5 محرم 1437

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أنا متزوج من امرأة سبع سنوات ولي ثلاثة أطفال وأعاني من المشاكل يومياً بسبب أنها ترفع صوتها عليَّ وتفشي أسرار البيت بالكامل حتى فراش الزوجية للقريب والبعيد!!
وتسب وتجرح بالكلام وتكذب عليَّ وعلى أهلي وكل من يتدخل لحل الخلاف يضع الحق عليَّ، حتى أهلها يصدقونها بكل شيء وتنقل الكلام بين الناس لعمل الفتنة..
علما أني أنصحها وأوجهها ولكن لا تستمع لكلامي، ومقصرة في حق أولادي وبيتها ومعي وتمن عليّ بخدمة البيت وخدمتي وخدمة أولادها..
وكلما نشب بيننا خلاف على سبب تافه تسب وترفع صوتها علي وتدعي علي؛ فأضربها فيأتي أهلها ويضعون الحق عليَّ؛ لأني أضربها ووالله إني لا أريد إلا الهداية لها والصلاح..
لا أقول إني كامل، ولكن يحدث مني بعض التقصير، علماً يا شيخ أني أنهاها عن أشياء فلا تسمع، فأصفح عنها من أجل الأولاد، علماً أني بالفترة الحالية أشك فيها!
أفيدوني بارك الله فيكم ونفع بكم.. والله يا شيخ إني تائه ومهموم وحائر، وأستغفر الله، ومحافظ على الصلاة.

