
في 12 يناير الحالي، قام تنظيم الدولة "داعش" باغتيال مهدي نيروزي، قائد العمليات الخاصة في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. وأشار تقرير إسرائيلي صادر عن جهة مقرّبة من الاستخبارات الإسرائيلية في حينه إلى أن وحدة خاصة من تنظيم الدولة "داعش" شنت هجوما في الهاشمية (تبعد حوالي 125 كلم شمال بغداد) صباح يوم الاثنين 12 يناير قضت فيه على الجنرال نيروزي والمجموعة الكاملة التي كان يقودها، علما أن اغتيال عسكري إيراني بهذا المستوى الرفيع لم يكن العمل الأول من نوعه الذي يقوم به التنظيم.
ففي الأسبوع الأخير من ديسمبر من العام 2014، اغتالت وحدة تابعة للتنظيم الجنرال الإيراني «حميد تقوي» في مدينة سامراء وسط العراق. ورغم تعدد الروايات حول طريقة اغتياله، فإن التقرير الإسرائيلي يؤكد أنّ اغتياله تمّ عبر رصاص قنّاص تابع للتنظيم، ويشير إلى أنه ورغم نقل الحرس الثوري الإيراني لمقر عملياته من سامراء إلى الهاشمية، فإن تنظيم «داعش» استطاع التوصل لهذه المعلومة واغتيال نيروزي على الفور.
ويربط التقرير الإسرائيلي بين هذه المعطيات وبين الهجوم الذي شنته مجموعات محسوبة على التنظيم في 5 يناير الحالي على الحدود السعودية ، ليصل إلى استنتاج مفاده أن هذه العمليات تطلّبت من التنظيم القيام بعملية متابعة دقيقة للأهداف، وتجنيد عملاء داخل البيئة التي يريد استهداف قادتها وأن التنظيم يستخدم فيما بعد المعلومات التفصيلية التي ترد إليه لاختيار الوقت المناسب للقيام بعملية الاغتيال.
وينقل التقرير عن مصادره الاستخبارية الخاصة أن مقاتلي «داعش» تمكنوا منذ أكتوبر 2014 وحتى الآن من قتل 555 ضابطا إيرانيا بالعراق، الغالبية العظمى منهم جرى استهدافهم على يد مجاميع التصفية الخاصة التابعة للتنظيم.
بعد يوم واحد من نشر هذا التقرير، انتشرت معلومات عن إصابة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني ورجل إيران الأول في العراق قاسم سليماني إصابة بالغة في عملية اغتيال نفّذها تنظيم «داعش» قرب سامراء في العراق، وأن سليماني تمّ نقله إلى داخل إيران للعلاج. وفيما اعترفت بعض المصادر نقلا عن الحشد الشعبي بهذا الأمر، نفى أمير عبداللهيان مساعد وزير الخارجية الإيراني بشكل عاجل صحة هذه الأخبار، مؤكداً أنه في صحة تامة وموجود في إيران.
بطبيعة الحال، لا نمتلك ما يكفي من معلومات للحكم عمّا إذا كان تنظيم «داعش» قد أنشأ بالفعل وحدة اغتيالات مهمتها اصطياد رجال إيران ومرتزقتهم في العراق، فقتل قادة إيرانيين بهذا المستوى لا يكفي وحده لأن يكون دليلا على أن التنظيم قد أنشأ وحدة اغتيالات. فقد نجح الثوّار في سوريا في قتل عدد من المسؤولين العسكريين التابعين لإيران أيضاً دون أن يكون لديهم وحدة اغتيالات.
وقد يكون المقصود أيضا من التقرير الإسرائيلي إرسال رسالة للجانب الإيراني بطريقة غير مباشرة مفادها أن تل أبيب هي التي تقف خلف عمليات الاغتيالات، خاصة أن التقرير المذكور تحدث عن قلق إسرائيلي بالغ من تنامي دور الحرس الثوري الإيراني في العراق ومن ازدياد التعاون والتنسيق الأميركي- الإيراني في المجال الأمني والعسكري. هذا احتمال لا يمكن استبعاده أيضا على اعتبار أنّ إسرائيل نجحت في السنوات الأخيرة في اغتيال عدد كبير من القادة العسكريين الإيرانيين، كما أن البيئة الشيعية مؤهلة لحصول مثل هكذا اختراقات من قبل عملاء يعملون لصالح إسرائيل وآخرهم العميل شوربة المسؤول الأمني عن حماية أمين عام الحزب حسن نصر الله، بعد حرب يوليو، والذي شغل فيما بعد منصباً رفيعاً وحساساً في وحدة العمليات الخارجية التابعة لحزب الله، والمعروفة باسم الوحدة (910) المرتبطة بالأمن العسكري للحزب، والمسؤولة عن القيام بعمليات إرهابية خارجية ينفذها الحزب خارج الأراضي اللبنانية.
ملاحظة: المقال كتب قبل العملية "الاسرائيلية" في القنيطرة
المصدر/ العرب القطرية