مدير المركز النيجيري: استراتيجية بوكو حرام تعجل بالتدخل الدولي بنيجيريا والإقليمي قائم..الدعوة واقتصاد الإقليم تأثرا سلبا (2/2)
12 رجب 1436
موقع المسلم

استكمالاً للحوار الذي بدأناه مع الأكاديمي النيجيري الدكتور خضر عبدالباقي محمد، مدير المركز النيجيري للبحوث العربية، يتحدث عن مدى تأثر الدعوة الإسلامية في نيجيريا بأجواء مكافحة الإرهاب التي سادت نيجيريا في أعقاب تمدد حركة بوكو حرام، وامتداد نشاطها في الشمال الشرقي لنيجيريا، وخارج حدود نيجيريا.
في الحوار، يلقي د.خضر الضوء على استراتيجية الحركة، ويقدم رؤيته لدور المسلمين المأمول في صعيد المجتمع الأهلي، ويعطي نبذة عن نشاط المركز النيجيري، ويتحدث عما يود أن يراه في موقع المسلم..

 

نص الحوار:

هناك تصريح لوزير الخارجية الإيطالي، باولو جينتيليوني، قال فيه: "إن الخيار العسكري في مكافحة الإرهاب في ليبيا ونيجيريا مطروح". هل هناك احتمالا لتدخل عسكري دولي في نيجيريا، فإذا كانت هناك في الشمال بعض المعارك تشترك فيها قوى إقليمية؛ فهل يمكن أن تدوّل هذه المعارك؟
بالفعل الوضع مرشح للتدخل الدولي في نيجيريا، هو في الوضع الحالي يقتصر على التدخل بالوكالة، وهو في أي حال يعد تدخلاً في الشؤون الداخلية النيجيرية فتحت الباب إليه حركة بوكو حرام، وقد تحققت لبعض الأطراف الدولية ما تصبو إليه من هذا الموضوع والتي استفادت أيما استفادة من موضوع بوكو حرام أن تثبت أقدامها لتمرر بعض المصالح وبعض الإملاءات على النظام في نيجيريا.
التدخل غير المباشر قد حصل بالفعل أما إذا كنت تقصد التدخل بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية أو الدول الكبرى التي نعرفها على غرار تدخل التحالف الدولي الذي حصل في العراق والشام في ضرب تكوين داعش أعتقد أن ذلك قد أخذ الشكل الذي أسميناه بالتدخل بالوكالة؛ فالدول التي تدخلت الآن والتي تقود العملية هي تحالف من دول الجوار النيجيري التي هي بقيادة دولة تشاد وكل من الكاميرون والنيجر.

 

 

وهذا نوع من التدخل، وإن كان بوجوه وآليات أفريقية، ولكن أنا أتفق معك أن ملف بوكو حرام سيشهد تصعيداً خطيراً في الأيام القادمة خاصة بعد سلسلة العمليات التي قامت بها دول بحيرة تشاد بزعامة أو قيادة دولة تشاد مع كل من الكاميرون ونيجيريا والنيجر، خاصة أن هذا الملف صار مؤثراً على الوضع الداخلي في بعض الدول الأفريقية التي تعتمد اعتماداً كلياً على نيجيريا؛ فمثلاً كل من تشاد والكاميرون والنيجر تعتمد على ما يرد إليها من الأسواق النيجيرية، وتحديداً من منطقة العمليات؛ فالشاحنات التي تذهب من نيجيريا لنقل البضائع الآن أصبحت تعاني من مضايقات، بما أثر على حركة التنقل بين هذه الدول، وعلى حدودها المشتركة، وهذا لا يخفى أنه يسبب امتعاضاً واستياءً لدى المواطنين، بما يولد ضغطاً على حكومات تلك الدول (علاوة على الأسباب الأخرى للتدخل).
وقد بدأت المؤشرات لذلك واضحة في ارتفاع الأسعار في تشاد وغيرها، لأن منع الشاحنات من العبور بين هذه الدول من نيجيريا تحديداً جعلت الأسعار في معظم الدول الأفريقية المجاورة مرتفعة جداً، والمواطنون هم الضحية، والمواطنون بدؤوا يتكلمون وبدؤوا يتحركون؛ وبالتالي سيزيد أعباء هذه الدول، لذلك يتوقع ازدياد وتيرة هذه العمليات العسكرية، وتوسعها.

