جلوريا شتاينم – كيف استخدمت وكالة المخابرات المركزية الحركة النسوية لخلخلة المجتمع
17 ذو الحجه 1436
د. هنري ماكو

"في الستينات قام إعلام النخبة، بإطلاق الموجة الثانية لمفهوم الحركة النسوية، كجزء من أجندة النخبة؛ لتفكيك الحضارة وصنع نظام عالمي جديد".

 

 

 

منذ كتابة هذه الكلمات الأسبوع الماضي اكتشفت بأنه قبل أن تصبح جلوريا شتاينم قيادية في الحركة النسوية، فقد كانت تعمل لصالح المخابرات المركزية الأمريكية للتجسس على الطلاب الماركسيين في أوروبا، وتقوم بالتشويش على اجتماعاتهم.

 

 

 

 

أصبحت جلوريا محبوبة الإعلام؛ بسبب علاقاتها بوكالة المخابرات المركزية، مجلة إم إس (MS Magazin)  والتي رأست جلوريا تحريرها لعدة سنوات، كان يتم تمويلها بطريقة غير مباشرة، من قبل وكالة المخابرات المركزية.

حاولت شتاينم إخفاء هذه المعلومات التي ظهرت في السبعينات، عن طريق جماعة نسوية متشددة تسمى الجوارب الحمراء Red Stockings .

وفي عام 1979م قامت شتاينم وأصدقائها الأقوياء ذوو العلاقة بالمخابرات المركزية، مثل: كاثرين جراهام من الواشنطن بوست، وفرانكلين توماس رئيس مؤسسة فورد For Foundation  بمنع نشر تلك المعلومات في مجلة الثورة النسوية Feminist Revolution ، وعلى الرغم من هذا، فإن القصة ظهرت في مجلة صوت القرية Village Voice في 21 مايو 1979م.

كانت شتاينم دائما ما تدعي بأنها كانت طالبة متمردة. تقول شتاينم لسوزان ميتشل عام 1997م: "عندما كنت في الكلية وقد كان العهد المكارثي آنذاك، فقد كان هذا ما جعلني ماركسية" ( كتاب رموز ورجال الدين وأهل الغناء: حوارات دافئة مع نساء غيّروا العالم 1997م صفحة 130). وسيرتها الذاتية المبالغ فيها في مجلة إم إس تقول:"قد كانت جلوريا شتاينم كاتبة حرّة طيلة حياتها المهنية، ومجلة إم إس هي وظيفتها المهنية الأولى" وهذا غير صحيح.

 

 

 

فقد نشأت شتاينم في عائلة معدمة ومفككة، في مدينة توليدو أهايو، ولكنها بطريقة ما قد استطاعت أن تلتحق بكلية نخبوية هي جامعة سميث، بيتي فرايدن ألما ماتر (smith college, betty Friedan’s Alma mater).  وبعد تخرجها عام 1955م تلقّت زمالة تشيستر باولز لإكمال دراستها في الهند. ومما يثير التساؤل ومن خلال بحث في الإنترنت، فإنه لا يوجد لهذه الزمالة وجود غير ما حصلت عليه شتاينم، فلم يحصل على تلك الزمالة غيرها.

 

 

 

في عام 1958م تم توظيف شتاينم من قبل كورد مايرز من المخابرات المركزية، لإدارة مجموعة غير رسمية من النشطاء تسمى خدمات الأبحاث المستقلة.

 

 

 

هذه كانت جزءا من حملة لمايرز تسمى "الكونجرس من أجل الحرية الثقافية" التي أسست مجلات مثل "Encounter" و "Partisan Review" لتسويق اليسار الليبرالي لمقاومة الماركسية. قامت شتاينم بحضور مهرجانات شبابية، برعاية شيوعية في أوروبا، وقامت بإنشاء صحيفة، والتبليغ عن مشاركين وساعدت في إثارة المظاهرات.

 

 

أحد زملاء شتاينم في المخابرات الأمريكية هو كلاي فيلكر. في أوائل الستينات أصبح كلاي رئيس تحرير مجلة Esquire وقام بنشر مقالات شتاينم؛ مما جعلها صوتا قياديا في حركة تحرير المرأة.

