ماذا بعد تهديد الحوثيين لهادي؟
9 محرم 1436
تقرير إخباري ـ المسلم

رغم وضوح السياسة المتبعة من قبل أعداء الإسلام من الصليبيين والصهيونيين والصفويين تجاه أهل السنة من المسلمين , المتمثل بالتحالف مع بعضهم ضد البعض الآخر حتى إضعافه كليا أو القضاء عليه , ومن ثم الالتفات إلى القضاء على من كان بالأمس القريب حليفا مؤقتا , إلا أن كثيرا من ساسة أهل السنة ما زالوا يتساقطون في هذا الفخ الظاهر والواضح .
وقد نسي هؤلاء أن عداء كل من الصادات الثلاث لأهل السنة ليس عداء مجزأ أو مؤقتا , بل عداء دائم وشامل , لا يمكن أن يستثني أحدا من أهل التوحيد والعقيدة السليمة , اللهم إلا ذلك الاستثناء المؤقت الذي يحقق مصالهم وأطماعهم في بلاد المسلمين , من خلال استخدام بعض أهل السنة ليضربوا بهم البعض الآخر , وهكذا حتى يأتوا عليهم جميعا في نهاية المطاف .
وهو ما يمكن لكل متابع حصيف أن يلحظه فيما يجري باليمن , فبعد أن تمكن الحوثيون من السيرة على العاصمة صنعاء , وبسط نفوذهم في معظم المحافظات اليمنية , بتسهيل ومساعدة بعض الأطراف السنية المحلية والإقليمية , بل بتواطئ رئيس البلاد عبد ربه منصور هادي كما تقول بعض التقارير , ها هي الطاولة تنقلب على أول المتحالفين من أهل السنة مع هذا الكيان المندس في جسد الأمة .
فقد أمهل ملتقى للحوثيين دعا له زعيم جماعة "أنصار الله" الشيعية المتمردة في اليمن "عبدالملك الحوثي" الرئيس عبد ربه منصور هادي 10 أيام لتشكيل حكومة جديدة , أو سيتم اللجوء لتشكيل مجلس انقاذ عسكري أو حكومة من ثوار "الحوثي" كما يحلو لهم أن يسموا أنفسهم .
وقال القيادي في الجماعة ضيف الله رسام الذي يحكم مديرية السبعين بالعاصمة صنعاء بالكامل أمنيا وقضائيا والتي يقع ضمنها قصر الرئاسة : "أمام الرئيس هادي فرصة 10 أيام لتشكيل الحكومة فأنه مالم يتم ذلك فسيتم الدعوة لأنشاء مجلس وطني أو حكومة وطنية من الثوار" .
ولم يكتف الحوثيون بذلك بل أعلنوا عن تشكيل مجلس عسكري خلال الأيام القادمة لحماية ما يطلقون عليها باسم "الثورة" , الأمر الذي يعني أنهم في الحقيقة من يحكم اليمن فعليا الآن .
وإذا كانت البداية الانقلابية على من كان بالأمس القريب سندا ومسهلا للحوثيين بدخول صنعاء , فإن الأيام القادمة تحمل سيناريوهات مماثلة مع كل من ساهم أو سهل أو صمت عن سقوط اليمن بأيدي الحوثيين من أهل السنة .
إن الفرقة والتشرذم التي تعيشها دول أهل السنة تسببت بمآس وكوارث عبر التاريخ القديم والحديث , فضاعت بسببها بلاد الأندلس بعد حكم المسلمين لها زهاء ثمانية قرون , وتساقطت بفعل تأثيرها عواصم الخلافة الإسلامية السنية واحدة تلو الأخرى بيد المجوس "دمشق وبغداد وصنعاء" , فمتى سيعي المسلمون تلك الآثار وهم يتلون في كتاب الله تعالى قوله : { وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } الأنفال/46 , ناهيك عن الأحاديث النبوية التي تحذر من خطر الفرقة وأثرها على الأمة .
إن الذي يتابع المشهد العام في المنطقة العربية التي مر ببعض دولها قطار ما يسمى "الربيع العربي" , يلاحظ وجود تصفية حسابات فئوية داخل الكيان السني , الأمر الذي أضعف هذا الكيان , وأغرى عدوهم المتربص بهم ليتحالف مع بعضهم ضد البعض الآخر , ليتحول "الربيع العربي" الذي كان من المأمول أن يكون ربيعا سنيا بامتياز , إلى "ربيع فارسي مجوسي" بفعل تلك الممارسات .
لقد اعتبرت صحيفة "الشارع" أن المهلة عبارة عن تهديد واضح للرئيس هادي , وتمهيدا للانقلاب عليه والإطاحة به من الرئاسة ، وهذا أول الغيث في سلسلة الانقلابات الحوثية المتوقعة مستقبلا على أهل السنة في اليمن؟
إن العجب كل العجب أن يستبشر بعض حلفاء الحوثيين بهذا التهديد , الذي يجعل من "هادي" يتصرف وكأنه رهينة للحوثيين أو متواطئ معهم ، حيث عنونت صحيفة "اليمن اليوم" المملوكة للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح صفحتها الرئيسية بخبر تحديد الحوثيين مهلة عشرة أيام للرئيس هادي، كما نشرت الصحيفة صورة لصالح بوجه ضاحك أعلى الصحيفة ، وكأنهم في مأمن من مثل هذا التهديد في المستقبل القريب !!.
وسواء نفذ الحوثيون تهديدهم وأقصوا هادي عن منصب الرئاسة , أو أبقوه كواجهة ليحكموا البلاد باسمه , حيث إن بقاء الوضع كما هو اليوم هو أفضل للحوثي من إخراج هادي من السلطة والحلول محله كما يرى بعض المحللين , فإنهم على أي حال لن يبقوا مستقبلا أي دور لأهل السنة في اليمن إن استطاعوا .
فمتى سيعي من يتعامل مع الحوثيين وأمثالهم من أهل السنة هذه الحقيقة ؟؟ ومتى سيدركون حقيقة المثل القائل : "أكلت يوم أكل الثور الابيض" ؟؟