 

 

لكن أليس يلفت النظر أن التدخل هذه المرة من دول أصغر من نيجيريا؛ فقد كنا دائماً نرى نيجيريا تقود "عمليات حفظ سلام" أو غيرها من الدول الكبيرة في إفريقيا، نيجيريا خصوصاً في الغرب الإفريقي، لضخامة حجمها السكاني والعسكري وتأثيرها الإقليمي وما إلى ذلك؟ أليس غريباً بعض الشيء أن تتدخل تشاد أو غيرها في نيجيريا حتى لو كان بدافع مكافحة الإرهاب؟
هذه من المفارقات العجيبة، ولكن ليس هناك مفارقة على الساحة السياسية، كما تعرفون السياسة لها اعتبارها، ولها حساباتها، ولكن على كل حال كلامك صحيح، وهذا يثير تساؤلاً كبيراً، أن تتدخل تشاد وظهورها كأنها تنقذ نيجيريا من بوكو حرام وما إلى ذلك!
غير أنه كما سبق أن قلت، كانت بمثابة حرب الوكالة، أي أنها انطلقت بدافع من دولة فرنسا تحديداً، وقد كان ذلك له خلفية سياسية؛ فالخطوة الأفريقية الفرنسية التي حصلت في شهر مايو في عام 2005 في قصر الإيليزيه وحضور زعماء أفارقة في مقدمتهم رئيس نيجيريا المنتهية ولايته ورؤساء كل من تشاد والنيجر والكاميرون وغيرها من مجموعة الدول الأفريقية التي أيدت الخطوة؛ فهناك اتفاق على أنه يكون هناك تحرك جماعي بدعم وغطاء دوليين، وساعد على ذلك الاتحاد الأفريقي بتفويض مباشر، والتصويت على ذلك تم بطلب من الأمم المتحدة، التي أيدت هذه الخطوة طبعاً بزعم أن القوى الكبرى في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، وكل من فرنسا وبريطانيا والصين، وحتى بعض الدول التي أثار حضورها في مثل هذه اللقاءات تساؤلاً كبيراً مثل "إسرائيل" التي عرضت دعماً كبيراً لنيجيريا في مكافحة بوكو حرام والحركات الإسلامية التي تشهدها المنطقة.

 

 

على كل حال، ما يحصل الآن من قيادة تشاد لتدخل دول الجوار في أفريقيا هي ليست تعني أن تشاد هي من تقود حقيقة، إنما هي رسالة دعم وتحريك من الدول الكبرى في مقدمتها فرنسا بتأييد أمريكي أن تقوم تشاد بهذه الحرب بالوكالة عن هذه القوى الكبرى.

 

 

لكن ما الذي تقرؤونه كإستراتيجية بدأت حركة بوكو حرام تنتهجها في هذه المرحلة لا سيما أننا رأيناها تخرج خارج الحدود النيجيرية وتنبعث في أكثر من مكان فما الذي ترنو إليه بتوسيع دائرة صراعها وتدويله أو أقلمته إن جاز التعبير؟
بوكو حرام بدأت من عام 2000 أو 2002 ولم يكن يتحرك هذا "المجتمع الدولي" بقدر ما تحركت هي، فتمددت في المنطقة، إلى أن وصلت إلى حدود نفوذ الفرنسيين، إلى مناطق مستعمراتها في أفريقيا، منطقة الكاميرون، ومنطقة في بحيرة تشاد التي هي في تشاد والنيجر هذه المناطق منطق نفوذ لفرنسا أن الحرب الدائرة في أفريقيا الوسطى إذا استطاعت بوكو حرام أن تعبر الحدود وتتمكن من هذه المنطقة مجرد ما تكون تجتاز دولة تشاد دخلت أفريقيا الوسطى التي فيها مصالح كبرى للشركات الفرنسية والسلطات الفرنسية وهناك اليورانيوم في النيجر وهناك البترول وهناك شركات البترولية العالمية المتعددة الجنسيات في هذه المنطقة يعني منطقة إستراتيجية للدولة الفرنسية فبالتالي المصالح الفرنسية بالمقام الأول ولذلك تحمست فرنسا أن تكون أول القوى الكبرى التي تتحمس للموضوع بدعوة إلى قمة أفريقية فرنسية.

