السؤال
أنا امرأة متزوِّجة منذ سنة ونصف تقريبا ولديَّ ابنة والحمد لله، ومشكلتي مع أهل زوجي فمنذ بداية زواجي وهم يحاولون إبعادي عن أهلي وأقربائي، وقد صبرت كثيرا وكنت أتفهَّم غَيْرَة أمِّ زوجي وأراعي شعورها تفاديا للمشاكل وحفظا لمكانتها في نفس زوجي، وحتى لا أكون سببا في زرع الكره والعقوق بينهما، وفي بداية الخطوبة مرضت وأرسلت إحدى أخواته لزوجي لتقول له: " أمي مريضة وتقول إنها حملت بك وتعبت في رعايتك لتأخذك امرأة أخرى منها " فذهبت إليها في اليوم الموالي وقبلت رأسها كي تطمئن بأنني لن آخذ ابنها منها وأخبرتها بأنني مثل ابنتها، إلا أنها تأخذ بهذا الكلام أمام زوجي ثم بعدها تبدأ تمكر لي باتفاق مع أخواته ويتحكمون فيه ويسيؤون إلي كثيرا، ويقنعونه بأن علي تحمل ما يصدر عنهم لأَنني صغيرة، وإذا اشتدت المشاكل بيننا يظهرون له بأنني حاقدة عليهم وأفسر كلامهم على محمل الخطأ وعلى خلاف معناه، ويحاولون زرع الكره بيني وبينه، بالكذب على لساني وباتِّهامي بارتكاب أشياء لم أفعلْها وكلام لم أَقُلْه..
فهل يحقُّ لي أن أمتنعَ عن زيارتهم حتى يغيروا من تصرفاتهم ويتوقفوا عن إيذائي؟؟ علما بأن زوجي لا يقبل بهذا الحل، ويُجبِرني على الذَّهاب لزيارتهم يوميًا، حتى والدته تقول لي: غصب عنك ستأتي لزيارتنا يوميًا، وتحرِّض زوجي على أهلي حتى لا يأخذني عندهم، ومع أنه واثقٌ بأن هذا التصرف خاطئ يقول لي انه لا يستطيع ان يعق أمه، وإن رفضت أن أذهب ولو ليوم واحد يغضب أيامًا، في حين لا يُظهِر غضبه عليهم إذا ضايقوني بتصرفاتهم بل يلتزم الصمت ويشعرني بأنني أنا المخطئة وعلي الاعتذار منهم، وإذا أراد حلَّ أي مشكلة بيننا قلبوا الحق باطلًا..
وهو لا يحب الجدال بل يريد مني أن أنفذ ما يطلبه بلا نقاش، وأنا أحاول أن أكون مطيعة له حتى في الأشياء التي تضايقني، وأن لا أقصِّر في حقِّه ولا في حقِّ أهله، وأحاول دائماً أن أتقرب إليهم بتقديم المساعدة والهدايا واستشارتهم في أمور المنزل حتى أشعرهم بالأهمية، إلا أنهم لا يحبون لي السعادة وإذا أخبرتهم بأنني اشتريت شيئا أحرم بعدها من السوق وغيره، ولم أرد يوما على كلام أمه التي تسيء إلي ولا على كلام أخواته، إلا أنهم مُتغطرسون بسبب ثرائهم، حتى أنهم كانوا يشيعون بين الناس بأنني تزوجت ابنهم لماله ويمنون علي لأنني مسكينة ويتيمة، وأنا حاليا لم أعد أتحمل المزيد من أذاهم وقررت أن لا أزورهم إلا مرة واحدة في الأسبوع بعد أن تمادوا في إساءتهم فسبُّوا أهلي، فصار زوجي لا يكلمني بعدها ويهرب من المنزل كثيرا ويأخذ ابنتي الرضيعة مني ويذهب بها إليهم يوميًا على الرغم من أنها لا ترضع بعد الحليب الصناعي..
