ولاء الأتراك العلويين لنظام بشار
6 ذو الحجه 1435
علي محمد طه

تشكل طائفة العلويين في تركيا قوة سكانية لا يستهان بها, وهي إحدى الفرق المنشقة عن الدين الشيعي الصوفي، ويعتقد الكثير من علويّي تركيا أنهم دين مستقل تمامًا عن الإسلام لهم فكرهم ومعتقدهم المستقل ويختلفون مع المسلمين السنة في ثوابتهم وفروع دينهم ، ويعيش العلويون منتشرين في عدة مناطق من تركيا موزعين بين عدة أعراق: فمنهم الترك والكرد والعرب .

 

و يرفض العلوية الكثير من المسلمات الأساسية في الدين الإسلامي والأديان السماوية مثل(الصلاة ، الجنة والنار ، الحج ، صوم رمضان )

 

ويتصف الفكر الديني العلوي عموما بالغموض ,لذا لا توجد جمعيات علوية تعمل على نشر فكرهم الديني والتبشير به، ويؤمنون بقدسية علي بن ابي طالب رضي الله عنه والأئمة الاثني عشر ,ومعظمهم يوصل قدسية علي رضي الله عنه لمرتبة الألوهية ، كما يؤمنون بتناسخ الارواح ، ولايصلون في مساجد المسلمين ولهم معابد خاصة تسمى (بيت الجمع) ،ويتمايز العلويون عن الشيعة بتقديسهم لشخص (محمد بن نصير النميري) الذي يعتبرونه أحد نواب الإمام المهدي في فترة الغيبة الصغرى، ويعتبر علويو تركيا امتدادا طبيعيا لعلوية سوريا ولبنان فهم يقطنون سلسلة جبال متصلة من منطقة عكار في شمال لبنان مروراً بسوريا وانتهاء بمنطقة جبال طوروس في تركيا ، وحتى الربع الأول من القرن العشرين كان الاسم السائد عنهم في كتب التاريخ هو(نصيرية), وقد كان للاستعمار الفرنسي في بدايات القرن الماضي لبلاد الشام دور كبير في تغيير مسماهم من نصيرية الى علوية .

 

* العلويون في تركيا.
تشير التقارير وتثبت الوقائع والممارسات، أن هناك أصنافاً متعددة لعلويي تركيا، فمنهم الشيعي الاثني عشري الصرف، ومنهم العلوي النصيري (الخصيبي) بدرجات وفئات ، ومنهم البكتاشيون،ويبلغ تعدادهم ما يزيد على ربع سكان تركيا، أي حوالي /18/ مليوناً، ويسعى العلويون للاعتراف بحقهم في أن يمثلوا في رئاسة الشؤون الدينية أسوة بالمسلمين السنة، أو السماح لهم بإنشاء مجلس ديني خاص بهم، وفي إلغاء مادة الدين الاسلامي الإلزامية من المدارس والتي تقتصر على تدريس المذهب الحنفي أو إدراج العلوية كجزء من منهاج مادة الدين.. بالإضافة إلى التطبيق الكامل للعدالة في تولي المناصب الحساسة في الجيش والأمن العام.

 

ويوحِّد علوية العالم، لا علوية تركيا وحسب، تقديس الإمام علي بن أبي طالب وموالاته! كما يجمعهم نظرتُهم إلى علويتهم أنها: ثقافة وفلسفة حياة.

 

*توجس رسمي من مستقبل العلوية وخطر التبعية للمشروع الايراني.لا تخفي الحكومات ذات التوجه الإسلامي في تركيا توجسها من تبعية علويي تركيا لإيران ,وسيرهم خلف المشروع الإيراني خاصة بعد أن أعلنت بعض مراجع إيران اعترافهم بهم كطائفة تتبع للمذهب الجعفري ، وقد بدأ تأثرهم واضحاً بمشروع إيران من خلال ترتيب الزيارات الدينية لهم للأضرحة في قم والنجف وكربلاء وزيارتهم في مناطق وجودهم في جنوب وغرب ووسط تركيا ،ومحاولة جهات تعليمية ودينية شيعية رسمية وخاصة تغيير فكرهم الفلسفي ومعتقدهم الديني إلى الفكر الجعفري الاثني عشري .