 

 

هذا إذا كان نفوذ فرنسا تراه مهدداً ما الذي تريده بوكو حرام أكثر أقصد هل تريد السيطرة على مناطق غنية بالثروات مثلاً ؟
المناطق التي تنشط بها بوكو حرام في الشمال الشرقي من نيجيريا ليس فيها ثروات كبيرة، وإنما هي منطقة انطلاق - إن صح التعبير - والمنطقة التي عبرت النيجر لها، ليس فيها استقرار أصلاً، مثل منطقة أفريقيا الوسطى، وفيها شركات فرنسية كبرى الآن، ولذلك فرنسا تخشى على هذه المصالح فبالتالي عين بوكو حرام على هذه المناطق التي فيها المعارك، والتي يمكن أن تديرها وتسيطر عليها على غرار ما كانت تفعل داعش في الاستيلاء على مصافي النفط والغاز (في العراق وسوريا)، نفس الفكرة، ونفس النموذج تستنسخها حركة بوكو حرام في المناطق التي تستهدفها في كل من تشاد والكاميرون ومروراً أو وصولاً إلى دولة النيجر التي هي مخزون لليورانيوم والتي تعتمد عليه الشركات العالمية والدول الكبرى في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.

 

 

لماذا ألصقت هذه الجماعة نفسها بتنظيم داعش؟
أعتقد أن إعلان بوكو حرام انضمامها إلى داعش هو رسالة سياسية وإعلامية أكثر منها واقعية، فقراءتي للموضوع أنها مسألة سياسية إعلامية، والواقع أن زعيم بوكو حرام أبو بكر شيكو الذي هو الزعيم الروحي والزعيم القيادي الأول في الحركة قد أعلنت الحكومة النيجيرية أكثر من مرة أنها قد صفته، إلا أن الرجل ظهر في الآونة الأخيرة في تسجيلات تثبت أنه ما زال موجوداً، وما زال يقود العمليات، وأعلن في إحدى تلك التسجيلات مبايعته لجماعة داعش، وفي تقديري أن ذلك كان بغرض الدعاية أكثر منه واقعي، برغم أني لا أنكر ولا أغفل أن هناك مبعوثاً خاصاً للبغدادي في أفريقيا للم الشمل للجماعات هذه الموجودة الآن في الساحة الأفريقية للتنسيق فيما بينها في العمليات، وفي ضمها بشكل عملي لداعش دولة الخلافة الإسلامية.

 

 

إلى أي مدى ترون أن الدعوة الإسلامية التيارات والهيئات والمؤسسات الإسلامية الوسطية قد تأثرت سلباً بما تقوم به هذه الحركة وكم تعرضت لمشكلات بسبب بوكو حرام؟
والله الكثير من الجمعيات الإسلامية قد تأثرت كثيراً على خلفية ما تقوم به بوكو حرام، سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات، أقصد مستوى تشويه صورة الأفراد كشخصيات إسلامية مرموقة معروفة وربطها ببوكو حرام، حصل حالة التشويه، أو كانت الجمعيات إسلامية نشطة ومعتدلة ولكن في السياق الصراع الدائر الآن تم لصقها بأنها متشددة، وأن لها علاقة ببوكو حرام؛ فشوّهت صورتها.

