المستفيد الأول من التحالف الدولي
4 صفر 1436
تقرير إخباري ـ المسلم

منذ اللحظة الأولى التي بدأت فيها واشنطن بتشكيل ما يسمى "التحالف الدولي" ضد تنظيم الدولة الإسلامية , كان معظم المحللين السياسيين وجميع المتابعين للشأن السوري يعلمون جيدا أن المستفيد الأول من هذا التحالف هو النظام السوري .
وقد بدا ذلك واضحا من خلال تصرفات كل من النظامين , فبينما حاول النظام السوري تأكيد التعاون بينه وبين واشنظن علنا لمحاربة "التنظيم" , حاولت واشنطن نفي ذلك التنسيق العلني لحفظ ماء وجهها أمام المجتمع الدولي , ليبقى التنسيق السري غير المعلن هو سيد الموقف بين واشنظن وبشار .
ولا يبدو أن استنتاج المستفيد الأول من ضربات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية الذي تقوده واشنطن يحتاج لكثير من الذكاء أو العبقرية – وخاصة في الآونة الأخيرة - فهناك الكثير من المسؤولين الأمريكيين الذين اعترفوا بأن المستفيد الأول من هذه الضربات هو النظام السوري , وعلى رأسهم روبرت فورد السفير الأمريكي السابق في سوريا , وتشاك هيغل وزير الدفاع الأمريكي الذي استقال – أو أقيل – من منصبه أمس بسبب خلافاته الحادة مع البيت الأبيض بشأن جدوى الضربات الجوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية .
أما روبرت فورد فقد أعلن صراحة منذ أيام : "لقد بتنا نقوم بدور القوات الجوية للأسد، فضربات التحالف الدولي في سورية تضر وتضعف المعارضة المعتدلة، وطالما استمر نظام بشار الأسد في حكم سورية فمن الصعب هزيمة تنظيم دولة داعش" .
وأما وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل فقد صرح في مؤتمر صحفي بداية الشهر الجاري "بأن نظام بشار قد يستفيد من ضربات التحالف" , فهل هناك دليل دامغ على هذه الاستفادة بعد هذه التصريحات من كبار القادة العسكريين والمسؤوليين السياسيين الأمريكيين ؟!!
وتأتي الغارات الجوية التي شنتها طائرات نظام الأسد أمس واستهدفت مدينة الرقة , والتي أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 90 شخصا حسب آخر الإحصائيات , ناهيك عن عشرات الجرحى والمصابين , لتأكد المؤكد وتثبت المثبت بأن المستفيد الأول من ضربات التحالف الدولي هو النظام السوري .
واللافت في هذه الغارات التي شنتها طائرات بشار أنها تركزت على المناطق المدنية المكتظة بالسكان , بينما تجنبت أي ثكنة أو موقع لتنظيم ما يسمى "داعش" العدو المفترض لكل من واشنطن والنظام السوري !!
فقد أكد ناشطون من المدينة أن طيران النظام الحربي شن ثماني غارات جوية على أحياء الرقة السكنية، استهدفت إحداها تجمعاً كبيراً من المدنيين في محيط المتحف الوطني وسط المدينة، وتجمعاً آخر في منطقة الصناعة، مما أدى لسقوط أكثر من 150 مدنياً بين قتيل وجريح , كما تعرض "مسجد الحني" إلى القصف الذي أدى إلى سقوط مئذنته وأصابه بدمار كبير , فهل هذه المواقع تتبع لتنظيم الدولة حتى تقصف ؟!
لم يكن موقف الائتلاف الوطني السوري المعارض ممثلا برئيسه هادي البحرة من استفادة النظام السوري الكبرى من ضربات التحالف الدولي ضد ما يسمى "داعش" مختلفا عن كثير من المسؤولين والمحللين , فقد ندد الائتلاف في بيان له ما وصفها بـ"المجزرة الوحشية التي ارتكبها طيران الأسد في الرقة"، وحذر رئيسه من تكرار نظام الأسد لمثل هذه الضربات "مستغلاً الحضور الجوي لطائرات التحالف " .
وأضاف البحرة : "الكثير من الأصوات بدأت تتعالى منادية بأن نظام الأسد بات المستفيد الأول من ضربات التحالف، وأن الاستراتيجية الحالية بحاجة إلى تعديل."
إلا أن أمثال هذه الدعوات لتغيير استراتيجية التحالف لا يبدو أنها ستلقى استجابة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها , ولعل استقالة – أو إقالة – وزير الدفاع الأمريكي بالأمس مؤشر على ذلك , ناهيك عن المصالح الأمريكية والغربية في سورية والمنطقة , والتي يأتي في مقدمتها ضرب الفصائل الإسلامية المقاتلة ضد النظام السوري , والتي بلا شك تتفق مع أهداف بشار وتجعل من إبقائه في منصبه - في هذه المرحلة على الأقل - ضرورة و رغبة أمريكية غربية وإن كانت غير معلنة .