 

وفي تصريح مثير وجريء قال رئيس وزراء تركيا السابق رجب أردوغان عام 2013م موجهاً خطابه لعلوية تركيا بعد الثورة السورية وجهارهم بتأييدهم الواضح لبشار الأسد وللمشروع الايراني في المنطقة (أنه إذا كانت العلوية تعني محبة علي (رضي الله عنه)، فأنا من العلويين وقال : ( إنّه من الواضح أنه لن يترك عليًّا (رضي الله عنه) للعلويين).

 

وفهم هذا الموقف من قبل العلويين المتنفذين في المجال الثقافي والسياسي في تركيا على أنه محاولة لـ”تسنين” أو “مسْجَدة” العلويين، و نبذ أولئك الذين سيرفضون الإذعان لذلك.

و حاول نائب رئيس الوزراء التركي (إيمرله ايسلر) تفسير تصريحات أردوغان تجاه علوية تركيا قائلاً :لا يمكننا أن نعتبر دور عبادة العلويين هي دور عبادة؛ لأننا نعتبر العلوية تابعة للإسلام، وما دام العلويون يعتبرون أنفسهم مسلمين، فإن دار العبادة في الإسلام هو المسجد.
وفي ذلك رد على بعض قيادات العلويين الدينية التي صرحت بأن العلوية دين مستقل, ولاعلاقة لهم بالمسلمين .

 

- دور العلويين في تركيا-

يتغلغل العلويون في كثير من مناحي الدولة التركية, ولهم نفوذ قوي في الإعلام والثقافة والفن والجيش، وكثير من قيادات تركيا السياسية قبل تولي حزب العدالة والتنمية الحكم تعود للطائفة العلوية ، وينتمي معظمهم للأحزاب اليسارية العلمانية.
ومن أشهرالشخصيات العلوية في تركيا تلك الزعامات المترأسة لحزب (الشعب) وهي شخصيات مناهضة لسلطة حزب العدالة والتنمية وﻏﺎﻟﺒﻴﺘﻪ ﻣﻦ (ﺍﻟعلوية ) ﻭ ﻳﺘﺰﻋﻤﻪ ﺍﻟعلوي ﻛﻤﺎﻝ ﻗﻠﻴﺘﺶ ﺩﺍﺭ ﺃﻭﻏﻠﻮ.

ومن أشهر الزعامات العلوية أيضاً الزعيم الكردي ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻭﺟﻼ‌ﻥ ﺍﻟﻜﺮﺩﻱ وﻫﻮ (علوي) و(صالح مسلم) زعيم حزب

 

وعلوية تركيا ﻫﻢ ﻣﻦ ﻳﺘﺤﻜﻢ ﺑﺎﻟﺠﻨﺎﺡ ﺍﻟﻜﺮﺩﻱ ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ ﺗﺤﺖ ﺷﻌﺎﺭ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﻜﺮﺩﻳﺔ، وقد كان لهم بالتعاون مع القومجية العربية دور كبير للترويج لمسمى الاحتلال العثماني والدعوة لمناهضته، وينشط علوية تركيا في الإعلام العلماني في تركيا وجل إعلامهم مناويء لسلطات الحكم في تركيا ويسير ويواكب تطلعات المشروع الايراني .

 