 

 

وعليه، فهناك تأثيرات وانعكاسات سلبية جداً لوجود هذه الممارسات الإرهابية التي تقوم بها بوكو حرام وغيرها على الإسلام كدين وعلى المسلمين كأصحاب هذا الدين، أو في أفريقيا بشكل عام، وفي نيجيريا بشكل خاص.
لكن أعود وأكرر أن الذين يستطيعون أن يمرروا بعض الأمور من الذين يكرهون الإسلام، الذين لا يريدون للإسلام وجوداً في أفريقيا، ومن الذين يناصبوننا الأعداء من المسيحيين - وهؤلاء قليلون - هم الذين يستغلون هذه المشجب الآن لضرب المسلمين، ولضرب شخصيات إسلامية، ولضرب الجماعات الإسلامية النشطة والفاعلة، فلا يمكن للجمعيات الكنسية أو الشخصيات المسيحية أن توقف هذه الجمعيات الإسلامية إلا عن طريق إلصاق التهم بها، أو ربطها بإجراءات إرهابية مثل بوكو حرام.
وبالتالي هم وجدوا مبرراً لضرب الإسلام في ظل الصراع الديني الموجود تحديداً في نيجيريا.

 

 

على ذكر هذا، نلاحظ أننا لم نعد نسمع عن مسألة تطبيق الشريعة في بعض الولايات النيجيرية، هل عدم السماع هذا يعني مبعثه ضعف إعلام أو أن هذه القضية قد خَفُتُ ضوؤها وصوتها؟
مسألة التطبيق العملي للشريعة الإسلامية في نيجيريا أعتقد أنها في طور إعادة القراءة، وإعادة مقاربة جديدة لهذه التجربة، وماذا حققت هذه التجربة وبالتالي خفت صوتها الآن، خاصة أن الصراع الدامي في نيجيريا الآن ليس في صالح التيار الذي نسميه تيار الشريعة - إن صح التعبير - خاصة في ظل الصراع الإسلامي المسيحي، والتهديدات الأمنية التي أفرزتها بوكو حرام، حيث لم تستثن عمليات بوكو حرام المسلمين؛ فهي استهدفت هؤلاء وأولئك، مسلمين ومسيحيين بمبررات وذرائع مختلفة، وهي لم تترك أحداً سواء سياسيين أو رموز دينية أو علماء أو طلبة العلم.

 

 

وبالتالي  في ظل هذه الأوضاع لم تكن الظروف مواتية للتحرك بشكل مرن لمن نسميه تيار الشريعة.
بالإضافة إلى أن الرموز السياسيين الذين كانوا يدعمون تيار الشريعة، تبدلت مواقعهم، ولم يعد معظمهم يشغل مواقع تمكنهم من دعم تيار الشريعة، ولم  تعد مواقعهم الجديدة تسمح لهم بالتحرك بشكل أو بآخر في ظل هذا الشعار، وفي ظل هذا المشروع الكبير، لذا خفت صوت هذه التجربة التي دخلت الآن مرحلة التقويم بشكل هادئ.

 

 

كيف يمكن لمسلمي نيجيريا أن يكونوا أكثر حضوراً في القضايا الإسلامية العامة والمصيرية مستفيدين من الأجواء الجديدة واتقاءً لمشكلة الالتصاق ببوكو حرام أيضاً؟
أعتقد أن سبيل ذلك بأن تكون لهم نشاطات أو تحركات داخل المجتمع الأهلي، هذا هو الذي يفيدهم أكثر، وأظن أن المسلمين أو بعض الزعماء للحركات الإسلامية فهموا هذه المعادلة الآن، وماضون في هذا الاتجاه فمساحة الحركة داخل هذا الإطار واسعة جداً، وبإمكان هؤلاء أن يتحركوا بشكل لا يثير أية الحساسيات من هذا القبيل، وهذا ولله الحمد بدأ يحصل بالفعل، وهناك بوادر طيبة بأن كثيراً من المسلمين بدؤوا ينشطون في هذا المجال، وأصبحوا فاعلين فيه.

