وأيقنت وشعرت بعدم النفور تجاه ذلك الخاطب والارتياح في الحديث معه، ولا بد أن تعلم أنه لا يشترط أن تجد في ذلك الخطيب الصورة التي رسمتها في خيالها عن فارس أحلامها، التي قد تكون قد قرأت عنه أو سمعت..
فالحب الذي تبحثين عنه يأتي تدريجيا بعد الرباط الشرعي، ولكن بعد موضوع القبول، يأتي بالعشرة الطيبة والمعاملة الحسنة، فمن تتقبلين من أول لقاء ستزداد مشاعرك له مادام في رضا الله وتقواه، حتى تحدث تلك المحبة، فمن تتآلف روحك معه عند الوهلة الأولى إن شاء الله لن تتغير مشاعرك تجاهه ولو بعد سنين، ذلك أن الله سبحانه ينشىء المودة والرحمة بين الزوجين الصالحين.
3_ وضع الكفاءة في الاعتبار أثناء الاختيار، فلابد من وجود تكافؤ اجتماعي وثقافي ومادي وأيضا تكافؤ في السن إلى الحد القريب، وقد يمكن التنازل عن بعض ذلك، إذا كانت الجوانب الأخرى موجودة، ويحكم في ذلك الولي وأهل الخبرة.
فالكفاءة إذن أمر معتبر في العرف وفي الشرع وهي من الأمور التي لا يمكن إغفالها، ولها دور كبير في خلق جو التفاهم بين الزوجين، ومعرفة كل منهم مهامه وقيام كل منهم بواجبه تجاه الآخر، مما يدفع إلي تقوية الروابط الزوجية واستمرارية تلك العلاقة.
4_ على الولي السؤال عمن يتقدم للخطبة ويسأل من هو ثقة، فالسؤال يكون عن سيرته بين الناس، وتعامله وخلقه ودينه، وأسرته ومثال ذلك.
5 _ الاستخارة... فاستخارة الله تعالى في أمورنا من تمام التوفيق، وهي طوق النجاة، وهي سبيل المتحير في أمره، فما خاب من استخار.
الابنة السائلة...
لا أنصحك برفض أي متقدم إلا بعد إعطائه الفرصة في كل النقاط التي وضحتها لك، فلا تظلمي أي أحد بالرفض إلا بعد التفكير بجديه في كل مزاياه قبل النظر لعيوبه، واعلمي أنه لا يكتمل أي إنسان في كل شيء فلا يوجد إنسان خال من العيوب.
واستعيني برأي وليك وأهلك المحبين لك، الحريصين عليك، فإن لهم خبرة ومعرفة بالواقع أكثر منك، واستشارتهم منفعة وفائدة وبيان.
فالفرص تأتي للإنسان قليلة فلا تضيعي الفرص الطيبة التي تأتى إليك، ولكن كوني ذكية في التفكير، هادئة في اتخاذ القرار، متوكلة على الله تعالى، مستعينة به سبحانه، ولا تنسي الدعاء لله كثيراً أن يدبر لك أمرك، فنحن عباده الفقراء إليه، فإنه سبحانه قريب مجيب.