* العلويون ومناصرة سلطة بشار الاسد.
لم يعرف الكثير من العرب بوجود الطائفة العلوية في تركيا إلا بعد تفجر الثورة السورية ، وما أفرزته من تحزبات وتكتلات مع وضد النظام السوري، فكان ممن أيد النظام السوري علوية تركيا وهم في جلهم مجاورين لمناطق علوية سوريا في جنوب غرب ووسط تركيا ، ويعتقد الكثيرون منهم أن أصولهم عربية سورية وأن الاستعمار الفرنسي وحكومة تركيا في بدايات القرن العشرين هم من انتزعتهم من حضن وطنهم الأصلي ليفصلهم عنها لضمهم لدولة تركيا الحديثة ،ويناصر النظام السوري حسب دراسات تركية غالبية الطائفة العلوية التركية التي ترى في ثورة سوريا مؤامرة على نظام الأسد ، وقد كانت لهم ردات فعل كثيرة ضد سياسة بلادهم المؤيدة للثورة السورية منها خروج مظاهرات عارمة ضد نظام الحكم عمت بعض المناطق في بلادهم نددت بسياسة بلادهم المناهضة للحكم في دمشق ,وقد كان أشهرها مظاهرات دوار تقسيم الشهيرة في إستنبول التي ساهمت في تحقيق شيء من مقولة الأسد (بأن نار حربه ستطال كل دول الجوار) ,وقد ثبت في التحقيقات التي نشرتها الصحف التركية أن هذه المظاهرات تم التنسيق والاستعداد لها بتعاون بين قيادات علوية تركية والنظام السوري وإيران بهدف زعزعة استقرار وأمن تركيا ، وتكررت زيارات قيادات حزب الشعب التركي لدمشق خلال الثورة السورية معلنة تأييدها التام ومساندتها لنظام دمشق في حربة على ما يسمونه بالإرهاب والمؤامرة الكونية ، وقد ساهمت وسائل إعلامهم بدعم سياسات الأسد الوحشية القمعية ضد المتظاهرين السوريين ، وعلى النطاق الشعبي قام المؤيدون العلويون بالتوجّه إلى الساحل السوري للدفاع عن الطائفة وسلطتها هناك، ولعل القيادي (معراج آورال) قائد مذبحة بانياس الشهيرة ضد اهل السنة يعد من أشهر القيادات العسكرية العلوية التركية التي ساهمت مباشرة في قتل وذبح السوريين ، والكثير من علوية تركيا قتل ومنهم من بقي في الساحل السوري إلى اليوم يدافع عن الطائفة وعن ما تبقى من النظام السوري هناك.

 

وقد أثبتت التحقيقات القضائية العسكرية التركية أن رجال الأمن من الطائفة العلوية في منطقة (هاتاي ) القريبة من الحدود السورية هم من قام بالتغرير بالقيادي السوري المنشق المقدم (حسين هرموش )وزميله (مصطفى قاسم) ليتم تسليمه للسلطة السورية ،ونقلت وكالة الأناضول التركية بياناً عن مكتب النائب العام في منطقة أضنة في جنوب تركيا جاء فيه أن الضابطين اللذين كانا يقيمان في مخيم (التينوزو) للاجئين في محافظة هاتاي قرب الحدود مع سوريا، سلما "بالقوة" إلى أجهزة الأمن السورية، وكان المقدم حسين هرموش قد أسس بعد انشقاقه عن الجيش السوري ما يعرف الآن بالجيش السوري الحر، وتشير تقارير إعلامية إلى أن النظام السوري قد نفذ فيه حكم الإعدام بعد استلامه من تركيا، وبعد حادثة التسليم هذه قامت الحكومة التركية بوضع الضباط السوريين المنشقين في أماكن خاصة محمية من قبل ضباط أمن لاينتمون للطائفة العلوية ، ولم تكن هذه هي الحادثة الوحيدة من قبل علويي تركيا ضد الضباط السوريين , فقد حدثت حالات قتل وخطف لناشطين وإعلاميين سوريين في تركيا وبعدها ,وصف بأنه جرى في ظروف غامضة .

 

ولا تخفي الطائفة العلوية عموما موقفها المناهض للسوريين المقيمين في مناطقهم ، حيث تعرض الكثير منهم للضرب والترحيل والمضايقات ,ويفضل الكثير من السوريين الرحيل للعيش في المناطق السنية الكردية والتركية والتركمانية على البقاء في مناطق ذات الأغلبية العلوية التي يشعرون فيها بالخوف وانعدام الأمن والتهديد بالخطف والتسليم للدولة السورية.

 

اخيراً , لا تفسير للموقف الشعبي العلوي في تركيا والمتماهي مع الموقف المماثل لعلوية وشيعة سوريا ولبنان وإيران والخليج في تأييدهم النظام القاتل في دمشق إلا أنه ينطلق من موقف طائفي أعمى, وقد فرقتهم المسميات وجمهعم الفكر والمصير الطائفي المشترك.

 

 

المصدر/ المثقف الجديد