 

 

ما دمنا تطرقنا للعمل الأهلي، وعطفاً على حديث تطوره في نيجيريا، لاحظنا منذ أيام إشادة من بعض الأوساط الإسلامية النسائية في العالم العربي بموقف نيجيريا من بعض مقررات الأمم المتحدة أخيراً بشأن المرأة والأسرة، وقرأنا وسماً على تويتر يقول #شكرا_نيجيريا ، ما تعليقكم؟
صحيح فيما ما يتعلق بالمدونات الشخصية وبعض القرارات التي تصدر من الأمم المتحدة التي لا تتفق مع بعض الأعراف والقوانين المحلية التي في بعض البلدان الأفريقية، هي مرتبطة بالإسلام بالدرجة الأولى مثل نيجيريا والنيجر وتشاد وغيرها من البلدان التي فيها كثافة إسلامية كبيرة.
 وأنا أتفق معك أنه في مثل هذه المواقف تحصل أحياناً تقاربات، وإن كان هذا الذي أشرت إليه يشير إلى أن هناك تلاحماً بين الشعوب العربية والشعب النيجيري، خاصة في مثل هذه القضية التي تمس الجانب الاجتماعي الثقافي، والمرجعية التي ينتمي إليها كل من الشعب النيجيري والشعوب العربية، (الإسلام)، والتي لا تتفق وهذه المبادئ التي تريد أن تروج لها هذه المدونة الشخصية أو مدونة السلوكيات الاجتماعية في الدول الإسلامية والتي لا تمت بصلة بالتراث الثقافي الفكري سواء للنيجيريين والعرب بصفة خاصة، والمسلمين بشكل عام.

 

 

يتأثر المحيط الإقليمي بالدول الكبيرة فيه كنيجيريا وغيرها، إذا ما مرت بتجربة ديمقراطية أو انقلابا عسكريا أو نحو هذا. فهل تتوقعون أن تنتقل تجربة نيجيريا إلى محيطها الإقليمي أو إلى أفريقيا عموماً؟
بالتأكيد هذا كلام واقعي جداً، فنجاح التجربة النيجيرية في الانتقال السلمي والانتقال الديمقراطي بشكل صحيح ينتقل بالتبعية إلى الدول المجاورة، ولذلك كثير من الناس كانوا قد تخوفوا من وجود أي خلل، أو أي انشقاق، أو انقسام في الشارع النيجيري في الانتخابات الأخيرة؛ فمثلاً لو افترضا أن الرئيس المنتهية ولايته قد رفض نتائج الانتخابات، كانت ستكون هناك كارثة كبيرة للبلد، وكان لو صار هذا - لا سمح الله - لكان سيؤدي إلى انقسام داخل الشارع النيجيري، ما قد يؤدي إلى مواجهة شرسة بين المؤيدين والمعارضين سواء للرئيس الفلاني أو الشخص الفلاني، وقد يتحول إلى حرب أهلية طويلة، وتجربة ساحل العاج لا زالت حاضرة في الأذهان.

 

 

 فالحمد لله أن الأمور سارت على سلام ورست سفينة نيجيريا في بر الأمان ورضي الرئيس المنتهية ولايته بالهزيمة بكل أريحية، وتقبل النتيجة بصدر رحب، وهذا أيضاً مما يضيف لقيمة نيجيريا كدولة رائدة في مجال التحول الديمقراطي والانتقال السلمي لممارسة الديمقراطية على أرضها.

