12 صفر 1437

السؤال

زوجتي قالت على أبي إنه مات، وهو على قيد الحياة؛ لأنها تكره أبي وأمي فهل أتزوج عليها؟ علماً بأني أستطيع الزواج - والحمد لله - وأستطيع أن أعدل بينهما، لكن أحتاج زوجة تراعي أبي وأمي في كبرهما..

أجاب عنها:
د. علي الدقيشي

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،في موقعك (المسلم)
أما بخصوص موضوعك أجيبك بما يأتي:
أولا: أشكرك على تواصلك والاسترشاد وتلمس الصواب في معاملتك أرجوا الله لك السداد والتوفيق.
ثانيا: احمد الله _ تعالى _ على أن أكرمك بنعمة الزواج، الذي جعله نصف الدين، وسببا في حصول المودة والرحمة والسكن والطمأنينة، يقول تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم:21].
ثانيا: عليك بالتقرب إلى زوجتك والتودد إليها، بذكر ما فيها من مميزات من بداية الزواج ولو كانت قليلة، ضخمها في عينها وأن الله أكرمك بها، وتودد إليها بما يستميل قلبها إليك، ويجذبها للاستجابة والطاعة واحتسب الأجر فهذا من أخلاق أهل الإيمان.
ثالثا: استعن بإحدى أقاربها أو معارفها أو صديقاتها من أهل الحكمة المقبولات عندها، بتذكيرها بحقوق كلا الزوجين تجاه الآخر التي شرعها ديننا العظيم وأمرنا بالاستقامة عليها، وضمن لكلا الزوجين تحقق الخير لهما من السكن والمودة والرحمة بينهما بذلك.
رابعا: وتذكرها بأن المرأة بمجرد زواجها وانتقالها إلى بيت زوجها فقد صار زوجها كل شيء لها، زوجها، وأباها، وأخاها، ومُتَولّي أمرها.
وصارت الزوجة كالضيف بالنسبة لأهلها وصارت الولاية عليها لزوجها، فعليها أن تفهم جيدا أنه يجب عليها الطاعة التامة الكاملة لزوجها في المعروف، ولا تخالفه في شيء مباح وتتحرى رضاه وأن حقه مقدم على غيره.، وأن تتقي الله في حقوقه عليها فهو ولي نعمتها، عظم الله حقه عليها فجعل طاعته ورضاه عنها سبب في دخول الجنة يقول الرسول الكريم –صلى الله عليه وسلم-:(إذا صلت المرأة خمسها وأطاعت زوجها وحفظت فرجها دخلت جنة ربها " ويقول الرسول الكريم – "لو كنت آمرا أن يسجد أحد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها".
بل جعل الرسول طاعة الزوج في المعروف سبب في دخول الجنة.ومعصيته سبب في دخول النار قال صلى الله عليه وسلم – في حق الزوج "هو جنتك ونارك".
وعلى الزوجين أن يعرفا أنهما أوْلَى بأنفسهما من غيرهما، وأن يحلا المشاكل معاً، ولا يَلجَآ إلى الأهل إلا للضرورة المُلِحّة.
خامسا: وتنبه زوجتك لهذه الحقيقة من بركات الزواج والمصاهرة التعارف وكسب كلا الزوجين عائلة إلى عائلته. وكسب والدين إلى والديه، وإخوان إلى إخوانه، وأخوات إلى أخواته. وأعمام وأخوال وخالات وعمات....
فكلا الزوجين إذا فهما ذلك وحرص كل منهما على أن يكن للجميع الاحترام والتقدير وأن يقوم بحقوق أصهاره ما استطاع مثل ما يقوم به تجاه أرحامه.طاعة لله تعالى لأنه يحب هذا ويحث عليه، واحتسب كل منهما الأجر والثواب عند الله تعالى، جعل الله بكل ما يبذله كلاهما من الحب والتقدير والمعاملة الحسنة لأصهاره الذين هم أقارب الزوج أو الزوجة الثواب الكبير والجنة في الآخرة.
وصارت حياتهما كذلك فيها السعادة والطمأنينة والحب والوفاء والمؤازرة والتعاون.