فهل يجوز برُّ الوالدين وإهمال حق الزوجة؟ وهل هذا يُرضِي الله؟ وهل يجب عليَّ أن ألبي طلبات زوجي بالإجبار، حتى يرضَى هو وأهله فقط؟
وإذا كان زوجي ملتزما ويخاف الله في أهله وأمه، أفلا يخاف الله في زوجته؟ أليس من حقي أن أغضب وأرد عليهم إن أساؤوا إلى أهلي وأمي خاصة؟؟؟ وهل أتجاهل ما يفعله زوجي وأعتذر من أهله كما يريد وأدعهم يسيئون لأهلي ولي؟
أفيدوني رعاكم الله.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: أختي الكريمة بداية أشكرك على ثقتك وطرحك لاستشارتك، أما بالنسبة لمعاناتك مع أم زوجك وأخواته فهي مشكلة تتكرر في أغلب البيوت بين زوجات الأبناء وأسرة الزوج، تبعًا لتنوُّع المواقف وتعدُّد الأسباب وردَّات الأفعال بينهم، وبحسب اختِلاف الطَّبائع وأسلوب التربية والمستوى الاجتماعي والاقتصادي والثقافي..
لهذا عليك أن تضعي هذه المشكلة في إطارها العام كظاهرة اجتماعية تشمل أغلب العلاقات الزوجية، وتحاولي أن تتأقلمي مع هذا الواقع مع عدم الاستسلام لمعاناتك وتتعوَّدي على إيجاد الحلول الممكنة وتوفِّري العيش الهانئ والحياة الكريمة لأسرتك الصغيرة، وتبذلي مجهودا أكبر لتأسيس بناء بيتك على قاعدة صلبة وتحافظي على كيانه واستقراره..
ومن النصائح التي أقدمها لك ـ أختي الكريمة ـ ما يلي:
أولا: لا يوجد في هذه الحياة من سيقدم لك علاجا سحريا، أو حلاًّ وافِيًا كافِيًا يضع حدًّا نهائيًّا لمشاكلك، إنما هي معالم أقدِّمها لك وأرجو أن تعينك على المُضِي في طريقك على بصيرة وبيِّنة، وهي نصائح وإرشادات توجِّهك وترشدك لما فيه الخير والصلاح..
فأنت أكثر قُرْبًا واحْتِكاكًا بمشكلتك وإحاطة بتفاصيلها، ومهما حاول غيرك أن يقدِّم لك المساعدة والمساندة لحلِّها، فلن يفلح أكثر منك لأنك تدركين حقيقة ما يحدث حولك وتعلمين من خبايا وأسرار معاناتك مما يجعلك أقدَر من غيرك على حلِّها واحتوائها، فاعْتمدي أولا على الله فهو سيكفيكِ ما همَّك من أمور الدنيا مهما كانت عظيمة، ثم اعتمدي على إيمانك القوي ويقينك في الله، وثقي في قدرتك على المواجهة والتحدي والصمود..
ثانيا: إن كثيرا من العلاقات الزوجية انتهت بالفشل نتيجة الخلافات المستمرة مع أسرة الزوج أو الزوجة، وقد تنقطع أواصر العلاقة بين الزوجين وإن كانت قوية ومتينة إن فشل أحدهما أو كلاهما في تسيير وإدارة الحياة الزوجية بنظام تتوفَّر فيه شروط الحماية والصيانة وضبط التوازن الشرعي والأخلاقي المطلوب..
وحسب ما ذكَرْتِ ـ أختي الكريمةـ في رسالتك أرى أن زوجك - كما يبدو – هو رجل ملتزم ومحافظ إنما هو عاجز عن إدارة العلاقة بينك وبين أسرته وِفق نظام يحْتكِم إلى الشرع الذي يعطي لكل ذي حقٍّ حقه بالعدل والإنصاف مصداقا لقوله تعالى في سورة المائدة: ﴿اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾، وفي الحديث الصحيح القدسي: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته محرماً بينكم فلا تظالموا"..