وفي عام 1968م  ـ وكناشر لمجلة النيويورك ـ قام كلاي بتوظيفها ككاتبه مساهمة فيها، ثم بعد ذلك كرئيسة التحرير لمجلة إم إس عام 1971م. قامت شركة وارنر للاتصالات بدفع معظم المال، على الرغم من أن الشركة لم تحصل إلا على حصة 25% من المجلة.

 

 

أول ناشر لمجلة إم إس كانت "إليزابيث فورسلنق هاريس" وهي مسؤولة علاقات عامة، مرتبطة بالمخابرات الأمريكية، والتي خططت مسار موكب الرئيس كينيدي في دالاس. وعلى الرغم من صورتها المناهضة للمؤسسة النظامية، فإن مجلة إم إس جذبت الإعلانات من صفوة الشركات الأمريكية. 

 

 

 

فقد نشرت إعلانات لشركة آي تي تي في الوقت نفسه الذي كانت فيه السجينات السياسيات في تشيلي، يعذّبن من قبل نظام بينوشيه بعد انقلاب مدعوم من تكتّل أمريكي والمخابرات الأمريكية. إن علاقات شتاينم الخاصة أيضا تكذب إدعاءاتها المضادة للمؤسسة النظامية. 

 

 

 

فقد كان لها علاقة دامت 9 سنوات بستانلي بوتينر، وهو مساعد قاضي الادعاء العام في رئاسة نيكسون وفورد اشتهر بإيقاف تحريات المخابرات الفيدرالية المتعلقة باغتيال مارتن لوثر كينج واغتيال وزير الخارجية السابق لتشيلي.

 

 

في الثمانينات قامت شتاينم بالخروج في موعد غرامي مع هينري كيسينجر، ولمزيد من المعلومات عن هذا يمكن الاطلاع على الباحث من سان فرانسيسكو ديف إيموري.

 

 

إن اعتقادنا الخاطئ عن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، هو أنها تخدم مصالح الولايات المتحدة. ولكن الحقيقة قد كانت دائما أداة للسلالة المصرفية العالمية، والنخبة النفطية (عائلات روتشيلد – روكفلر – مورغان) يتم التنسيق بينهم من خلال المعهد الملكي للعلاقات الداخلية في لندن، وفرعه في الولايات المتحدة وهو مجلس العلاقات الخارجية.  فقد تم تأسيس الوكالة، وجلب موظفيها من المؤسسة المصرفية في نيويورك، ومن خريجي جمعية "الجمجمة والعظام" الوثنية السرية في جامعة يال الأمريكية.

 

 

إن أجندة هذه الزمرة الدولية هي تحطيم البناء المؤسسي وقيم الولايات المتحدة؛ لكي يتم دمجها في نظام عالمي تديره من خلال الأمم المتحدة.  فتحت نظامها التأسيسي لعام 1947م فإن وكالة المخابرات المركزية ممنوعة من التدخل في الشؤون الداخلية.

 

 

ولكن هذا لم يمنعها أبدا من شن حرب سيكولوجية على الشعب الأمريكي، فالجانب المحلي لبرنامج "الكونجرس من أجل الحرية الثقافية" قد كان هو برنامج "اللجنة الأمريكية للحرية الثقافية". 

 

 

فمن خلال استخدام المؤسسات كمعبر، قامت وكالة المخابرات المركزية بالتحكم بالخطابات الثقافية في الخمسينات والستينات، وأعتقد أنها تفعل ذلك حتى يومنا هذا.

 

 

وفي كتاب "الحالة الثقافية للحرب الباردة: وكالة المخابرات المركزية و عالم الفنون والخطابات" لفرانسز ستونر قام بتقدير بأن ألف كتاب تم طباعته لعدة مطابع تجارية وجامعية، كان تحت غطاء لجهات تابعة لها.

 

 

 

انطوى مشروع وكالة المخابرات المركزية المسمى "مشروع الطائر المحاكي" Project Mockingbird على اختراق الإعلام التجاري، وكان يتضمن في العادة ذلك على الاستحواذ المباشر لكبرى شركات الإعلام.

