تشويه حراك أهل السنة
20 شوال 1435
تقرير إخباري ـ المسلم

منذ اللحظات الأولى لانطلاق حراك أهل السنة في دول ما سمي "بالربيع العربي" عموما , لاستعادة بعض حقوقه المشروعة المسلوبة منه منذ عقود , و سيناريو تشويه هذا الحراك معد سلفا من قبل الغرب وطهران , من خلال إلصاق تهمة "الإرهاب" برموزه في بعض الدول , ناهيك عن صناعة فصيل متطرف يقوم بإنهاك وتشتيت جهود أهل السنة في مواجهة عدوهم الصهيوأمريكي والمجوسي الحقيقي في دول أخرى .
وإذا كانت تهمة "الإرهاب" مناسبة لتشويه صورة كل من يعارض ما جرى في بعض دول "الربيع العربي" من انقلاب على العملية الديمقراطية التي لم ترق نتائجها للغرب وحلفائه في المنطقة , فإن صناعة فصيل تكفيري متطرف , أو دعم وجوده وتقويته ليواجه أهل السنة بالنيابة عن الغرب وحلفائه في كل من العراق والشام كان أكثر مناسبة وأجدى نفعا .
إن من يتابع ما يجري اليوم في كل من سورية والعراق بعد سنوات من حراك أهل السنة فيهما لاستعادة حقوقهما المسلوبة منذ عقود , يلاحظ مقدار التشويه المتعمد لحراكهما , من خلال تسليط الضوء على تصرفات وأفعال تنظيم ما يعرف "بالدولة الإسلامية" في كلا البلدين , ومحاولة تعميم ذلك على حراك أهل السنة في المنطقة .
لقد دخل ما يعرف "بتنظيم الدولة" إلى سورية بعد فترة من حراك أهل السنة المسلح فيها ضد نظام بشار , باسم مساعدة الثوار في إسقاط النظام , فإذا به ينشغل بمحاربة ومواجهة الثوار أكثر من انشغاله بهدفه الأول المعلن "إسقاط النظام" , وإذا بمئات المجاهدين والمجاهدين المسلمين من الثوار يقتلون على يد هذا التنظيم باسم الإسلام , في الوقت الذي لم يستطع النظام السوري بكل قوته وعتاده الوصول إلى هؤلاء القادة .
وبدلا من أن يتفرغ الثوار لمواجهة قوات بشار والمليشيات الرافضية المؤيدة له , إذا به يضطر لمواجهة هجمات "تنظيم الدولة" المتكررة على مواقعه في أكثر من محافظة ومدينة وقرية , كان آخرها مواجهات بين الفصائل السورية المقاتلة و"التنظيم" في شمال حلب , الذي سيطر على ست قرى استراتيجية يحاول الثوار استعادتها .
لقد استطاع الغرب وحلفائه من أعداء أهل السنة – على ما يبدو – من تشويه حراك المسلمين من أهل السنة في سورية وتشتيته , وذلك من خلال صناعة فصيل يواجه ذلك الحراك بالنيابة عنهم , ليصبح انشغال الجميع اليوم – بما فيهم الثوار في سورية مضطرين - بمواجهة "تنظيم الدولة" بدلا من إسقاط النظام السوري .
بل إن ممارسات "تنظيم الدولة " العجيبة تجاه الثوار في سورية , جرأت أهم المشاركين بالعدوان على أهل السنة فيها , وأكثر الغارقين بدمائهم والمهجرين لأبنائهم – حسن نصر الله - يتبجحون اليوم بالحديث عن خطر "تنظيم الدولة" على الجميع في المنطقة – وعلى رأسهم أهل السنة – كما يقول .
وفي العراق يمارس الغرب نفس اللعبة ويحاول تنفيذ نفس السيناريو , فبعد أن خرجت أكثر من مدينة عن سيطرة المالكي الرافضي شمال العراق , يحاول الغرب وطهران استمالة عشائر أهل السنة وثوارها للمشاركة في محاربة "تنظيم الدولة" , أو على أقل تقدير إيقاف الحرب بينهم وبين الحكومة العراقية , خاصة بعد مسرحية انتهاء حقبة ظلم أهل السنة , من خلال إقصاء المالكي وتنصيب "العبادي" على رأس الحكومة الجديدة .
ومع صعوبة تحقيق مطالب أهل السنة في العراق للمشاركة في حكومة "العبادي" الجديدة ودعمه , والتي تمثلت : بوقف قصف المحافظات والمدن السنية , والافراج عن المعتقلين , وايقاف الاعدامات , وسحب الميليشيات من المدن ، وإلغاء مادة الإرهاب من الدستور العراقي , وتعويض المتضررين، وصرف رواتب الموظفين، وإجراء استفتاء في المحافظات السنية الـ6 بشأن تحويلها إلى إقليم ....
إلا أن ما يعنينا هو استغلال الغرب وطهران لممارسات وأفعال "تنظيم الدولة" لتشويه صورة ثورة العشائر والمكونات السنية في العراق , وتفويت الفرصة من تحقيق مكاسب أكبر وأكثر لأهل السنة في العراق , لولا نشوء هذا "التنظيم" وقراراته وتصرفاته المنفردة .
لقد تجاهل هذا التنظيم جميع نداءات الثوار بسورية لرأب الصدع وإزالة الخلافات , كما رفض الاحتكام لأي هيئة شرعية محايدة , وأصر على خضوع الجميع له وانضوائهم تحت رايته , خاصة بعد إعلانه الخلافة الإسلامية منفردا , ليسد بذلك الباب أمام أي مصالحة أو حتى تحالف مرحلي تجاه العدو المشترك لهما .
فإلى متى سيبقى التشتت والخلاف بين أهل السنة العامل الأبرز في فشل حراكهم لنيل حقوقهم ؟! وإلى متى سيستثمر عدوهم المشترك ذلك الخلاف والتشتت في تشويه صورة حراكهم , وضرب بعضهم ببعض وإشغالهم عن مواجهته ومحاربته ؟!