فالأصل في الزواج أن يراعي الزوج ما عليه من حقوق وواجبات زوجية وأسرية وكذلك الزوجة، ويمتلك الحكمة والفطنة والرجاحة في التعامل ويحسن التوفيق بين الطرفين، ويعدل بين الكفتين، وإن قصَّر عن بلوغ ذروة التمام في تحقيق العدل والإنصاف، إنما عليه أن لا يتغاضى عن الالتزام والاحتكام إلى شرع الله مهما كانت الأسباب، ومجاهدة النفس حتى لا تميل بأهوائها عن طلب الحق والعمل به، والاجتهاد في تحقيق التوازن الشرعي والأخلاقي المطلوب..
ومراعاة لظروف زوجك وعجزه عن التوفيق بينك وبين أسرته، عليك ـ أختي الكريمة ـ أن تواجهي هذا الواقع خاصة وأن ابنتك ما زالت في طور الرضاعة وتحتاج لاهتمامك ورعايتك، وتتقرَّبي إلى زوجك بدل الابتعاد عنه، وتتعاوني معه على مواجهة هذه المشكلة وحلِّها بالحكمة..
ثالثا: إن أم زوجك كأية حماة لم تتقبل في البداية وجودك في حياة ابنها، لأن حبَّها وتعلُّقها به يجعلها أشدَّ غيرةً عليه، لهذا كانت تبحث عن أي سبب أو حيلة لتجعله قريبا منها لا يفارقها، لو أنها تخشى من ظهورك في حياته ومنافستها في محبته ومشاركتها في الاهتمام به، كانت تتوهَّم أشياء غير حقيقية تدعوها لاتِّهامك ظلما أو هضم حقوقك والإساءة إليك، فقد يغلب الحب والغيرة على عاطفة الإنسان فيلغي عقله ويغفل عن تحقيق العدل والإنصاف..
رابعا: لعل هناك من كان يوسوس لها ولأخواته ليوقع بينكم العداوة والبغضاء، فما أكثر شياطين الإنس ممن يخوضون في الأعراض ويسعون في الإفساد لا الإصلاح، ونشر العيوب والمثالب وتتبُّع العورات في مجالس النساء، وهؤلاء يكون لهم تأثير قوي في الإقناع بالباطل زورا وبهتانا، لهذا أكَّد الحق سبحانه على وجوب التبيُّن من الأخبار والتثبُّت منها حال ورودها، فقال في محكم تنزيله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)، فلعل أم زوجك وأخواته من هذا الصنف الذي يتأثر بسرعة بما يسمعه ويتلقاه على محمل الجد، أو لعلهم لم يتعوَّدوا بعد على وجودك بينهم كفرد من أسرتهم، فاصْبري عليهم قدر استطاعتك ولن يتمر الصبر إلا خيرا..
خامسا: قد تكون أم زوجك وأخواته تسرَّعوا في الحكم عليك منذ البداية نظرا لما بينك وبينهم من التفاوت الطبقي الذي ساهم في خلق التنافر والتباعد وعدم الانسجام، فقد شاع لدى بعض الأُسَر الثرية الشعور بالتعالي والخيلاء، فينظرون إلى من هم دونهم وأقل منهم مالا وثراء، وأضعف منهم قوة وسلطانا ووجاهة في مرتبة سفلى دون مرتبتهم العليا، وبالتالي فهم لا يستحقون مشاركتهم في مجالسهم وأحاديثهم، أو الاختلاط بهم والتزوج من أبنائهم، لهذا كانوا يشيعون بين الناس والأقرباء أن زواجك من ابنهم كان طمعا في ماله، ولعلهم صدَّقوا هذه الإشاعة وتوهَّموا أنها الحقيقة، فتعجَّلوا في اتِّهامك بما أنت منه براء، لأن الانبهار بالمال يستعبد صاحبه وينحرف به عن جادَّة الطريق، فيحيط قلبه بغلاف سميك يرخي على بصيرته ستارا كثيفا وغشاوة تجعله لا يميز الحق من الباطل ويميل بأهوائه ميلة واحدة.