 

 

تقول ديبرا دايفيس في كتابها بعنوان: "كاثرين العظيمة: كاثرين جراهام وإمبراطوريتها واشنطن بوست" "في بداية الخمسينات، امتلكت وكالة المخابرات المركزية أعضاء ذي احترام في النيويورك تايمز، والنيوزويك، وسي بي إس ووسائل اتصال ومراسلين بما مجموعه من أربعمائة إلى ستمائة".

 

 

 

في عام 1982م اعترفت وكالة المخابرات المركزية بأن لديها صحفيين مدرجين في قائمة موظفيها، ويعملون كضباط للحالات للمخبرين السريين في الميدان.

 

فيليب جراهام، وهو ناشر في الواشنطن بوست والذي أدار العمليات حتى قيامه بالانتحار عام 1963م، كان يتفاخر بقوله "يمكن أن تحصل على صحفي بقيمة أرخص، من الحصول على فتاة هوى عابرة مقابل مئة إلى مئتين من الدولارات في الشهر".

 

 

 

لقد وُلدْت أنا في عام 1949م ولقد كان المثاليين من جيل والديّ يصابون بخيبة أمل، عندما يتحول الحلم الشيوعي لتوطيد الإخاء العالمي، ليصبح دعاية للاستبداد الوحشي. وأفراد جيلي ربما يكتشفون أيضا بأن أفضل ما لدينا من طبائع قد تم التلاعب بها واستغلالها.  هناك أدلة على القضايا التي ظهرت في الستينات، كثقافة التصدي للمخدرات وحركة الحقوق المدنية، والحركة المضادة للحرب، مثل: النسوية كانت جميعها تدار من قبل وكالة المخابرات المركزية.  فعلى سبيل المثال فإن وكالة المخابرات المركزية اعترفت بأنها أنشأت جمعية الطلاب الوطنية كجبهة في عام 1947م.  وفي بداية الخمسينات رفضت وكالة الأمن القومي محاولات من قبل لجنة بيت النشاطات غير الأمريكية لاقتلاع المخبرين الشيوعيين. وبحسب "فيل أجيي" فإن ضباط وكالة الأمن القومي، شاركوا في نشاطات لجنة التنسيق السلمية الطلابية وجماعة الحقوق المدنية المسلحة، وجمعية الطلاب للديمقراطية وهي جماعة سلمية راديكالية.

 

 

 

وبحسب "مارك ريبلنق" فقد قامت وكالة المخابرات المركزية باستخدام "تيموثي ليري"، ومن المؤكد أن الوكالة قد وزّعت مادة إل إس دي السامة لليري، وأصحاب فكر آخرين في الستينات.

 

 

لقد صنع ليري جيلا من الأمريكيين الذين ابتعدوا عن المساهمة الفاعلة في المجتمع، والتوجه نحو حل أمورهم من داخل أنفسهم، وفي مثال آخر حول كيفية استخدام وكالة المخابرات المركزية للمخدرات، للتدخل في السياسة الداخلية فإن جاري ويب يصف كيف أن الوكالة أغرقت الأزقة التي يعيش فيها السود بالكوكايين في الثمانينات.

 

 

لن أحاول تحليل الدافع الذي يدفع وكالة المخابرات الأمريكية للقيام بتلك الأعمال، باستثناء الإشارة إلى أن القاسم المشترك لتلك التصرفات هو أنها تقوم بإضعاف الروح المعنوية للأمريكيين، وتنفرّهم وتقسّمهم، فالنخبة تعمل على إذكاء التقسيم والتصادم في العالم، ولهذا لا ندرك من هو العدو الحقيقي،  وللسبب نفسه فإن وكالة المخابرات المركزية ومؤسسات النخبة، يقومون أيضا بتمويل الحركات الثقافية المتعددة والمتنوعة.