سادسا: علينا الحرص على التعبد لله تعالى بكل معاملاتنا مع الآخرين، وأن نرجوارضا الله بها والأجر والثواب عليها في الدنيا والآخرة،وتكون معاملاتنا وفق شرعه ودينه كما أرشد في كتابه وستة نبي_، صلى الله عليه وسلم _ ومعاملة الزوج المعاملة الحسنة لأن هذا عبادة لله، وكذلك إكرام أهله وأقاربه من أجله عبادة لله.
يقول الرسول – صلى الله عليه وسلم – حاثا على التماس الأجر من وراء جميع أعمالنا ومعاملاتنا مع الأقربين ولا سيما من تربطنا بهم صلة القرابة أو المصاهرة قال: "وأن يضع أحدكم اللقمة في في (أي فم) امرأته صدقة..."
هذا الإكرام من الزوج للزوجة، وهكذا العكس يكون عبادة وصدقة إذا احتسب به الأجر.
سابعا: وقل لها – بارك الله فيك – احمدي الله – تعالى – أن رزقك والدين إلى والديك، فأرى أن الله يحبك ويريد بك الخير ويريد لك الأجر والثواب الجزيل بحسن استقبال هذا القدر الإلهي العظيم.
وحسن القيام به بالنية الحسنة واحتساب الأجر من ورائه واعتبارهم والديك وأن هذا من حسن العشرة لزوجك وواجبها وحقها أن تساعديه على ما يتعلق به من أموره، ووالداه من أعظم أموره التي يحب من يساعده على أمورهم وما ينفعهم.
ثامنا: نبِّهَّا إلى احتساب الأجر وراء ذلك،وبنية إكرام الزوج والتودد إليه، وإن عملها هذا من أعظم ما يحببه فيك ويعلقه بك، ومن بركات هذا تكسبين – بإذن الله – البر العظيم والإكرام والتقدير من هؤلاء أولادك إذا كبروا، وفي نفس الوقت تدخلين التاريخ بأن تعدي من النماذج الفذة المباركة للزوجة المسلمة الصادقة.فتكونين قدوة حسنة لمن كان في مكانك، ويكتب لك أجر كل من اقتدى بك في ذلك.
تاسعا: اصبر عليها لإرضاء الله وتواصي معها على تقوية الذات بتقوية الإيمان بالاجتهاد في طاعة الله بفعل الواجبات ولاسِيّما المحافظة على حسن أداء الصلاة، والإكثار من قراءة القرآن، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء والإكثار من الدعاء أن يوفقنا الله في حياتنا، والقيام بحقوق الآخرين والإكثار من تذكر الآخرة والموت.
عاشراً: اشغلها بما ينفع، فإن ذلك يصرفها عمّا لا ينفع، كما قالوا: النفس إن لم تشغلها بالحق أشغلتك بالباطل. فاجعلها تشارك في الدور النسائية لتعليم القرآن الكريم في المساجد، ورغّبها في ذلك، وذكّرها بالأجر العظيم والحصول على بركات المصاحبة للقرآن، والتعرف على صحبة طيبة، وسماع المحاضرات النافعة، فلذلك الأثر الطيب في نفسها، وصرفها عمّا لا ينفع – بإذن الله -.
وأخيرا: تذكرها أن تجربة الزواج بينكما تحتاج أن يتقارب كل منكما تجاه الآخر للتعرف على طباعه وصفاته وطبيعته ونفسيته ومعالم شخصيته،و يحرص كلا الزوجين أن يقدما مصلحة استقرار الأسرة على مصلحتهما الخاصة عند التعارض، وأن كلا منهما أولى بالآخر.ويراعي كل منكما الآخر وفق أحواله وظروفه ليتحقق الوفاق والألفة والمودة، وتجنب ما سوى ذلك.
وبإذن الله بمراعاة الجميع ما سبق ذكره والالتزام به تنصلح أموركما بإذن الله ولا تحتاج إلى زوجة ثانية.
فإن يسر الله وصلحت زوجتك وعادت لرشدها، فبها ونعمت، وإن استمرت في إيذائك في والديك فحذرها وأنذرها فإن لم ترتدع وكانت حاجتك لرعاية والديك ماسة فاستخر ربك في زواج امرأة ترعى شأنهما.
أسأل الله أن يوفقك، وأن يصلح حال زوجتك ويقر عينك بها.
والله الموفق.