سادسا: تعاملي بحكمة وروِيَّة، وصبر وأناة، ولا تضعي حماتك وأخواته في كفة الاتهام والمقاضاة لأنك ستخسرين كثيرا، وستفقدين حبَّ زوجك واحترامه وتقديره، لتعلُّقه الشديد بأسرته ولتاريخه الذي بدأ معهم قبل ظهورك في حياته، ومهما حاولت فرض وجودك وحريتك فلن تجعليه ينفصل عنهم مهما أخطؤوا في حقك، ولن يرْضيك على حسابهم، ولن تغيِّري من طباعه ولا من طباعهم وعاداتهم، ونظامهم الصَّارم في التعامل، وطريقة تفكيرهم وأسلوب تعبيرهم، وإن كان يسبِّب لك الكثير من الضيق والشدة والمعاناة..
سابعا: اجعليهم يعتادوا على وجودك في حياتهم باختيارهم لا جبرا ولا قهرا، كما جعلت جسمك يعتاد على اختلاف الفصول وعلى استطعام الحار والبارد والحلو والمالح، وكما ألِفْتِ كثيرا من العادات في الأكل والشرب واللباس عليك أن تعتادي على وجودهم في حياتك، وتتعايشي مع طباعهم وأمزجتهم وأذواقهم وإن كان بينك وبينهم اختلاف في وجهات النظر، وتضاد في الأفكار والمذاهب والرُّؤى، وتصادم في الفهم والتعبير والتعامل، والتحليل والاستنتاج، واجْتهِدي في نشرالتآلف والانسجام والتَّعارُف والتَّمازُج بينكم مصداقا لقول الحق سبحانه في سورة الحجرات: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}..
ولا تستعجلي جني التمار قبل أوانِها، فأنت ما زلت في أول الطريق، ولم يتجاوز عمر زواجك سنة ونصف وهي مدة قصيرة جدا لتحصدي من خلالها تمار ما زرعْته، وأسرة زوجك تحتاج إلى مدة زمنية أطول، وإلى بذل طاقة مضاعفة من الصبر وطول العشرة والاحتكاك اليومي حتى تحققي ما تحلمين به وتطمحين إليه من سعادة واستقرار..
ثامنا: عليك أن تنجحي في زرع الحب بينكم، فوحده الحب من سيضمن لك المكانة التي تليق بك، والتقدير والاحترام الذي يحافظ على كيانك ووجودك بينهم، والحبُّ لا يتحقق بفرض نظام صارم يعارض نظامهم، ولا بإلزامهم بمجموعة من الشروط والقيود والأحكام الجبرية التي تردع تحكمُّهم بقراراتك واختياراتك، ولا بالدخول في تصادُم ومنافسة بينك وبينهم، ومن منكما سينتصر على الآخر وتكون له الغلبة، ولا بإلزام زوجك بتطبيق العدل والإنصاف بينكم لأنه فشل في ذلك، فهو بين السندان والمطرقة لو لبَّى طلبك ونفذ شروطك سيكون أمام أسرته ولدا عاقًّا لا سلطة له على زوجته، وبالتالي سيخسر محبتهم واحترامهم، وسيقطع صلة الرحم التي بينه وبينهم، ولو لبَّى طلبهم ونفذ شروطهم سيكون أمامك زوجا ظالما مستبدا لا يراعي لك حقا ولا معروفا، فلا تضَعيه في مواجهة هذا الاختيار العسير الذي يقصم ظهر الرجل ويتعبه نفسيا في حياته الزوجية..
وثِقي بأنه يشعر بمعاناتك مع أسرته، إلا أنه لا يملك أن يرضيك ويخسرهم بل يرجو أن يكسب مودَّتكما ومحبتكما معا، وهو وإن كان يجعلك تشعرين بأنك المخطئة فلغاية أن لا تتسع الفجوة وتكبر مساحة الخلافات بينكم، وهو يعاني كما تعانين وأكثر، وفي حيرة من أمره فهل يصدق زوجته أم يصدق أمه وأخواته؟ ولو عرف الحقيقة وتأكَّد من المتهم ومن المذنب هل سينتصر لك عليهم أم سينتصِر لهم عليك؟؟
وهذا الصراع المرير يجعله يعارضك ولا يقبل أي جدال أو نقاش في الموضوع، لأن ما يهتم له أكثر هو أن تتفهمي ظروفه وتراعي واقعه وتتقبلي محيطه الأسري، وتستوعبي أسباب ضعفه وعجزه، وتحتوي كل تلك الخلافات مهما كانت شديدة التحمل، وتكوني له سندا ومعينا، وتتحملي عنه المشاق والمحن في البيت كما يتحملها عنك خارجه، وهو قد اختارك زوجة كي تكوني له سكنا هادئا ومريحا، ويجد لديك مشاعر المودة والرحمة والحب الذي يحتويه بكل محاسنه ومثالبه، ويحتوي أسرته بكل عيوبهم وأخطائهم..