أجاب عنها:
د. علي الدقيشي

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أخي الفاضل– أهلا ومرحبا بك في موقع المسلم.
أما بخصوص سؤالك أجيبك بما يأتي:
أولا؛ زادك الله حرصا على إصلاح أمر بيتك وأسرتك.
ثانيا: عليك بالتقرب إلى زوجتك والتودد إليها، بذكر ما فيها من مميزات من بداية الزواج ولو كانت قليلة، ضخمها في عينها وأن الله أكرمك بها، وتودد إليها بما يستميل قلبها إليك، ويجذبها للاستماع إليك.
ثالثا:أعلمها أن أول ما يجب أن نبدأ به هو أن نحاسب أنفسنا ونقومها عملا بأمر الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} والاجتهاد في تقوية ذاتنا بتقوية إيماننا وزيادته بالاجتهاد الصادق في طاعة الله تعالى بفعل الواجبات ولاسيما الصلاة والإكثار من الأعمال الصالحة كقراءة القرآن يومياً،وذكر الله كثيراً والمحافظة على أذكار الصباح والمساء وسماع دروس العلم النافع وحضور مجالسها، لأننا جميعاً في حاجة إلى محاسبة أنفسنا على الاستقامة بطاعة الله والتمسك بشرعه والتذكر باستمرار الوقوف بين يدي الله تعالى يوم القيامة للحساب والجزاء. هل آمنا بالله تعالى؟ واستقمنا في حياتنا على الالتزام بجميع تعاليم الدنيا في جوانب حياتنا؟
رابعا: ذكّرها أنه يجب علينا جميعاً أن نتعلم أهم ثلاث مسائل تتوقف عليها سعادتنا في الدنيا والآخرة:
الأولى: أن نعرف الله جيداً بسمائه وصفاته وما يجب له من تأليهه بفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه، وطاعته والتقرب إليه بالعمل الصالح من كثرة ذكره وقراءة القرآن والصدقة ونفع الناس وتذكر يوم القيامة والاستعداد له والحرص على النجاة في الآخرة.
الثانية: معرفة تعاليم ديننا دين الإسلام في جميع الجوانب وأن نتمسك بها في حياتنا بما يخص عبادتنا مع اللامباشرة كالصلاة، الزكاة، الحج، والصيام. ومنها يشمل معاملاتنا مع بعضنا البعض، صلة الرحم، الوالدان، الجيران وما يشمل جوانب الحياة.
الثالثة: معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم بمعرفة اسمه ونسبه وسيرته وأنه خاتم الرسل ووجوب طاعته في كل ما أمر به وتر كل ما نهانا عنه وأنه جاء ليعلمنا كيف نعبد الله ونطيعه ويعلمنا التعاليم التي نطيع بها الله،وتعلم هذه المسائل السابقة يكون بحضور مجالس العلم والمحاضرات في المساجد، وقراءة الكتب الدينية وسماع المحاضرات عبر إذاعة القرآن الكريم، والقنوات النافعة.
رابعا: ذكرها بضرورة الحرص على تعلم ما سبق ذكره والعمل به، وأن يكون أكبر اهتمامنا إن أردنا السعادة في الدنيا والسلامة والنجاة في القبر وعند ملاقاة الله يوم القيامة للحساب والجزاء.
خامسا: تذكيرها بأن المرأة بمجرد زواجها وانتقالها إلى بيت زوجها فقد صار زوجها كل شيء لها، زوجها، وأباها، وأخاها، ومُتَولّي أمرها.
وصارت الزوجة كالضيف بالنسبة لأهلها، فعلى كل منهما أن يرفق بالآخر ويَحنُو عليه. فعلى الزوجين أن يعرفا أنهما أوْلَى بأنفسهما من غيرهما.
سادسا: صارحها بمدى حبك وإرادتك الخير لها، وعظم قدرها في نفسك كزوجة لك، وذكرها بعظم ذنب وجرم الأفعال الكبيرة التي هي مصرةٌ عليها ومتمادية فيها من الكذب وعصيان الزوج وإهمال حقه وإهمال الأولاد وجرم اتصالها المحرم وعلاقتها بالرجال وتصويرها لنفسها بصور محرمة وإرسالها لآخرين، وذكرها بعظم نظر الجبار – سبحانه وتعالى – وأنه يمهل ولا يهمل، وإن بطشه وانتقامه شديد، وذكرها بالقبر وعذابه وعذاب الآخرة وفضيحة الآخرة على رؤوس الأشهاد، وبفضيحة الدنيا، أيقبلها؟؟!
سابعا: رغبها في التوبة والإنابة العاجلة إلى الله، وبشرها بأن الله – تعالى – يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ويفرح بتوبة عبده الصادقة. كما أخبر بذلك النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
سادساً: انظر أمرها، فإن ظهرت بوادر التحسن وخيرات التوبة والإنابة، والاستقامة على دين الله والمحافظة على الصلاة، والتحسن في أسلوبها وأخلاقها وسلوكها، فهذا الذي نرجوه. فاحمد الله كثيراً وأعنها وشجعها وألقي الضوء في معاملتك معها على هذه التغيرات الجميلة.
ثامنا: أما إذا لم تظهر ملامح الاستجابة والتحسن في أخلاقها وسلوكها وصلاتها وعبادتها – نعوذ بالله من ذلك – فإني أقترح أنكِ - إذا رأيتِ أنه لا تزال بقية الحرص على العلاقة بينكما موجودة – وهناك بصيص أمل للاستجابة أن جلس معها أحد أهلك المناسبين المقبولين عندها لنصحها بالحزم وتذكيرها بأن نهاية هذا الطريق الذي تسلكه هو خراب الأسرة والحسرة والندم.
تاسعا: من الضروري أن تتأمل أمرك بشأن زوجتك بعد أن تقوم بالخطوات السابقة، فإن كان الغالب على وضعها في أخلاقها وسلوكها وعبادتها ومعاملاتها سيئاً كما هو، فالأنسب – والله أعلم – هو الحزم ولو أدى إلي الفراق حفاظا على دينك وعلى الأولاد،والله يخلف عليك بخير منها فلا تقصر فالأولاد أمانة عندك أنت المسؤول أمام الله، فالإنسان البعيد عن الله لا خير فيه لإعراضه عن طاعة ربه وتماديه وعدم الاستجابة.
أما إن كان الغالب على حالها في أخلاقها وسلوكه أو عبادتها ومعاملتها التحسن والتغيير إلى الأفضل، فالأنسب هو الصبر عليها ومعاونتها أو الأخذ بيدها بالتسامح واللين إلى الخير.
وثق بالله تعالى وادعوه بأن يختار لك الأصلح.
وأرجو الله أن يصلح زوجتك ويردها إلى الصواب والاستقامة أو يبدلك خيراً منها..
والله الموفق.