 

 

هل ترون العلاقة بين نيجيريا والعرب آخذة في النمو أم التراجع؟
إذا كنا نتحدث عن العلاقة السياسية؛ فقد يكون هناك اعتبارات أخرى في السياسة، لكن في العلاقات العامة الشعبية والمجالات المختلفة أعتقد أنها في صعود، وليست في تراجع وفي نمو في هذا المجال سواء في المجال الثقافي، ولذلك زادت العلاقات الثقافية بين نيجيريا ومعظم البلاد العربية ممثلة في موضوع التعليم والجمعيات الخيرية والزيارات المتبادلة بين بعض الأفراد من البلدان العربية المختلفة إلى نيجيريا، وكذلك العكس صحيح، وهناك التبادلات التجارية خاصة التجار الأفارقة بشكل عام والنيجيريين بشكل خاص لدى المنطقة، في الخليج عامة، وإلى دبي وغيرها خاصة.

 

 

 وأعتقد أنه على المستوى الشعبي هناك نمو في هذا المجال، لكن على المستوى السياسي قد يكون هناك صعود وهبوط وانكسار في بعض الحالات نظراً للظروف السياسية غير المستقرة، وبعض القضايا التي تباينت الآراء ومواقف الدول بشأنها. فتتأثر العلاقات النيجيرية العربية طبقاً لهذه القضايا والمواقف؛ فمثلاً التصويت لانضمام فلسطين إلى محكمة الجنايات الدولية، نجد أن نيجيريا صوتت ضدها، وهكذا في مثل هذه الأمور قد تكون شاهدة على مرور العلاقات النيجيرية العربية بفترة هبوط وانحدار، وصعود.
نعم فكما تعرفون أن السياسة ليس فيها استقرار بل هي ديناميكية متحركة وليست ثابتة.

 

 

دعنا نقترب من الشأن العام فيما يتعلق بالعلاقات النيجيرية العربية إلى الخاص بدور مركزكم، المركز النيجيري للدراسات العربية.. ما جديده الذي قدمه في مسألة التقارب العربي النيجيري في الآونة الأخيرة؟
الحمد لله المركز لا يزال يمارس نشاطه، ويواصل إصداراته العلمية؛ فالحمد لله، لدينا الآن إصدارات علمية جديدة، بل وصلنا ما يقارب 18 إصداراً الآن، وهناك إصدارات جديدة الآن في المطابع في مجالات فكرية وعلمية مختلفة، في السياسة والأدب واللغة والثقافة والعلوم الشرعية واللغة العربية (الشعر والأجناس الأدبية المختلفة)، وفي الدراسات المتخصصة في مجال الرحلات وأدب الرحلات.

 

 

 والحمد لله هناك الآن من الكتب أو الإصدارات الأخيرة للمركز حكم مشاركة المسلمين في المشاركة السياسية للمسلمين في أفريقيا، وكذلك أحكام انتقال الحضانة بين المسلم في أفريقيا، أو قوانين الإمامة، والقوانين المعمول بها في الشريعة الإسلامية في تولية أو تنصيب الأئمة في المساجد، وهناك الإصدارات الإعلامية التي تلمس احتياجات المسلمين في نيجيريا وفي أفريقيا بشكل عام والتي تؤصل لهم المبادئ والرؤى الإسلامية الصحيحة في التعاطي مع قضايا العصر، فمثلاً في جانب في جوانب الفكر والثقافة واللغة هناك كتب تتحدث عن الشعر السياسي في نيجيريا، وهناك كتب تتناول مجال التربية التعليم العربي الإسلامي في نيجيريا، وسائله وتطويره، وغير ذلك. وهناك كتب جديدة أيضاً في مجالات مختلفة كالمقامات النيجيرية في مجال الأدب تحديداً.
 والحمد لله أن المركز لا يزال يواصل نشاطه، وقريباً سيصدر المجلة العلمية، وكذا مجلة البحوث العربية النيجيرية التي يصدرها المركز بشكل دوري والحمد لله.