تاسعا: أعلم أن جرحك عميق، وأن الإساءة إليك كانت كبيرة خاصة أنها طالت أسرتك وأمك على الوجه الخصوص، وليس سهلا عليك أن تنسي الأذى والإهانة التي تعرضت لها، ولكن تصميمك الآن على أن تتم الزيارة لأسرته مرة واحدة في الأسبوع ليست حلا لمشكلتك، بل هو هروب مؤقت لا يصلح العلاقة بينكم بقدر ما يزيد في إفسادها، فالأولى بك أن تواجهي الموقف بجرأة وتطلبي من زوجك عقد صلح بين الأسرتين، بأسلوب الرفق واللين والتودُّد إليه كما تتودَّد الزوجة المؤمنة التقية المٌحِبَّة لزوجها، وتخبريه أن الغاية من هذه الجلسة العائلية لتصفية القلوب، ومعرفة أسباب تطور المشاكل بين الأسرتين، فلو تمَّ ذلك ونجحت في إقناعه لا تجعلي من تلك الجلسة محاكمة لأجل وضع شروط وضوابط، أو لإجبارهم على الاعتراف بأخطائهم وطلب العفو والسماح منك ومن أسرتك، فهم لن يقبلوا بالتنازل وزوجك لن يجبرهم على ذلك، كما يمكن أن تبادري باستضافة الأسرتين معا في بيتك وتكرمي ضيافتهم، فلعلك بهذا التصرف ترطبين القلوب، كما يمكنك أن تدخلي طرفا من أهلك أو أهله ممن تثقين بنزاهتهم وعدالتهم وحكمتهم في التصرف وبراعتهم في الحديث والتأثير والإقناع ليصلحوا بينكم، ويضعوا حدا لهذا الخلاف المستمر..
وفي الختام..
أوصيك أختي الكريمة وصية تنفعك في حياتك الزوجية وتحقق لك الاستقرار والسعادة، لا تضعي نفسك وسط هذا الصراع الأسري لأنه سيقضي على أجمل علاقة تربطك بزوجك، وإن كنت قد فشلت خلال هذه السنة التي مرت على زواجك أن تتأقلمي خلالها مع أسرة زوجك، فأمامك أعوام من العطاء هي كفيلة بأن تجعل منك زوجة لها وجود وكيان مستقل، وثِقي بأن أسرتك الصغيرة ستمتد فروعها الطيبة لتصل فروع الأسرة الكبيرة، فالأطفال كثيرا ما يصلحون ما أفسده الكبار وما عجزوا عن تحقيقه..
وتعاملي مع كل موقف بهدوء وحكمة، واستجلبي محبتهم ورضاهم ما استطعت إلى ذلك سبيلا، والزمي الحوار الهادف والمقنع، والنصيحة بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة، ولا تردي على ظلمهم وإساءتهم بالمثل، بل انتصِري عليهم بالحفاظ على دينك وأخلاقك وقيمك التي تميزك كمسلمة وكزوجة صالحة، وانْتصري عليهم بحكمتك وعقلك الرَّزين ورأيك السديد..
أسأل الله العلي القدير أن يحفظك ويحفظ زوجك وابنتك من كل سوء، وأن يحمي بيتك من عواصف الفتن، وشر الألسُن، وأن يزرع بينك وبين زوجك وأسرته المودة والرحمة والمحبة الدائمة..