26 محرم 1437

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا أم، لديَّ أربعه أولاد، ولدان وبنتان، الأكبر لديه١٧سنة، والثاني لديه ١٣ سنة، والبنات ٥ سنوات و٢ونصف، مشكلتي مع الابن الأوسط ولد ضعيف البنية وأنا بالغت في الاهتمام به حتى سن العاشرة تقريباً، لكن بعد ما أنجبت بنتي أحسست نفسي أهملته كثيرا وهذا يظهر في معاملته لأخواته البنات؛ إذ يتعامل معهن بعنف، وأنا قبل يومين فتحت جواله المحمول وجدته يدخل على المواقع الإباحية والصور الخليعة التي تظهر الجنس فتفاجأت.. وأنا لا أدري كيف أتعامل معه أو كيف أنصحه، وتصرفاته كلها معاندة، كرهت تصرفاته لدرجة أني لا أستطيع حتى احتضانه ولا تقبيله، مع أني أشعر أنه يريد مني هذا الفعل لكني لا أستطيع.. أفيدوني في أقرب وقت ممكن.. وجزاكم الله كل خير.

أجاب عنها:
د. علي الدقيشي

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مرحباً بك – أختنا الفاضلة – في موقع (موقع المسلم)
وبخصوص ما تحدثتِ به فإننا نجيبك من خلال ما يأتي:
أولاً: استعيني بالله وتبرئي من حولكِ وقوتكِ وأكثري من الدعاء لابنكِ بالصلاح.
ثانياً: علقي ابنكِ بالصلاة وحببيه في الطاعة، وشاركيه وكوني قدوة له في ذلك، واربطيه بالدروس الدينية والبرامج النافعة، وذكريه بالموت والقبر والآخرة والجنة والنار.
ثالثاً: مشاركته وممارسته بعض الأنشطة كالجري وقيادة الدراجة والخروج للحدائق لتفريغ الطاقة البدنية.
رابعاً: احرصي على أن تكون البيئة المحيطة به من أهل الصدق جميعاً معه، والحرص على تعزيز استجابته – حتى وإن كانت ضعيفة – بالمدح والتشجيع والمكافأة؛ فلهذا الأثر في تحسين وضعه.
خامساً: الاجتهاد في تأمين الصحبة الصالحة لابنك من أهل الصدق، وحبذا لو سجلتيه في حلقات تحفيظ القرآن الكريم في المسجد؛ ففي ارتباطه بالقرآن والصلاة والمسجد إصلاح إيمانه وسلوكه بإذن الله.
وها هي وسائل تساعد في القضاء على هذا السلوك الطارئ بإذن الله:
1- إعلام الابن بأن المواقع الإباحية لها العديد من الأضرار على الصحة، ومن تلك الأضرار: انخفاض مستوى التركيز؛ مما يضعف الذاكرة، ويجعل عملية الفهم والاستيعاب بطيئة جداً، وبالتالي يصعب عليه التفوق الدراسي، كما تجعل الشخص أكثر عرضة لسرعة النسيان، وتسبب الأرق وقلة النوم، والسرحان الدائم، والشعور بالإرهاق، والخمول، والكسل، والميل للعزلة، والابتعاد عن الرياضة، والإرهاق الذهني، الذي يصاحبه عادةً عصبية في المزاج، وسرعة الغضب، والاستثارة، والشعور بصداع شديد ومتكرر، ضرورة القرب من الأبناء والبنات، خاصةً في بداية سنوات المراهقة.
2- أهمية أن يصارح الأب ابنه من دون اتهام أو عدوانية، حيث يبدأ الحديث معه بكل هدوء، ناصحاً له بعدم تضييع وقته، وشغل فراغه بالمذاكرة أو ممارسة أي من أنواع الرياضة، حتى لا يشعر بحاجته لمشاهدة مثل تلك الصور، التي تدمر نفسيته، وربما تضر بصحته الجسدية أيضاً، لافتاً إلى أهمية أن يقول الأب للابن كلمات وعبارات قوية، لها أثر بالغ في تعديل السلوك، مثل: (أنت لست قليل الحياء، بدليل أنك أخفيت عنا رؤيتك لهذه الأفلام أو الصور، لحيائك منا، وهذا يدل على احترامك وتقديرك لنا، وعدم احترامك وتقديرك لنفسك).
3- الحرص على غمره بالحب والعواطف أكثر من الأطفال الصغار، فنحن في مجتمعنا مع الأسف الشديد نعطي الحب الشديد للابن أو البنت منذ ولادته، حتى يصبح عمره سبع سنوات، ونبدأ في إخفاء مشاعر الحب، وربما يقول البعض إنّه لم يقبل خد ابنه أو ابنته منذ أن أصبح عمره (10) سنوات، وهذا الجفاء وإخفاء المشاعر يجعل الولد أو البنت يشعر بجوع عاطفي وهو بأمس الحاجة للعاطفة أكثر من العواطف التي كان ينعم بها في سنوات عمره الأولى؛ مما يوجب على الأم والأب عدم إخفاء مشاعر الحب لأبنائهم وبناتهم حتى نهاية سن المراهقة، والقرب منهم.
4- محاولة إشغال أوقات فراغه، إما بإلحاقه في نواد رياضية، وتشجيعه على أن يكون بطلا في المستقبل وتعزيز الثقة بالنفس لديه، لكي لا يصبح فريسة للفراغ. إلى جانب الاكتئاب المستمر.
5- مراعاة الحرص في متابعة سلوكياته، وتقويم أخطائه أولاً بأول، بأسلوب الحوار البناء الذي يقوي جسور التواصل بين الولد ووالديه.
6- الحذر من القسوة والجفاء مع الابن حال وقوعه في أي خطأ، ففي سن المراهقة الحوار الهادئ هو التصرف الأمثل مع أخطاء الولد دون سن ال(18)، ويتوجب أن يعرف الأب والأم في البداية كل الأخطار المترتبة على الصور والمشاهد الإباحية من الناحية النفسية والجسمية.
7- على الأب أن يعيد النظر في علاقته ببيته وأبنائه، ويراجع مدى قربه منهم، فإن كان مقصراً في هذا الجانب فيتوجب عليه القرب منهم، وتلمس احتياجاتهم، والبحث لهم عن بدائل مفيدة، يشغلون بها أوقات فراغهم، فربما كان الولد يعاني مشاكل دراسية أو نفسية أو اجتماعية، وأنت آخر من يعلم، وكذلك يجب على الأب أن يعيد النظر في علاقة أولاده بمن يحيطون بهم من خدم أو أصدقاء، فربما يكون في المنزل نفسه أو في المنزل المجاور من يزودهم بهذه الصور لغرض إفسادهم، وإذا توصل الأب لمعرفة مصدر الصور يحذر الشخص المقصود من إفساد أولاده.
وأخيرا:
وقبل كل شيء وبعده وأثناءه يجب استمرار التربية الإيمانية للأبناء، لأنه مهما بلغ الإنسان مبلغه في المراقبة والمحاسبة يستطيع أي إنسان أن يغافله ويفعل أي شيء فلا نتيجة إلا باستدامة الطاعة والحث عليها وكثرة تذكير الأهل والأبناء بتقوى الله وبفعل الصالحات وبترك المنكرات وتذكيرهم دوما بعاقبة المحسن والمسيء أمام الله عز وجل فهو العاصم من كل خطر وضرر، وبعد ذلك التوكل على الله والدعاء أن يحفظ الله ذريتنا فهو ولي ذلك والقادر عليه.
أسأل الله أن يصلح أولادك ويقر عينك بهم ويجعلهم ذخراً للإسلام والمسلمين.