أنت هنا

ربما المغرب أيضا في الطريق..
13 محرم 1436
موقع المسلم

في جلسة عاصفة. استدرك النائب عن حزب العدالة والتنمية المغربي محمد الزويتن، على الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، ورئيس فريقه البرلماني إدريس لشكر؛ فاتهم الأخير الأول بـ"الإرهاب"، صائحاً: "تستعملون أسلوب المليشيات لمنعي من الكلام"، معتبرا ذلك "نوعا من الإرهاب الذي لن يخيفني"!

السياسي الاشتراكي العتيد الذي ينخرط ضمن منظومة معارضة تجمع الليبرالي واليساري، الاشتراكي والرأسمالي معاً، ليس لها من برنامج سوى الإطاحة بحكومة بنكيران، حكومة حزب العدالة والتنمية ذي التوجه الإسلامي، وهي المنظومة التي وصفها مصطفى بابا نائب رئيس قسم التأطير الخارجي في حزب العدالة والتنمية، بـ"الكائنات الهجينة التي ابتليت بها السياسة في المغرب، الذين لا شغل لهم سوى التهجم على الحكومة التي يقودها العدالة والتنمية، يريدون أن يحاسبوا العدالة والتنمية في ثلاث سنوات من أدائه الحكومي"، مضيفاً: "يحق لنا أن نحاسبهم نحن عن 50 سنة من سوء التدبير ونسائلهم كيف كانوا يوزعون خيرات البلد، فالحساب لكم وليس لنا".

هذه المنظومة تقوم بدور بات اعتيادياً الآن في العالم العربي.. حكومة لحزب منتخب حائز على الأغلبية، تخفق المعارضة العلمانية في الإطاحة به عبر الصندوق، فتلجأ إلى التشويش وترويج الشائعات، مستغلة آلة إعلامية مسعورة وموتورة، مستعينة بأدوات التعويق الاعتيادية.. جمعيات مشبوهة لما يُسمى بـ"المجتمع المدني" مجهولة التمويل والامتدادات الخارجية، تأبى أن تخضع لرقابة حقيقية من مؤسسات الدولة لاسيما الحكومة والبرلمان، محاولات عرقلة متعمدة من نافذين.. خلط كل هذا في وعاء ينتهي آكله إلى عكس إرادة الناخبين ومصادرة هويتهم واستقلالهم.

خلال الأسبوع مثلاً، تظاهر العديد من منظمات حقوقية ونسوية في المغرب رفضاً لما تعتزم حكومة بنكيران اللجوء إليه من قرارات صارمة في حق الجمعيات التي لا تصرح بالتمويلات الأجنبية، قد تصل إلى حد الحل أو الحرمان من صفة "المنفعة العامة" التي تعطيها الحق في الاستفادة من دعم الدولة. هذا الإجراء القانوني الطبيعي استدعى احتجاجات جلب معها المتظاهرون تاريخ المغرب كله من التجاوزات في مجال حقوق الإنسان فحملوه لحكومة بنكيران، فيما لم يكونوا يفعلون هذا قبلها!

حكومة لا تبدو فاشلة، تتخذ إجراءات كثيرة لمنع الفساد، وتسعى بكل قوتها لتحقيق الرفاه للمواطنين المغربيين، لكن أخطاءها تضخم بشكل واضح بغرض إفشالها في الانتخابات القادمة، بل ربما قبلها؛ فالاحتشاد الذي ينظمه ناشطون علمانيون في نقابات الشغل يظهر استباقياً تحت لافتات مختلفة، بغرض الإطاحة بحكومة العدالة والتنمية أو هدم شعبيتها التي لا يطمئن العلمانيون إلى أنها انخفضت إلى الحد الذي يأملون به؛ فالأحزاب الفاشلة التقليدية ليست غريبة في إخفاقاتها على الناخب المغربي بما يمنح العدالة والتنمية فرصة أكبر لتجاوز محنته في الحكم للمرة الأولى؛ فحتى الآن تقود المؤشرات إلى تصور مقلق للأحزاب المرتبطة بالغرب..

لذا، صار اللجوء إلى المطلب الأخير الاعتيادي أيضاً في المنطقة العربية، وهو العمل على ألا تنظم حكومة منتخبة الانتخابات بدعوى أنها غير أمينة عليها، وهي دعوى لا يمكن قبولها في أي نظام ديمقراطي، ولا حتى من قبل الملك ذاته، والذي أكد محمد رضا بنخلدون، النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية أنه يؤكد على أحقية العدالة والتنمية في تنظيم الانتخابات وفقاً للأعراف الديمقراطية المعروفة والثابتة.

أجواء مشحونة، نأمل ألا تكون تعبر إلا عن تنافس انتخابي صحي، لا عن تحضير استنساخي لطرق مصادرة إرادات الشعوب الحرة.