3 رجب 1437

السؤال

السلام عليكم.. يا شيخ: أنا رجل متزوج منذ سنين ولم أرزق بالولد والعيب مني وليس من زوجتي وهي ضحت بالبقاء والعيش معي بالرغم من حبها الشديد للأولاد وهي لا مثيل لها بالنساء. وقد أخطأت في حقها خطأ كبيراً وهي لا تعلم (تزوجت عليها بدون علمها وبدون علم أحد من أهلي).
وهذه المرأة التي تزوجتها أرملة لها من الأبناء أربعة وقد اتفقت معها على عدم علم أحد من أهلي وأقاربي بهذا الزواج وهي قالت لي لو علم أحد من أهلك بزواجنا تطلقني. قلت لها: لا. السؤال/ أنا غير مرتاح من هذا الزواج مع العلم أنه زواج شرعي، وقد طلقتها طلقة واحدة وهي ما زالت في العدة وأنا أريد أن أنفصل عنها تماماً ولكنها تتوسل بكل طريقة ألا اتركها وأن تبقى معي ومستعدة أن تتنازل عن أشياء كثيرة مقابل أن تبقى في ذمتي.. أنا في حيرة من أمري أخشى أن تعلم زوجتي الأولى وتتركني وأخسرها وهي وفية ومضحية من أجلي والمرأة الثانية تستنجد بي وتستعطفني ألا أتركها.. أرشدني يا شيخ ماذا أفعل فإنني في معاناة لا يعلمها إلا الله تعالى... جزاك الله خيراً.

أجاب عنها:
د. علي الدقيشي

الجواب

أخي الفاضل سددك الله في أمورك، وبخصوص سؤالك أجيبك بما يأتي:
أولا: أشكر لك شعورك وتقديرك لتضحية زوجتك الأولى معك، وحرصك على الوفاء لها والاعتراف بجميلها معك، وسعيك للحفاظ على بقاء المودة والمحبة وحرصك على استمرا ر العشرة بينكما.
ثانيا:هذا الخلق الذي لا يقوى على الاتصاف به إلا القليل أعني خلق الوفاءُ للبشَر بحفَظ العهود، والمودَّة، فهو صفة جليلة زادَها جمالاً الإسلام الذي عمِل على التأكيد عليها، وجَمَّلها حين هَذَّبها برُوح الإسلام المستقيمة السمحة.
و خلق الوفاء من أعظم الأخلاق وأسماها بين الأزواج حيث يشمل الإخلاص، والبذل والعطاء، وتذكّر الود والمحافظة على العهد والوفاء بين الزوجين يحمل في قلبه حبًا ووُدًّا ورحمة وتقديرًا وإخلاصًا كل تجاه الآخر.
والوفاء يستمر ويزداد بتضافر الحب والإنسانية والإيمان معاً، لأن الحب مُحرِّك الوفاء، والإنسانية ضمانه للاستمرار، والإيمان هو الضابط له وبه يكتمل ويربو.
ثالثا: لذلك الذي أراه وأشير به عليك هو المحافظة على زوجتك الأولى، والحرص على مقابلة وفائها معك بالوفاء منك يقول تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} ويقول تعالى: {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} فهذه زوجة صالحة كما أثنيت عليها حريصة على البقاء معك مع الرغم من شدة حنينها إلى الأولاد إلى أنها آثرتك على نفسها، وصبرت وتحملت من أجلك وحرصا على دوام العشرة بينكما، فهذه تكافأ بنظير ما صدر منها من الوفاء وحسن عشرتها وإكرامها وإدخال السرور عليها، لذالك نظرا لأن الخير والوفاء فيك – بإذن الله – لم ترتح من زواجك الجديد واعتبرته خطأ لأنه لا يتناسب أن يفعل مع هذه الزوجة والوفاء مثل هذا، لذالك أرى – والله أعلم- أن تطليقك للزوجة الثانية هو الأصوب، لأنك غير مرتاح معها وفلم يؤد الزواج إذن دوره، إضافة لألمك النفسي، فأحسن إليها وأنه علاقتك معها وسرحها بالمعروف والله يجعل لها سبيلا بزوج آخر يكون مناسبا لها ويرعاها وأولادها إن شاء الله.
رابعا: أقبل على زوجتك الوفية ووثق علاقتك بها وأكرمها وأحسن إليها، وزدها طمأنينة أنها هي الوحيدة التي أسرت قلبك، ولن تستغني عنها ووثق هذا بالهدية والابتسامة وزيادة الاهتمام بها.
والجأ إلى الله وادعه سبحانه فهو سبحانه القادر على أن يرزقك بالولد الصالح مهما كانت العوائق.
وأخيراً، فقد يلجأ البعض ممن لم يوفقوا للإنجاب، للبحث عن يتيم في عمر أقل من السنتين وهذا شرط، قد علم أصله الحسن، فتقوم الزوجة بإرضاعه خمس رضعات مشبعات وهذا شرط آخر، ويمكنها استعمال المساعدة الطبية بدواء أو مثاله يساعدها على إدرار اللبن بشرط ألا يسبب لها ضررا، فلبنها ينشر حرمة الرضاع على الراجح من قول الجمهور ولو لم يكن عن حمل، فإن فعلت صار محرماً عليها وصارت أمه بالرضاع، بشرط ألا تسمه باسمك أو تعتبره ولدا رسميا، بل تكفله وترعاه، فكل هذا جائز لمن آلمتها الوحدة، وأثر فيها سلبا عدم الإنجاب..
وأسأل الله تعالى أن يسددك ويسعدك بزوجتك ويسعد زوجتك بك.
والله الموفق.