16 جمادى الثانية 1436

السؤال

السلام عليكم..
أنا فتاة أعاني من عقوقي لأمي، مع إني أريد عكس ذلك وأجتهد أن أكون بارة ولكن الشيطان دائماً يأتيني ويوسوس لي بما كانت تفعله أمي لي حتى إني بعض الأحيان عندما تشتمني أمي وتخاصمني أسكت ولكن ليس دائماً، وهي أكثر زعلها على إخواني تريدنا أن نكون كالخدم ولا نتكلم عليهم ولا نطلبهم شيئاً على الرغم أن إخواني أصغر مني، حتى إنها كانت ومازالت تفضل إخواني علينا وتدعو لهم.. وأنا وأخواتي مع أدنى خطأ تدعو علينا، وكانت أمي تشمئز منا ولا تغسل ملابسنا وإذا جلسنا معها تطردنا وفي إحدى المرات أراد أخي المدمن قتلي لسبب من عقله افترى عليَّ به وحمل المسدس لقتلي ولكن الله لطف ومع ذلك لا تريد أمي أن نغضب منه بل إنها تدعو عليَّ أن يبتليني الله بالإدمان!! وتتعامل معه بحب، أما نحن فلا نجد أقل القليل من ذلك الحب مع أننا نحن من نقوم بشؤون البيت، كما أن إخواني الصغار الذين يصغرونا بأكثر من سبعة عشر عاماً لا يحترموننا ومع ذلك دائماً يوضع الخطأ علينا..
وفي النهاية أنا والله أريد أن أكون بارة بأمي وأسمع كلامها وأهتم بإخواني والبيت لترضى عنا وأدعو لها وأتصدق، وإذا ذهبت للسوق لا بد من إحضار شيء لها كهدية ولكني لا أستطيع تقبيل رأسها أو يدها؛ بل إني أستطيع تقبيل رأس الغريبة لكن أمي لا!! وأنا والله أعاني من ذلك ودائماً أبكي وأسأل الله أن أكون بارة.. أرشدوني للحل جزيتم الجنة.

أجاب عنها:
أسماء عبدالرازق

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وأهلا ومرحبا بابنتنا البارة.
أيتها الكريمة: لاشك أن الوالدين مأموران بالعدل بين الأبناء، وأن تفضيل الابن على البنت في الحب والمعاملة من فعل الجاهلين. لكن قد تكون والدتك ضحية مثلك بسبب تربيتها على مثل هذا. قد تظن أن فعلها هذا صحيح وتريد أن تحملكن عليه، أما دعاؤها عليكن بالبلاء بالإدمان فخطأ منها كبير ولا يحل لها أن تدعو بالإثم لا على أولادها ولا على غيرهم.
ومشكلتها حسب كلامك أشد من مشكلتك. وتنشئة إخوانك بهذه الطريقة إضرار بهم وتضييع لمستقبلهم لأنهم ينشؤون على التعدي والظلم، وعدم تحمل تبعة أفعالهم والمتصف بمثل هذه الصفات سيواجه كثيرا من المتاعب في حياته وقد يقع في بعض الكبائر التي قد تضيع عليه دينه وتفقده دنياه أيضاً وتوقعه في مشاكل وقضايا قد لا يكون له قبلا بها.
وإذا كان الأمر كذلك فما هو الحل؟
أولا: لابد أن يكون لأبيكم موقف واضح مما يحدث لا سيما أن الأمر وصل إلى حد الشروع في القتل. فبناته المظلومات وأبناؤه المعتدين استرعاه الله إياهم وهو سائله عنهم؛ عن حسن تربيتهم، وحمايتهم، ومنع الظلم عنهم. إن كان الوالد لا يرى فيما يحدث غضاضة فلابد من توسيط من يبين له خطورة ما يحدث، وحرمة الظلم الواقع في بيتكم، وفداحة الخطأ المرتكب في حق البنات والأولاد وما يترتب عليه في الدنيا والآخرة، بل إن لم تجدي سبيلا إلا اللجوء إلى الشرطة أو القضاء فقد يحق لك ذلك لكن لا أنصحك به وإنما آخر العلاج الكي.
ثانياً: لابد أن تعرف الوالدة أن فعلها هذا محرم، وأنها تضر نفسها بالوقوع في الذنب وخسارة بناتها،وتضر أبناءها وتضيع مستقبلهم وتفسد عليهم آخرتهم ويكون ذلك برفق بالكتابة تارة وبالكلمة اللطيفة في الوقت المناسب. وتارة أخرى عن طريق شخص حكيم تثق الوالدة فيه وتقبل منه، وإن كان هو الوالد فهو أفضل فإن تعذر فخالة أو عمة أو أخت تسمع لكم وتقدرها أمكم. وفي كل ذلك لابد من الصبر عليها حتى تغير طبعها هذا وتذكري أن تغيير العادة لا يحدث بين يوم وليلة بل يحتاج إلى نفس طويل وإحسان متتابع ووعظ لطيف بين فينة وأخرى.
ثالثا: لابد أن يقوم سلوك إخوانكم ويفهموا أن طريقتهم هذه سيكونون أول ضحاياها، وذلك برفق وتفهيم معه صبر عن الإعراض والإساءة.
رابعا: استعيني بالصبر والدعاء لك ولوالديك ولإخوانك، واستمري على مدافعة الشيطان ومغالبة النفس والسعي في مقابلة الإساءة بالإحسان.
أصلح الله حالكم، ورزقكم البر بوالديكم، وجعلكم إخوة متحابين.