 

 

 ويعتزم المركز عقد مؤتمر دولي كبير، وهناك تواصل بين المركز وبعض الجهات في البلدان العربية وفي السعودية وفي مصر وفي المغرب وفي الإمارات وكذلك في كل من الدول العربية المختلفة أو في بلاد الشام الحمد لله النشاطات الآن متواصلة والمركز ينسق بين الجامعات العربية المختلفة والأكاديميين في نيجيريا، أعني الأكاديميين الذين ينتمون للثقافة العربية الإسلامية في نيجيريا وفي الدول الأفريقية غير العربية.
 وهناك اتفاقيات التوأمة بين المركز والعديد من المراكز البحثية الفكرية في العالم العربي والإسلامي سواء في السعودية أو الكويت أو المغرب أو ليبيا أو الإمارات أو البحرين أو قطر أو غيرها من البلدان

 

 

هناك الزيارات للوفود العربية إلى نيجيريا إلى المركز ؛ فالحمد لله نشاطاتنا وتواصلنا مع الأشقاء العرب وغير العرب من المسلمين الذين نتقاسم معهم الأهداف والرؤى والاهتمام المشترك في مجال خدمة اللغة والثقافة العربية الإسلامية في المنطقة، فالحمد لله نشاطاتنا متواصلة ومستمرة ونسأل الله أن يعيننا وأن يتقبل منا هذا العمل ويجعله عملاً صالحاً لوجهه الكريم.

 

 

من المركز إلى الصعيد الشخصي، ما الذي يطمح إليه الدكتور خضر حالياً؟
والله على المستوى الشخصي أطمح الآن، أن يكون لي أنا شخصياً تواصل أو حضور بشكل أكبر في الحياة الثقافية النيجيرية لغير المسلمين، لأنه عندنا تقاعس أو تقصير في هذا الجانب بعض الشيء.
 والحمد لله هناك خطة وضعناها حتى نخاطب المثقفين غير المسلمين في نيجيريا بطريقة التي تليق بهم، بالطريقة التي يفهمونها في الفكر والثقافة واللغة والأدب. هذا الذي أريد أن تكون مقاربة جديدة نقدمها خدمةً لهذا الدين وخدمةً للبلدان الأفريقية حتى نضيق الهوة بيننا وبينهم، وهذا الذي أنا أطمح إليه، والحمد لله نجحنا بعض الشيء في التواصل مع المثقفين الأفارقة الذين يقاسموننا الهم الثقافي العربي الإسلامي لكن نريد أن نتواصل أيضاً ونمد أيدينا إلى المثقفين الأفارقة من غير المسلمين حتى نبلّغ هذا الدين بطريقة مناسبة، ونؤدي جزءاً مما علينا، مما قاله المصطفى صلى الله عليه وسلم: "بلغوا عني ولو آية".

 

 

وهل من رسالة أخيرة إلى موقع المسلم تودون قولها أو لإخوانكم في المسلم؟
الذي أريد أن أقوله أننا نريد من هذا الموقع ومن هذا المنبر المتميز أن يستمر في رسالته، وأن يهتم أكثر بتقصي وتحري وتعقب أخبار المسلمين، والحركة الثقافية العلمية للمسلمين، ولطلبة العلم في أفريقيا غير العربية، لأن العالم العربي يحتاج إلى معرفة أكثر بأفريقيا، وأن تعمق معرفته الأفريقية، كما أن الأفارقة أيضاً يحتاجون أن يعمقوا معرفتهم العربية.

 

 

 وإن كان الإسلام قد فتح لنا هذا الباب؛ فالأصل أن الأفارقة بحكم الإسلام يعرفون، وإن كانت هذه المعرفة ليست بتلك التي نريدها، لكن يعرفون عن العالم العربي وعن المسلمين العرب والبلدان العربية بفضل الإسلام وبحكم الإسلام، لكن نريد في الجانب الآخر أن يعمق العرب معرفتهم ومعلوماتهم في الشأن الأفريقي أكثر حتى نستطيع التواصل، ونؤدي الرسالة التي نحن نقوم بها وشكراً لكم..

 

 

دكتور خضر عبد الباقي نشكركم جزيلاً على هذا الحوار المطول الكاشف لكثير من الأمور في نيجيريا، أكبر بلدان أفريقيا.