دروس الانتخابات التركية
21 محرم 1437
خالد زويل

لا تلومونا على فرحتنا بفوز حزب العدالة والتنمية التركي في الانتخابات البرلمانية، لقد كانت مصيرية بحق، ولذلك نزل الأتراك للتنافس الشريف على الصناديق بنسبة قاربت التسعين بالمائة من الشعب بعد أن ضربهم الإرهاب، والفراغ الحكومي، ومشاكسة أحزاب المعارضة التي لم تقم سوى بحرمان حزب العدالة من تشكيل الحكومة، ثم تركت البلاد مشلولة داخليا وخارجيا .. فلا هي نجحت في تشكيل ائتلافات ليستقر البلد، ولاهي أعطت الثقة لفرقاء السياسة بتجاوز المرحلة الخطرة التي تمر بها تركيا والمؤامرة الدولية عليها..

 

 

 

 

التصويت لاستقرار تركيا
لقد ذاق الشعب التركي الانقلابات العسكرية سابقا والإرهاب وفراغ السلطة حاليا… لذلك قرّر النزول ليعبّر عن رأيه الصريح: نعم لاستقرار تركيا وعودتها للصدارة.

وليت الشعوب العربية تستفيد من هذا الدرس وتلتف حول القيادات المخلصة، وأن تلفظ حكم العسكر والاستبداد والفراعنة وكل من يشاطرهم أعمالهم بدل أن تسقط فرعونا وتأت بأسوأ منه وتؤيد الانقلابات العسكرية أو تسكت عليها!

 

 

 

 

لماذا فرحت الشعوب الإسلامية فوز العدالة والتنمية؟
ثم إن فرحة الشعوب الإسلامية بالنصر التركي كانت لأسباب عديدة، أذكر منها على سبيل الإيجاز لا الحصر:

– مناصرة تركيا لقضايا المسلمين وعلى رأسها قضية فلسطين، وثورة سوريا، وإيواء اللاجئين السوريين.

– تركيا والسعودية وقطر بدأوا بتشكيل تحالف استراتيجي يعيد التوازن للمنطقة ويحجم النفوذ الإيراني في العراق وسوريا واليمن، وكان من أولى ثمار هذا التحالف عملية عاصفة الحزم في اليمن، والتي سيتبعها نصرة ثوار سوريا بالتسليح النوعي، وكل هذا تأخر بسبب انشغال تركيا داخليا بأزمة تشكيل الحكومة، وقد بدأت ثمار التسليح لثوار سوريا تؤتي أكلها .

 

 

 

 

وأذكر كلمة لخاشقجي قبل فترة وإبان أزمة حكومة تركيا، قال ما معناه: على ثوار سوريا الاعتماد على أنفسهم في هذه المرحلة على الأقل لانشغال السعودية بعاصفة الحزم وتركيا بالانتخابات…

– مشروع إيران وأمريكا التخريبي في المنطقة لايهدف فقط لتقسيم سوريا والعراق، بل تركيا وشمال الجزيرة العربية أيضا ببطولة ميليشيات إيران وداعش بالطبع، وقد أدركت تركيا ذلك جيدا، كما أدركت ذلك السعودية وهاجمت الحوثي، وفي تصريح أردوغان قبل أيام بأنه لن نستأذن من أحد لحماية حدودنا وليس لأحد تقرير مصيرنا…إلخ… كلام واضح في أنه سيضرب ضربته قريبا ضد حزب العمال الكردستاني وداعش في شمال سوريا.

-الاحتلال الروسي لسوريا زاد من عزلة تركيا وكان هدفه ليس فقط نصرة بشار فالروس أعجز من ذلك، ولاحظوا كيف يتسولون الحل السياسي، إنما بهدف تطبيع التقسيم بين الأكراد وداعش وعلويي بشار وعزل تركيا عن العرب بعد أن عزلهم الاتحاد الأوروبي والغرب المنافق، ليتفرغوا مع الأمريكان لذبح الشعب السوري.

 

 

 

 

 

ونهضة تركيا ستقلب الطاولة على الروس وإيران ولذلك نرى المآتم منتشرة في موسكو وطهران وتل أبيب ومصر السيسي للأسف وغيرها من مدن ودول معسكر الشر والممانعة!

-لقد ضربوا تركيا والسعودية بالإرهاب في هجمات متزامنة تارة بداعش وتارة بالأكراد، وكل هذا بسبب قيادتهم للتحالف المرتقب وضربتهم لأجنحة إيران في سوريا واليمن ولمعارضتهم مشروع التقسيم الأمريكي للمنطقة، وكل هذا من أجل ألا تنهض الدولتان لتمريغ غطرسة إيران.

-بفوز حزب العدالة والتنمية أعيد الأمل للشعوب بالثقة في الديمقراطية وتعلم التنافس الشريف بالصناديق، لا بالدبابات والصواريخ وجزمات العسكر، وتعلم ثقافة الوعي في المجتمعات بالحقوق الدستورية للمواطنين والتغيير وبناء الدولة… كما أعاد الأمل للإسلاميين في بقية الدول لاستلهام التجربة الناجحة والأنموذج للحكم الوسطي الذي يخدم الإسلام ولايستخدمه في أغلب الأحيان!

 

 

 

 

-لم يكن تشكيل الحلف المشؤوم بين روسيا وإيران والأسد وحكومة بغداد الإيرانية وإسرائيل وبموافقة أمريكية سوى للتصدي ولمحاولة إفشال الحلف العربي التركي الذي لم يتبلور بعد بالكامل، فنصرة تركيا الآن صارت قرارا عربيا إسلاميا لا تركيّا فقط ويهم كل مسلم للتصدي لهذه المؤامرة العالمية لحرب الإسلام وتصفيته في سوريا والعراق.

-استقرار تركيا يعني إنعاشها اقتصاديا وهي منتعشة في الأصل وبوابة لتحالف عسكري مع دول الخليح وتطوير علاقات وتبادل اقتصادي واسع.

سترون وترى الأمة جميعها آثار هذا الفوز في قلب تركيا والعالم الإسلامي، ونسأل الله أن يبارك في فوزهم ويستخدمهم لنصرة دينه وأوليائه في بقاع المعمورة والله أكبر ولله الحمد.

المصدر: تركيا بوست