 

 

 

الحركة النسوية قامت بفعل أسوأ الأضرار، فلا يوجد علاقة في المجتمع أساسية، وفي الوقت نفسه حساسة كعلاقة الرجل والمرأة، فعليها تعتمد الأسرة التي هي شريان الحياة في المجتمع، فلا أحد يضع نصب عينية فائدة المجتمع ويسعى لتفريق الرجل والمرأة، وفي الوقت نفسه فإن كذبة أن الرجل قد استغل المرأة أصبح  المعتقد الرسمي.

 

 

الرجل يحب المرأة، وغريزته الأولى هي احتضانها (كزوج) ليراها تزدهر، عندما تصبح المرأة سعيدة، فإنها تصبح جميلة، بلا شك إن بعض الرجال ذو عنف، ولكن الغالبية العظمى قد ساندوا ودعموا أسرهم منذ آلاف السنين.

 

 

 

لقد قامت الحركة النسوية بلا كلل، بنشر فكرة أن الخصائص المتوارثة للذكر والأنثى، وهي الخصائص الهامة في "تطورنا"(1) كبشر هي مجرد قوالب نمطية بشرية، هذا افتراء شرير على جميع أجناس البشر الطبيعيين الذين يشكلون 95% من السكان. هذا يجر للحديث عن الكراهية، ومع هذا فإنها تدرّس لأطفال المراحل الابتدائية، ويتم ترديدها في وسائل الإعلام ووضع المثلية الإعلامية روسي أو دونيل كقدوة.

 

 

 

لقد تم تدبير كل هذا لتشويش الأفكار، وصنع حالة من الفوضى في صفوف الناس الطبيعية، وكنتيجة لذلك أصيب الملايين من الرجال بالعجز الجنسي، وتم فصلهم من علاقاتهم الأسرية والعالم والمستقبل، وتم خداع المرأة الأمريكية لاستثمار نفسها في مهن متدنية وزائلة، بدلا من محبة زوجها وأطفالها الأبدي، وعليه فقد أصبح كثير من النساء لا يصلحن أن يكنّ زوجات أو أمهات.

 

 

 

 

وكلما كان الناس معزولين ووحيدين، ومنعوا من المحبة، فمن السهل خداعهم والتلاعب بهم.  وبلا التأثير الصحي من قبل أبوين يحبون بعضهم البعض، فإن ذلك ينطبق عليهم وعلى أبنائهم أيضا.

 

 

 

الحركة النسوية هي غش بشع، تم نشره في المجتمع، من قبل النخبة الحاكمة له، وقد صممت لإضعاف النسيج الاجتماعي والثقافي الأمريكي؛ من أجل تقديم نظام عالمي فاشي جديد. إن دعاة الحركة النسوية هم من مدّعي الورع الدجالين، الذين أصبحوا أغنياء وأصحاب نفوذ من ادعاءاتهم هذه.

 

 

 

وهذا يشمل طبقة من الكذابين والمتسلّقين للأخلاق، الذين يعملون للنخبة في مختلف المجالات الحكومية والتعليمية والإعلام.  إنه من الواجب أن يتم كشف هؤلاء الدّجالين وأن يتم تهميشهم.

 

 

إن العنف ضد المرأة هو مجرد كذبة، فوظيفة الإنسان في الحياة المبنية على جنسه، لم تكن بتلك الجمود الذي يحاول النسويون إيهامنا به. 

 

 

أمي كانت لديها تجارة ناجحة في الخمسينات، من خلال استيراد أربطة الساعات من سويسرا، وعندما ارتفع دخل أبي، قررت أن توقف عملها وتركّز على الأطفال، كان للنساء في ذلك الوقت الحرية في أن يواصلن أعمالهن إن أردن ذلك. الاختلاف كان فقط في أن وظيفتها كزوجة وأم، كان أمرا مفهوما ويتحقق اجتماعيا كما ينبغي، حتى أتت جلوريا شتاينم ووكالة المخابرات المركزية.

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) يمكن الاطلاع على المقال الأصلي على هذا الرابط :

http://www.rense.com/general21/hw.htm

(1) مفهوم التطور هو مفهوم لا ديني، يتحدث عن نشأة الأنواع، ويتناقض هذا المفهوم مع المنظور الإسلامي للخلق والخليقة.

 

 

المصدر/ لها أونلاين